الاثنين - 06 مايو 2024
الاثنين - 06 مايو 2024

الإمارات تُصدر إعلام التسامح والإنسانية في مقابل خطاب الكراهية والعنف

اتفق كبار الإعلاميين في الوطن العربي أن الإمارات من خلال تبنيها قيم التسامح أضحت عاصمة العالم للتعايش المشترك والسلام، ما انسحب على الخطاب الإعلامي في مقابل وسائل إعلامية تحض على العنف والكراهية والتمييز.

وأوصى هؤلاء بضرورة تفعيل وثيقة الأخوة الإنسانية التي صدرت في فبراير الماضي 2019، برعاية الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب والبابا فرانسيس بابا الفاتيكان من أبوظبي، لا سيما في القطاع الإعلامي الذي يمتلك القدرة على تكوين ثقافة الجمهور في الوطن العربي.

ومن المتوقع أن يُصدر نحو 200 من كبار الإعلاميين العربي دليلاً ووثيقة تحوي خلاصة أفكارهم ومناقشاتهم نحو أنسنه الإعلام، بحيث يتضمن الكثير من مبادئ الوثيقة الإنسانية للأخوة التي أصدرت في فبراير 2019 من أبوظبي بحضور شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان.

وتفصيلاً، قال وزير التسامح بدولة الإمارات الشيخ نهيان مبارك آل نهيان، إن دعوة مجلس حكماء المسلمين، لتنظيم التجمع الإعلامي العربي، هي إعلان قوي، بأن الأخوة الإنسانية، وما يتصل بها من سلوك متسامح، وما يترتب عليها، من نتائج ملموسة، في سبيل تقدم المجتمع، ورفعة الإنسان، هي تأكيد لتعاليم الإسلام الحنيف.

وأضاف خلال كلمته بمؤتمر التجمُّع الإعلامي العربي، من أجل الأخوة الإنسانية، أن تجمُّع اليوم للإعلان بكل ثقة واعتزاز عن أن الإسلام دين يحترم الفكر والعقل، ويدعو إلى المبادرة والعمل الجاد، في سبيل الخير والحياة الكريمة للفرد، والرخاء للمجتمع، والتنمية والتقدم للعالم كله.

من ناحيته، قال أمين عام مساعد جامعة الدول العربية الدكتور قيس العزاوي، إن الإمارات أضحت عاصمة عالمية للتعايش المشترك، وإن مناسبة الاحتفال بالذكرى الأولى للتوقيع على وثيقة الأخوة الإنسانية، مناسبة تحمل العديد من الدلالات الإيجابية في حياة شعوبنا لما للأخوة من معانٍ سامية، ولما للتوصل إلى وضع هذه الوثيقة من اعتبار للجهود التي بذلت وساهمت في بناء هذا الكيان الإنساني الذي يمثل جسراً للتواصل والمحبة، باعتباره خطوة مؤسسة لعالم أكثر انفتاحاً وتسامحاً، ودرعاً قوياً لتفادي المزيد من الصراعات ونبذ كل أسباب التفرقة والعنصرية بين بني البشر.

وأشار إلى أن الجامعة العربية تولي اهتماماً كبيراً لمد جسور التعاون بين الأديان والثقافات، وترسيخ قيم التسامح والتعايش والسلام، وتعمل على نشر هذه القيم وفي هذا الإطار اعتمد مجلس جامعة الدول العربية "الخطة الاستراتيجية العربية الموحدة لتحالف الحضارات".

من ناحيته، قال وزير إعلام الفاتيكان باولو روفيني، إن الزيارة الرسولية إلى أبوظبي قد جسدت بشكل كامل إحدى اللحظات الأكثر أهمية بالنسبة للجمهور العالمي إزاء البابا فرنسيس، وكذلك سجلت وسائل الاتصالات الفاتيكانية في تلك الأيام أعلى مستويات المشاهدة ووصلت إلى شرائح جديدة من الجمهور وليس فقط على منصات التواصل الاجتماعي، مضيفاً أن الجهد الإنتاجي الملحوظ للدائرة الفاتيكانية قد تركز على الإنتاج ذي المحتوى الكتابي وأيضاً على الفيديو، وبشكل خاص تمت متابعة مؤتمر الأخوة الإنسانية (وكذلك القداس الإلهي الذي تمَّ الاحتفال به في اليوم التالي) مباشرة عبر الموقع الإلكتروني وقناة يوتيوب وصفحات التواصل الاجتماعي.

من ناحيته، أكد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام المصري مكرم محمد أحمد، أن أفعال الرئيس التركى رجب طيب أردوغان وقطر تناقض ما تدعو إليه وثيقة «الأخوة الإنسانية» التي وقعها الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، وأجمع العالم عليها.

وتساءل عن العلاقة بين التسامح الذي تدعو إليه وثيقة الإنسانية والتي تشتمل على التسامح في شتى المجالات وفي الإعلام ،وبين الإرهاب والقتل وسفك الدماء الذي يدعو إليه الرئيس التركي، مشيراً إلى أنه بينما تتبنى دول وقنوات خطاباً يحض على الكراهية والعنف، تبذل الإمارات جهوداً في تبني قيم التسامح والعيش المشترك.

الإعلامي يتحمل مسؤولية المبادئ الإنسانية في وسيلته

واتفق إعلاميون شاركوا في جلسة نقاشية بعنوان مبادئ وثيقة الأخوة الإنسانية مدخلاً لتعزيز أخلاقيات الصحافة، على أن الصحافيين والإعلاميين يتحملون بأنفسهم تطبيق الأخلاقيات والمبادئ الإنسانية الواردة في وثيقة الأخوة الإنسانية قبل مؤسساتهم الصحافية والإعلامية، مشيرين إلى ضرورة أن يتم تدريس الوثيقة في كليات الإعلام المتخصصة لتأهيل جيل جديد من الإعلاميين على المبادئ الإنسانية.

وجاءت ورشة الملتقى الثالثة بعنوان مبادئ وثيقة الأخوة الإنسانية مدخلاً لتعزيز أخلاقيات الصحافة، أدارتاها الإعلامية بولاند سيمون وشارك فيها الإعلاميون، رئيس جمعية الصحفيين الإماراتية - رئيس تحرير صحيفة الرؤية الإماراتية محمد الحمادي، ورئيس قناة النهار المصرية عمرو الليثي، ومقدم البرامج المصري محمد علي خير، ومقدم البرامج اللبناني طوني خليفة، ورئيس شبكة الخدمات العربية في قناة سي أن أن الأمريكية كارولين فرج، ورئيس قسم الأخبار في التلفزيون العماني يوسف الهوتي.

وأكد الحمادي أن تطبيق مبادئ الأخوة الإنسانية مسؤولية الإعلامي بالدرجة الأولى قبل أن تكون مسؤولية المؤسسة الإعلامية، ضارباً المثال بالتحدث عن المرأة باحترام والطفل وجميع فئات المجتمع وأصحاب الديانات الأخرى مشيراً إلى تجربة دولة الإمارات الناجحة في تغيير بعض المفاهيم وإحداث نقلة نوعية في تعزيز المبادئ الإنسانية مثل تغير مسمى المعاقين إلى أصحاب الهمم والمسنين إلى كبار المواطنين، ما أعطى لهم دفعة نفسية قوية غيرت نظرة المجتمع لهم وجعلتهم يفخرون بما هم عليه ويتحركون بحرية في شتى المجالات.

وأضاف الحمادي أن هناك 10 ملايين إنسان، 9 ملايين منهم غير إماراتيين، نحو نصف من يعيش في الإمارات غير مسلم، فهذا يعتبر مشهداً من التعايش والتأقلم وحب المكان، مشيراً إلى أنه يجب أن يتم الترويج للوثيقة التي لا تتعارض مع حقوق الإنسان في العالم، بل تتوافق، وهذا هو المطلوب من إعلاميي الوطن العربي، ونحن بحاجة إلى خطوة للإمام في هذا الملف.

وأكد محمد علي خير، أن الوثيقة والحوار الذي دار بين شيخ الأزهر والبابا فرانسيس، تعتبر خلاصة عما أتت به كافة الأديان والتي تقوم على مبادئ العدل والخير والحق، وأكدت على المبادئ الأساسية بشكل عاجل، مشيراً إلى أنها أتت لتذكيرنا بالمبادئ التي هي موجودة في الأصل.

وقال طوني خليفة إن الإنسان وحقوقه سيكون ضحية الصراعات على الأرض وعلى شاشات التلفاز، حيث تشارك السياسات بدور رئيس في رسم الخريطة الإعلامية في كافة الدول حتى في الولايات المتحدة التي يعرف عنها أنها رمز الديمقراطية في العالم مشدداً على أن الإعلام المرئي والمكتوب متجه نحو الزوال، والمستقبل هو في وسائل التواصل الاجتماعي والمواطن الصحافي.

وقال يوسف اللهوتي إن العرب لديهم أخلاق والرسل جاؤوا ليتمموا مكارم الأخلاق، مضيفاً أن في كل القنوات الفضائية خلال نشرات الأخبار لا أحد يستطيع تغيير أي شيء في الخبر، مضيفاً: "تسببنا في شرخ في هذا الأمة كإعلاميين وهذه هي الحقيقة ومسؤولون عما يحدث الآن في الوطن العربي، من تشرذم وشد وجذب، بدءاً من الاحتلال الأمريكي للعراق ومروراً بما يحدث في سوريا."

وتابع: "نحن أمام معادلة جديدة وتحقيق رؤية جديدة للإعلام العربي، يجب أن نكون جميعاً كعرب لنا رأي واحد مثلما كان قبل الاحتلال الأمريكي للعراق بأن يكون موقفنا واحداً، أين فلسطين من خريطة الأخبار في القنوات العربية؟ هي في ذيل القائمة وهذا مسؤولية جميع الإعلاميين".

وقال عمرو الليثي: أتصور أن مسؤولية تنفيذ أخلاقيات الإعلام تقع على عاتق الإعلاميين، فهو الأداة للتنفيذ، نحن مقصرون تجاه المواطنين في بلداننا، نحن نجري على المواضيع الرائجة على سبيل خدمة المواطن، تفعيل الوثيقة مهمة الإعلاميين قبل أي مكون آخر من المجتمع.

وأضاف أن المشكلة هي ضمير الإعلامي ولا بد أن يتم تفعيلها بشكل أكبر، عبر زيادة المساحة للمنتج الإعلامي الذي يعبر عن مشاكل المواطنين قائلاً: "أشعر كإعلامي أننا متهمون بالتقصير تجاه الناس، ومنغمسون في توجه جميع المحطات نحو الترفيه على حساب خدمة المواطن."

خطاب الكراهية والتمييز في الصحافة

وفي ورشة عمل بعنوان: «خطاب الكراهية والتمييز في الصحافة»، بحضور نخبة من الإعلاميين هم الإعلامية سوسن الشاعر، والإعلامية ميس عنبر، والإعلامي ضياء رشوان، والدكتور الأب رفعت بدر، والإعلامي أحمد البشير، والإعلامي مكي هلال.

أوضحت الشاعر، أنه أحياناً يكون هناك دونية في الصحافة العربية عند التحدث عن المرأة، فعلى سبيل المثال وصفها بأنها بـ«مائة رجل»، فلماذا نصفها بالرجل عندما تكون قوية وناجحة.

ومن جانبه، قال ضياء رشوان، أن التفرقة في الصحافة ترجع أحياناً لتوجهات أو تحريض، ولوسائل التواصل الاجتماعي دور كبير في خلق العنصرية بشكل أو بآخر، ولا بد من وجود تجريم للتفرقة والتمييز بين الأفراد.

وأشار إلى أن المؤسسات الصحافية في الوطن العربي لا تعتمد في خطابتها على لغة الكراهية والتمييز وإن كانت هناك بعض الاستثناءات، وأنه لا يمكن التعميم عند الحديث عن خطاب الكراهية والتمييز، مشيراً إلى أن خطاب التفرقة قد يتواجد في بعض المؤسسات التي تخرج عن إطار القواعد والأسس المنظمة للعمل الإعلامي.

وفي سياق متصل قال مكي هلال إن المنطقة العربية تعاني من زخم من المشاكل والصراعات العديدة وإن الصحافة الغربية بكل وسائلها، تتعلم وتكتشف كل ما هو جديد، وأننا نعاني من فوضي المفاهيم والمصطلحات، حيث يخلط البعض في كثير من الأحيان على سبيل المثال بين النازح من بلده ومن يهاجر خارجها.

وأوضح أن الصحافي في بعض الأحيان لا يهتم إلا بالقصة الصحافية والسبق المهني، وأن بعض الصحافيين يذهبون في بعض الأحيان لإعداد تقارير دون إعداد المادة المطلوبة لذلك والتي تعينه على إعداد تقارير متكاملة خاصة عند إعداد مواد إعلامية عن قضية المهاجرين، مؤكداً أن هناك نوعاً من خطاب الكراهية والتمييز الذي يمارس ضد الصحافيين ورجال الإعلام.

ومن جانبه، قال حمدي رزق إن خطاب الكراهية والتميز متواجد وبقوة في وسائل الإعلام وإن هناك من يعمل على تغذية هذا الخطاب وبثه في المجتمع، وإن هناك بعض المجتمعات اعتادت على خطاب الكراهية وأصبحت تتحدث عنه بشكل طبيعي ومعتاد.

وأكد أنه يجب أن نعلم أن خطاب الكراهية متواجد في كافة أشكال وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمكتوبة، وأن هناك أرضية خصبة في بعض المجتمعات لاستقبال هذا الخطاب الذي يقوم على الكراهية والتمييز، موضحاً أنه يجب أن نعمل على تغذية خطاب المحبة من خلال عدة وسائل تعمل على تحفيز خطاب المحبة.

وأكد «رزق» أن الأمة العربية مكبلة بالعديد من التشريعات التي تعيق تطبيق القوانين والتجارب التي تدعم المحبة، وأن من الوسائل التي قد تشجع على خطاب المحبة أن تكون هناك جائزة سنوية تمنح لمن يقوم ويدعم خطاب المحبة.