الأربعاء - 22 مايو 2024
الأربعاء - 22 مايو 2024

الشائعات.. أبشع صور الجريمة ضد أمن المجتمع

الشائعات.. أبشع صور الجريمة ضد أمن المجتمع

تعد الشائعات من أخطر الظواهر والأسلحة المدمرة للأشخاص والمجتمعات والدول، وهي ليست بالشيء الجديد، فقد وجدت في الكثير من الثقافات والحضارات على مر التاريخ، ولم تسلم منها دولة من الدول أو عصر من العصور.

ماذا تعني الشائعة، يعرف رجال علم الاجتماع الشائعة بأنها خبر بمفرده، أو مجموعة من الأخبار غير الصحيحة والملفقة بشكل يمكن تصديقها، وهي قريبة من معنى الكذب، تعد في مطابخ عدائية سواء كانت شائعة سياسية أو اجتماعية أو تتجه نحو الحياة الاقتصادية لأي مجتمع بقصد تخريبه من الداخل ونشرها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي بقصد التشكيك لإثارة البلبلة والتساؤل المتداول عن صحتها من عدمه.

وعن الشائعة ومخاطرها على المجتمع، قال أستاذ الثقافة والمجتمع بالجامعة الكندية في دبي الدكتور سيف راشد الجابري إن الشائعات بين الناس زادت في العصر الحديث بصورة كبيرة جداً، لافتاً إلى أنها نوعان: إما شائعة الخير «البشارة»، وهذا أمر محمود ومطلوب، أو نشر الشر الذي لن يعود على المجتمع إلا بالمخاطر المختلفة، خاصة في ظل الظروف الطارئة والأزمات التي يكثر فيها بث الشائعات المختلفة، سواء بقصد أو دون قصد.

وأشار إلى أنه في ظل أزمة «كورونا» الحالية تنتشر الكثير من الشائعات من خلال استخدام مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تعمل على زعزعة السلم والأمن الاجتماعي، مشدداً على أن الشائعة مرفوضة بكل المقاييس أياً كان نوعها، ويجب معاقبة مروجيها.

وأوضح أنه للتغلب على ذلك، يجب التحري عن مصدر المعلومة، وتجنب تصديق كل ما يقال وينشر في مواقع التواصل الاجتماعي، ويجب استقاء المعلومات من المصادر الرسمية فقط.

وللشائعات أهداف وأغراض مختلفة تدفع مروجيها لبثها، منها: سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وأمنية، وقد تقوم بها جماعات معينة أو أحزاب ما أو أجهزة معنية في دولة أو دول معادية، ويكون ذلك فى وقت السلم والحرب، وتهدف إلى إثارة البلبلة وإحداث الفتن بين الناس فى مجتمع ما أو بين دولة وأخرى من خلال بث أخبار كاذبة تؤدي لتضليل الناس، وتصيبهم بالهلع والذعر واليأس، مما يؤدي لفشل وانهيار المجتمع.

وتعتبر الشائعات من أبشع صور الجريمة ضد أمن المجتمع، ولها عدة مصادر، منها مواقع التواصل الاجتماعي والتي تتميز بسرعة الانتشار.

وتكثر الشائعات في وقت الأزمات لتفتك بالمجتمعات وتزعزع أمنها، ولها آثار سلبية كونها تخلق الكثير من القلق والعبث بالصحة النفسية للأفراد، وتؤثر على أمن واستقرار الدول، وتعد وسيلة لخرق وحدة الوطن والمساس بأمنه ووحدته.

كما تعمل على إضعاف الثقة بين المواطن والمجتمع من جهة، وبين قيادته ووطنه من جهة أخرى، وصمام أمان درء ذلك هو الانتماء الراسخ للوطن والثقة بالقيادة وثوابت الدولة.

ويجب مواجهة الشائعات بالحلول الوقائية لمحاربتها وكبح جماحها والتي تأتي من خلال الفهم الدقيق لأسبابها ومسبباتها والتي يكون أساسها الجهل، وسوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وفضولية البعض وخوضهم بما لا يعلمون.. إضافة إلى التحقق والتثبّت والتبيّن من صحة الأخبار وعدم تصديق ما يتم تداوله والرجوع لأصحاب الرأي في هذا الشأن.

كما يجب على المواطن الثقة بأجهزة الدولة والمصادر الرسمية منها المنابر الإعلامية والثقافية والدينية والاجتماعية، واستقاء المعلومة من مصادرها الرسمية، وإبلاغ الجهات المعنية عنها، ووضع حد لها ولمروجيها، فالشائعة مرض سريع الانتشار ينهش خلايا المجتمع المترابط.

ويجب أن تواجه الشائعات بكل حزم وبقوة القانون والوازع الديني والانتماء للوطن عن طريق الرقابة الإلكترونية، وتطبيق قانون الجرائم الإلكترونية.. وللإعلام دور توعوي مهم في هذا الجانب من خلال توفير المعلومات الصحيحة من قبل الجهات المعنية، وتفنيد هذه الشائعات، ونشر التوعية الكاملة بأخطارها على أمن المجتمع.

وعلى المؤسسات الدينية والتعليمية والثقافية والإعلامية والفنية أن تتضافر جهودها لتهذيب النفوس وغرس القيم والمبادئ الأخلاقية السوية، وتهيئة المجتمع وتوعيته بألا يصدق أو يردد ما يتلقفه من أخبار دون التأكد من مصداقيتها.

وتحرص دولة الإمارات على مواجهة هذه الشائعات من خلال سن التشريعات التي تردع مروجيها.. وتنص المادة 29 من قانون العقوبات في الدولة على أنه «يعاقب بالسجن المؤقت والغرامة التي لا تتجاوز مليون درهم كل من نشر معلومات أو أخباراً أو بياناتٍ أو شائعاتٍ على موقع إلكتروني أو على أي شبكة معلوماتية، أو بواسطة وسيلة تقنية معلومات بقصد السخرية أو الإضرار بسمعة أو هيبة أو مكانة الدولة أو أي من مؤسساتها أو رئيسها أو نائبه أو حكام الإمارات أو أولياء عهودهم أو نواب الحكام أو علم الدولة أو شعارها أو نشيدها الوطني أو رموزها أو السلام الوطني».