الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

إيقاف تجارب هيدروكسي كلوروكين لعلاج كورونا يثير الجدل بين الاختصاصيين

تباينت آراء الاختصاصيين حول قرار منظمة الصحة العالمية الوقف المؤقت للتجارب السريرية المتعلقة بعلاج مرضى «كوفيد-19» باستخدام عقار علاج الملاريا «هيدروكسي كلوروكين».

ورأى أطباء أن العلاج لم يثبت أي خطورة على المرضى في الإمارات، وأن أعراضه الجانبية بسيطة وفي بعض الحالات المحددة، لكن آخرين أكدوا أن لا فائدة منه، وأن ألمانيا لم تستخدمه إطلاقاً، لذلك لديها أقل وفيات في العالم.

وتفصيلاً، أوضح استشاري ورئيس شعبة الأمراض الصدرية في جمعية الإمارات الطبية الدكتور بسام محبوب، أن المرضى يخضعون لفحوصات قبل إعطائهم هيدروكسي كلوروكين، ولا يمكن إعطاء العقار لمرضى القلب أو أنيميا الفول، إلا أن تجاربه مع المرضى أثبتت أنه يسرع عملية التعافي من حيث المدة الزمنية.

عقار بلا فائدة

وقال استشاري الأمراض الصدرية في دبي الدكتور شريف فايد، إنه «من اليوم الأول لاستخدام الهيدروكسي كلوروكين في علاج مرضى «كوفيد-19»، كان رأينا الطبي أنه عقار بلا فائدة لمصابي كورونا، لكننا اضطررنا لاستخدامه بسبب عدم وجود بديل علاجي غيره للمرضى».

وأضاف أن أدوية الكورتيزون «اللاسترويدية» كانت تعطي نتائج إيجابية للغاية مع المرضى، إلا أن قراراً صدر بعدم استخدامها لضررها على القلب، ولكن هذا الضرر كان محدوداً لدى بعض المرضى، ويبدو أن المعلومات التي أعلنتها منظمة الصحة العالمية والإدارة الأمريكية في بداية الأزمة كانت مغلوطة بشكل كبير.

وذكر أن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استخدام الهيدروكسي كلوروكين لعلاج حالات «كوفيد-19»، أعطى ثقة لممارسي المهن الصحية والمنظمات الدولية ذات العلاقة، مشيراً إلى أنه «كلام صادر من رئيس أكبر دولة في العالم ولديه مراكز بحثية قوية وعلماء كبار، إلا أن كل المعلومات ثبت خطؤها بمرور الوقت، لأننا لا نعلم تأثير هذا الدواء على المرضى، ونسأل أنفسنا: هل التعافي يتم تلقائياً؟ أم أن للدواء دوراً؟».

ولفت إلى أن الآثار الجانبية لهيدروكسي كلوروكين على المرضى في الإمارات ليست منتشرة بكثرة، فقد يحدث في بعض الحالات ضعف أو توقف لعضلة القلب والتأثير على الرؤية البصرية، وارتفاع إنزيمات الكبد، إلا أن أحدث دراسة صادرة من الولايات المتحدة الأمريكية وأجريت على 81 ألف مريض، وهي عينة بحثية ضخمة وتعطي مؤشرات حقيقية وقوية، أكدت أن لهذا الدواء مضاعفات خطيرة وقد يسبب الوفاة، ولكن هذا لم يحدث في الإمارات.

التأثير السياسي

وأفاد بأن منظمة الصحة العالمية ليست جهة بحثية، وتأخذ المعلومات من الباحثين وتخرج باستنباط لنمط معين، وقراراتها وتوصياتها في البداية كانت متأثرة بشدة بالسياسة، خصوصاً فيما يتعلق بالولايات المتحدة الأمريكية، مضيفاً «وهنا لا يمكن لوم المنظمة كجهة صحية، بل كل اللوم على الأطباء لأنهم تأثروا بالسياسة، وسارت الأمور في اتجاه خاطئ وفسدت الأمور الطبية».

وكشف الدكتور فايد، عن أن المرضى الألمان الذين أصيبوا بفيروس كورونا في الإمارات، «رفضوا تماماً التداوي بهيدروكسي كلوروكين، لأن ألمانيا منعت استخدام هذا الدواء، لذلك الوفيات الناتجة عن «كوفيد-19» لديهم هي الأقل في العالم، وعندما كان المرضى الألمان يزوروننا في المستشفيات، كانوا يتصلون بأطباء في ألمانيا لنتحدث معهم، فيطلب منا الأطباء هناك عدم وصف هذا الدواء لمرضاهم، وبالفعل تعافى هؤلاء المرضى بمقويات المناعة مثل فيتامين سي والزنك».

وقال إن عقار الملاريا «هيدروكسي كلوروكين» تم استخدامه في الأساس منذ سنوات لعلاج فيروسات كورونا مثل «سارس» بناء على تجارب معملية أثبتت تأثير العقار على إنزيم معين في الفيروس فيمنع دخوله الخلية من خلال تغيير الحمضية، ولم تُجرَ تجارب سريرية على المرضى باستخدام هذا الدواء، وهذا أمر غير مجد، ولا يعطي نتائج دقيقة، ولم يتم الاهتمام بإجراء هذه التجارب السريرية، لأن فيروسات كورونا السابقة ظهرت في دول فقيرة في دول العالم الثالث التي لديها مشكلات بحثية، لكن عندما أصاب «كوفيد-19» الدول الغنية والمتقدمة اهتموا بالتجارب السريرية.

وأكد أن أنسب بروتوكول علاجي لمرضى «كوفيد-19» من خلال التجربة، هو مقويات وأدوية تساعد على رفع المناعة مثل فيتامين سي والزنك وموانع التخثر، فضلاً عن مركّبات الكورتيزون التي كانت تساعد في شفاء بعض المرضى من خلال تخفيف الالتهاب الرئوي.

97 دولة تبحث العقار

وقالت رئيسة قسم الأبحاث في هيئة الصحة بدبي، وأحد الباحثين الرئيسين في تسجيل أول تسلسل جيني لمريض كورونا في دبي، الدكتورة حمدة خانصحاب، إن صدور قرار بوقف التجارب السريرية على مرضى كورونا باستخدام الهيدروكسي كلوروكين، أمر يتطلب قراراً من وزارة الصحة ووقاية المجتمع، وأن العقار يُستخدم بشكل تجريبي في كل دول العالم، وأن هناك مئات الدراسات والتجارب السريرية التي تجرى عليه، من بينها دراسة على 97 دولة تشارك فيها الإمارات.

وأوضحت أن هناك فرقاً بين الوقف المؤقت للتجارب السريرية باستخدام هذا الدواء، ووقف العلاج به، حيث إن توصية منظمة الصحة العالمية خاصة بالتجارب السريرية فقط، ولم تتطرق للعلاج الذي أُقر في البروتوكول العلاجي الذي وضعته المنظمة.

وقال مدير المستشفى الميداني لعلاج مرضى «كوفيد-19» التابع لوزارة الصحة ووقاية المجتمع في الشارقة، الدكتور أحمد العمادي، إن المستشفى لم يلاحظ تدهور أي حالات مصابة بسبب هذا الدواء وأنه يعطى بجرعات محددة، مع المضادات الفيروسية، والجميع ينتظر نتائج الدراسات المتعلقة بهذا الدواء لوضع بروتوكولات علاجية ثابتة بناء عليها.

وأكد أن المستشفى لا يستخدم هذا الدواء للمرضى الذين لا تظهر لديهم أعراض أو إصابتهم خفيفة، بل للمرضى الذين يعانون من أعراض مثل الكحة والأمراض الصدرية، ويتم تناوله لمدة 5 أيام، وقد تحدث بعض المضاعفات البسيطة لبعض الحالات التي قد يسببها أي دواء آخر مثل اضطرابات الجهاز الهضمي.

وسألت «الرؤية» مصدراً شديد الصلة بوضع البروتوكولات العلاجية لمرضى «كوفيد-19» في الجهات الصحية بالدولة، ورفض نشر اسمه، واكتفى بالقول: إنه من غير المتوقع وقف العلاج بهذا الدواء في أي وقت، وأن وقف العلاج مختلف عن وقف التجارب السريرية، وأن الجهات الصحية في الدولة لديها بروتوكولات علاجية خاصة بها وضعها متخصصون وعلماء وأطباء، ولم يثبت ضرر هذا العلاج للمرضى.