وأكد رئيس نيابة أول في دبي الخبير بالجرائم الإلكترونية المستشار الدكتور خالد الجنيبي أن الأدلة الإلكترونية تدعم الأقوال والأدلة، إذ تقدم محادثة «واتساب» بتفريغها وطباعتها كقرينة مع الشهادة لتدعمها في قضية.
وأفاد الجنيبي أنه من الممكن إثبات الحقوق وضبط حالات السب أو الابتزاز في الشكاوى المختلفة عن طريق المحادثات، وبدون هذه المحادثات تكون الإفادة ضعيفة، مشيراً إلا أن الأدلة محددة بموجب القانون ومحادثات «واتساب» قرينة تدعم الشهادة.
ونوه الجنيبي إلى أنه إذا كانت المحادثات عبر واتساب غير مبين بها رقم الهاتف المستخدم في المحادثة وغير مسجل وواضح هنا لا يمكن الاعتماد على تلك المحادثة لتعذر نسبة المحادثة لشخص معين وفي حال كان الرقم بارزاً يمكن الرجوع إلى شركات الاتصال المزودة للخدمة وبيان شخص مستخدم الخدمة الهاتفية.
وأوضح أن إثبات الدليل عبر محادثة واتساب سهل جداً لارتباط الرقم بشخص وهويته أما حسابات التواصل الأخرى فقد تكون حسابات وهمية يصعب الوصول بها لمرتكب الجريمة أو الواقعة.
وأكد الجنيبي على ضرورة عدم إصدار بطاقة هاتفية باسم شخص ومنحها للآخرين لما يترتب عليها من تحمل مسؤوليات لمالك البطاقة المسجلة باسمه، إذ إن إثبات المستخدم الحقيقي يحتاج للمزيد من الوقت، لافتاً إلى أن نيابة دبي تستقبل يومياً الكثير من القضايا التي تتعلق بجرائم تقنية المعلومات ونسبة كبيرة منها تتعلق بالجرائم الإلكترونية والتي يكون وسيلة ارتكابها برنامج التواصل الاجتماعي واتساب في مجالات متعددة منها قضايا الاحتيال أو الابتزاز وقضايا السب والتهديد وقضايا كثيرة أخرى.
خطوات التحادث في «واتساب»
بدوه، حدد المحامي الأستاذ أحمد أميري 7 خطوات يجب اتباعها في العلاقات بين الأفراد عند استخدام «واتساب» في التواصل مهما كان نوع العلاقة ما عدا علاقات الصداقة العادية لضمان الحقوق.
وأكد الأستاذ أحمد أميري لـ«الرؤية» أن «واتساب» يقوم مقام الدليل الكتابي في القضاء، عندما يتفق أطراف علاقة فيما بينهم على أمور من خلاله وينكرها أحد الأطراف وهنا يأتي «واتساب» كإثبات ودليل، إذ تنص المادة الرابعة من قانون المعاملات والتجارة الإلكترونية الاتحادي لسنة 2006 على أنه «لا تفقد الرسالة الإلكترونية أثرها القانوني أو قابليتها للتنفيذ لمجرد أنها جاءت في شكل إلكتروني. ولا تفقد المعلومات المثبتة في الرسالة الإلكترونية حجيتها القانونية حتى وإن وردت موجزة، متى كان الاطلاع على تفاصيل تلك المعلومات متاحاً ضمن النظام الإلكتروني الخاص بمنشئها، وتمت الإشارة في الرسالة إلى كيفية الاطلاع عليها».
وعلى الرغم من أن أذهان الناس تنصرف فوراً إلى «الإيميل» عند سماعهم مصطلح «الرسالة الإلكترونية»، فإن محادثات «واتساب» تأخذ حكم الرسالة الإلكترونية التي يرتب عليها القانون الأثر والحجية. ومع ذلك، لا بد من مراعاة بعض الخطوات في محادثة «واتساب» لتكون ذات أثر قانوني فعّال، منها: أولاً: استخدام الكلمات الواضحة والجمل المحددة أثناء المحادثة والابتعاد عن الاختصارات والإشارة إلى موضوع الاتفاق بشكل واضح أي مثلاً إذا اتفق شخص مع آخر على شراء سيارة شفاهة ووجهاً لوجه، ثم أكمل العملية بواتساب، فعليه أن يشير إلى موضوع السيارة عند المحادثة. لأن القاضي يهتم بالدليل المكتوب الذي يثبت الحقوق.
ثانياً: تجنب استخدام «الإيموجي» في المحادثة، فهو غير قابل للتفسير أي مثلاً إذا سألك الطرف في الاتفاق: أنت جاهز؟ أي يقصد بسؤاله تسليم البضاعة فيجب أن ترد عليه: أنا جاهز لتسليم البضاعة موضحاً قصده ولا ترسل له إصبع الموافقة فقط، وإذا كتب لك: أنتظرك في المحل، فيجب أن ترد عليه: أنا قادم لتسليم المبلغ ولا ترد عليه بإرسال «إيموجي» الدولار.
ثالثاً: إذا كان الطرف عربياً، فحاول أن تكون المحادثة باللغة العربية والتي هي «اللغة المعتمدة في المحاكم» لأن المحادثة بغير العربية تحتاج إلى ترجمة قانونية فضلاً عن التكلفة العالية للترجمة القانونية، فقد يجادل الطرف في تفسير هذه الكلمة أو تلك وقد يطعن في المترجم ويأتي بترجمة قانونية مغايرة لترجمتك.
رابعاً: احفظ اسم الشخص بشكل واضح، وليس حروفاً أو لقباً لأن حفظ الاسم كما هو يقطع على الطرف الآخر فرصة تضييع الوقت في الإنكار، ويمكن إثبات عائدية الرقم إليه، لكن كتابة الاسم بشكل صحيح منذ البداية يوفر الوقت والجهد. ولو كان الشخص يحتفظ بالرقم بشكل رموز بعد وقوع الخلاف، فيفضل أن يغير اسمه إلى الاسم الصحيح قبل طباعة المحادثة وتقديمها للقضاء.
خامساً: يشغل واتساب الكثير من الذاكرة التخزينية للهواتف المتحركة وأحياناً قد نقوم بعملية «تنظيف شامل» لواتساب لنستعيد المساحات في الذاكرة، وهنا علينا تذكر المحادثات المهمة (أي محادثة تتعلق بالحقوق والالتزامات فهي مهمة حتى لو كانت الأمور طبيعية والعلاقة ممتازة مع الطرف لحظة التنظيف)، لذلك علينا أن نحتفظ بها.
سادساً: المحادثة المكتوبة أفضل من المحادثة الصوتية في الإثبات، ذلك أن تفريغ المحادثة الصوتية قصة طويلة، ولا بد من تفريغها على الورق، وهذا التفريغ لا بد أن يكون من خلال جهة ما ويأخذ وقتاً أطول.
سابعاً: إذا وقعت الفأس في الرأس، وأنكر الطرف حقك، ولم تكن قد أثبته بأية طريقة، فيمكن أن تستدرجه من خلال محادثات واتساب. وبطبيعة الحال، لا بد أن تكون حاذقاً، وأن تستدرجه ليكتب لك بشكل واضح: أنه يدين لك بالمبلغ المحدد نظير معاملة تجارية.
وقال المحامي أحمد أميري إن الإثبات الجنائي مختلف عن الإثبات المدني ويعتمد على قناعة القاضي التي هي الأساس، أما الإثبات المدني يعتمد على الوثائق والمستندات كالأوراق، الشهود، اليمين وغيرها، لافتاً إلى أنه في الشق المدني للمستند الورقي ذات الحجية الخاصة بالمستند الإلكتروني.
ونوه إلى أن الدليل الإلكتروني في مواقع التواصل الأخرى «تويتر، فيسبوك» وغيرها من الصعوبة إثباته لعدم القدرة على التأكد من هوية صاحب الحساب ويجب العودة للشركة الأم وبالطبع هناك صعوبة أكبر لو كان الحساب من خارج الدولة.
كما أكد الأستاذ أحمد أميري أنه في التعامل مع «واتساب» كدليل تلجأ المحكمة إلى تعيين خبير تقني لتؤكد الحالة، أما لو تم تقديم صور المحادثة فقط فإنها تفتقد للقوة لأنها قد تكون قابلة للتزوير ولكنها قد تكون مجرد قرينة في إثبات الحقوق.
شرعية الحصول على الدليل
من جهته قال المستشار القانوني مراد عطعوط: فيما يتعلق بقانون المعاملات الإلكترونية فقد أجاز للقاضي الأخذ بالدليل المستخرج من وسائل التواصل الاجتماعي لو قدم وكان استخراجه وفقاً لأحكام القانون، لافتاً إلى أنه توجد أدلة يجب على القاضي الأخذ بها وفق القضية المطروحة أمامه من جنائية، مدنية، شرعية.
وفيما يتعلق بالشق الجزائي يجب أن يكون الدليل مقدماً أمام القاضي ومشروعاً وحصل عليه بطريقة مشروعة وإن اختل أحد هذه الشروط فإن الدليل باطل ولا يجوز الأخذ به، أما الدليل المدني فلو قدم للقاضي ووصل لحجية تمام الاقتناع به فهنا يجب على القاضي أن يأخذ به وإن أراد الالتفات عنه وجب عليه الإفصاح عن سبب عدم الأخذ بالدليل.
ولفت عطعوط إلى أنه إذا اشترط القانون حفظ مستند أو سجل أو معلومات لأي سبب، فإن هذا الشرط يتحقق عندما يتم حفظ ذلك المستند أو السجل أو المعلومات في شكل سجل إلكتروني، شرط مراعاة حفظ السجل الإلكتروني بالشكل الذي أنشئ أو أرسل أو استلم به، بشكل يمكن إثبات أنه يمثل بدقة المعلومات، التي أنشئت أو أرسلت أو استلمت في الأصل مع بقاء المعلومات محفوظة على نحو يتيح استخدامها والرجوع إليها لاحقاً، وحفظ المعلومات إن وجدت، التي تمكن من استبانة منشأ الرسالة الإلكترونية وجهة وصولها وتاريخ ووقت إرسالها واستلامها كما تضمن نص المادة رقم 4 من القانون الاتحادي رقم 1 لسنة 2006 بشأن المعاملات والتجارة الإلكترونية تأكيداً على الأثر القانوني للرسالة الإلكترونية وحجتها.