الخميس - 16 مايو 2024
الخميس - 16 مايو 2024

مقترح تعاون بين «التوطين» والجامعات لإرشاد الطلبة باحتياجات سوق العمل بـ«الخاص»

مقترح تعاون بين «التوطين» والجامعات لإرشاد الطلبة باحتياجات سوق العمل بـ«الخاص»
اقترح شباب مواطنون، من الخريجين والباحثين عن العمل، أن يتم التنسيق والتعاون بين وزارة الموارد البشرية والتوطين والجامعات الحكومية على مستوى الدولة خلال فترة الإرشاد الأكاديمي الذي يحصل عليه الناجحون بالصف الثاني عشر قبل التحاقهم بالجامعات، وذلك بأن توافيهم الوزارة بإحصاءات واقعية واستشرافية عن حاجة سوق العمل على المدى البعيد، لئلا يقعوا بين مطرقة التخصص غير المطلوب وسندان سنوات الخبرة العملية المطلوبة لشغل الشواغر.

وأكد أعضاء في المجلس الوطني الاتحادي عزمهم طرح مقترح التنسيق بين جهات التعليم العام والأكاديمي مع مؤسسات التنمية البشرية، تزامناً مع تبنّي بعضهم تقديم مقترح آخر بإنشاء أكاديمية تدريبية للشباب، تكون حلقة وصل بين الخريجين الجُدد والقطاعين الحكومي والخاص حسب التخصصات التي يحتاجها سوق العمل، على أن تضم الأكاديمية ممثلي الجهات التعليمية كافة، وجهة مسؤولة عن القطاع الحكومي وأخرى معنية بالخاص.

أما وزارة الموارد البشرية والتوطين، فقد أشارت إلى إطلاقها، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، مبادرة «الحقيبة الإرشادية» لتعزيز دور المرشدين المهنيين العاملين في المؤسسات التعليمية، بغية تعريف الطلبة بكيفية التخطيط لمساراتهم المهنية في «الخاص» والمهارات المطلوبة في السوق.

وأكد عضو لجنة شؤون التعليم والثقافة والشباب والرياضة والإعلام في المجلس الوطني الاتحادي ضرار بالهول الفلاسي، اهتمامه باقتراح التنسيق بين الجامعات ومؤسسات التنمية البشرية على الصُّعد كافة، لاستمرار عملية التنمية المستدامة التي تشهدها الإمارات والعمل لبناء مستقبل زاهر وآمن.



وقال إن تحسين مخرجات التعليم سيعزز بالتأكيد من تأهيل المواطنين للالتحاق بسوق العمل، فإن الاستفادة القصوى من تأهيلهم تتطلب أن تفرز سوق العمل فرص عمل مواتية ومحفزة للمواطنين، وتتجاوب مع تطلعاتهم، وتقلل الفارق بين القطاع العام والقطاع الخاص.

وأوضح أن المقترح سيخدم السياسة الوطنية الداعمة للتمكين الوظيفي، كما أنه سيساعد في فهم حاجات السوق، وبعد ذلك إعداد الكادر البشري اللازم، مذكّراً بضرورة تحسين مخرجات التعليم مع برامج التدريب والتأهيل، بحيث تساعد تلك المنظومة المتكاملة في تسهيل التحاق الخريجين من المواطنين بسوق العمل، ولا سيما في القطاع الخاص.

ووافقه الرأي عضو المجلس الوطني الاتحادي عدنان حمد الحمادي الذي قال «قد لا تحتاج وزارة الموارد البشرية والتوطين أو الجامعات إلى تنظيم محاضرات توعوية وإرشادية بقدر ما يكون هناك تنسيق وقاعدة بيانات تعطى للطلبة قبل تحديد مساراتهم في الثانوية العامة».



وأشار إلى أن تنفيذ هذا المقترح سيأتي تماشياً مع عام الاستعداد للـ50 عاماً المقبلة، حيث إن المرحلة المقبلة تتضمن فكراً من نوع مختلف وتطورات غير مشهودة، خصوصاً في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.

تحديث مستمر للبرامج الجامعية

وأكدت مساعدة مدير جامعة زايد لشؤون الطلبة الدكتورة هند الرستماني، أن الجامعة تُحدّث برامجها باستمرار لمواكبة متطلبات سوق العمل، وقد خضعت جميع البرامج في التخصصات الموجودة بجامعة زايد لدراسات تقييم حاجة السوق.



وذكرت أن الجامعة تُجري بانتظام مسوحات ميدانية دورية لمراجعة البرامج الدراسية وإقبال الطلبة عليها، إضافة إلى أنها تتابع خريجيها وتراقب التحاقهم بمجالات العمل المختلفة.

وأشارت الرستماني إلى اهتمام الجامعة بطرح دورات خاصة يتم إعدادها سنوياً لتدريب الطلبة على إعداد السير الذاتية بشكل احترافي وما يناسب متطلبات السوق بهدف تعريفهم بإدارة الهوية المهنية وإنشاء شبكات تفاعلية مع أصحاب العمل وتزويد الطلبة والخريجين بنظرة شمولية للفرص المختصة بسوق العمل.

أما مدير جامعة أبوظبي البروفيسور وقار أحمد، فتناول حرص الجامعة عند طرح أي برنامج جديد على إجراء دراسة مستفيضة لاحتياجات سوق العمل على المدى الطويل ووظائف المستقبل، بحيث تضمن مواصلة استيعاب السوق لأفواج الخريجين من هذه البرامج، إضافة إلى إجراء استبانات دورية لمعرفة رأي الطلبة وأولياء الأمور في أهم التخصصات ولقياس مدى اهتمامهم بالبرامج لتحديد أهمها، وهذه البيانات والدراسات تساعد الجامعة في اتخاذ القرارات الخاصة بإطلاق البرامج الجديدة.



وأضاف: تسهم هذه الدراسات المستفيضة والتقييم الشامل للسوق، في تجنب إلغاء البرامج الأكاديمية بشكل تام، حيث تعمل الجامعة دائماً على استشراف المستقبل والتعرف إلى احتياجات سوق العمل المتوقعة خلال مراحل زمنية مستقبلية طويلة، وتتخذ الجامعة إجراءات احترازية أخرى لضمان تحقيق أعلى مستويات التوازن بين حاجة السوق وأعداد الخريجين بما في ذلك الإيقاف المؤقت للبرامج، وذلك بهدف ضمان حصول طلبتها على فرص وظيفية أفضل.

آراء الشباب

وكان عبدالله محمد البلوشي، مواطن حاصل على بكالوريوس علوم طيران من جامعة أبوظبي، قد قال إنه لا يزال في رحلة البحث عن عمل على الرغم من تخرجه منذ أكثر من عام، مبيناً أنه لم يحصل على إرشاد أكاديمي يفيد بعدم الحاجة لدراسة تخصصه قبل الالتحاق به، ولو علم بهذا لكان التحق بأي تخصص آخر يضمن له وظيفة بعد التخرج.



واقترح التنسيق بين وزارة الموارد البشرية والتوطين والجامعات الحكومية، والتعاون بينهم بصورة دائمة، خاصة خلال فترة الإرشاد الأكاديمي الذي يحصل عليه خريجو الصف الثاني عشر قبل التحاقهم بالجامعات، وذلك بأن توافيهم الوزارة بإحصاءات واقعية عن متطلبات سوق العمل، واستشراف احتياجاته على المدى البعيد.

وطالَب حميد محمد الجاسمي، الحاصل على بكالوريوس هندسة كيميائية من كليات التقنية العليا بفرعها في أبوظبي، بالأمر ذاته «لما سيكون له مدلول إيجابي على الطلاب وأصحاب العمل»، وسيسهم في القضاء تماماً على بطالة الشباب الإماراتيين، كما يقلص المدة التي يستغرقها الخريج حتى يلتحق بعمله.



صعوبات التدريب وعدم إلزامية التوظيف

وفي سياق متصل، أكد خريجون جدد من جامعات بتخصصات مختلفة، أنهم يصطدمون بعد تسلم شهاداتهم بأمرين: كيفية إيجاد وظيفة من دون خبرة، وعدم إلزامية الجهة المدربة للخريج، إن وُجدت، بتوظيفهم بعد التدريب.

ففي القطاع الحكومي، قالت وزيرة دولة للتطوير الحكومي والمستقبل رئيسة الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية عهود بنت خلفان الرومي، في رسالة خطية للمجلس الوطني الاتحادي، إن قانون الموارد البشرية ولائحته التنفيذية والأوصاف الوظيفية المعتمدة للوظائف في الحكومة الاتحادية لا تتضمن تدريب الخريجين الجُدد من المواطنين غير المعيّنين.

وفصّلت الوزيرة 4 برامج للتدريب للمعينين في الجهات الحكومية: هي خطط التطوير الفردية وفقاً للآليات المعتمدة من مجلس الوزراء، ومنصة التعليم الإلكتروني بالاستعانة بشركات عالمية متخصصة وبيوت خبرة وجامعات لتنمية المهارات التخصصية من بداية التعيين، ومنصة الاستشارات التي تضيف للخريج التدريب وفق احتياجاتهم، إضافة إلى بنك المهارات وهي قناة تستخدم كمنصة للاستشارات لإضافة الخبرات إلى الخريج الجديد العامل في الحكومة.

وأضافت الوزيرة أن الهيئة تعمل على دعم جهود تأهيل الخريجين الجدد قبل وبعد مرحلة التعيين، من خلال عدد من القنوات الرئيسية للتأهيل الوظيفي.

أما في القطاع الخاص، فرغم وجود برنامج لتدريب المواطنين الجدد في شركات القطاع الخاص، إلا أنه غير ملزم لجهة التدريب بتوظيف الخريج المتدرب لديها بعد انتهاء البرنامج الذي يمتد من 6 إلى 18 شهراً.

في غضون ذلك، تبنى أعضاء من المجلس الوطني الاتحادي تقديم مقترح بإنشاء أكاديمية تدريبية لشباب الخريجين تكون حلقة وصل ما بين شباب الخريجين الجدد والقطاعين الحكومي والخاص، حسب التخصصات التي يحتاجها سوق العمل، على أن تضم ممثلي جهات تعليمية، وجهة مسؤولة عن القطاع الحكومي وأخرى مسؤولة عن القطاع الخاص.

وتفصيلاً، ارتأى عضو المجلس الوطني الاتحادي أحمد أبوشهاب السويدي، طرح مقترح بإنشاء أكاديمية تأهيلية للشباب الخريجين من المواطنين من جميع التخصصات لتأهيلهم في سوق العمل.



وأشار السويدي إلى أن مهمة الأكاديمية المقترحة هي تدريب المواطنين في القطاعات الحكومية والشركات الوطنية، من أجل التوظيف أو الحصول على خبرة تمكّنهم من التوظيف في سوق العمل، لافتاً إلى أنه يجب أن تتكاتف في الأكاديمية جهود وزارة التربية والتعليم والجامعات والهيئة الاتحادية للموارد البشرية ووزارة الموارد البشرية والتوطين، من أجل توفير تدريب عالي المستوى ومن ثم التوظيف.

وأضاف: خلال السنوات الماضية، كان هناك جهود لتوظيف الشباب، لكن في ظل غياب الشراكة في الجهود بين القطاعين الحكومي والخاص، ما يؤثر في توظيف الخريجين الجدد من المواطنين، موضحاً أن تجاوز بند الخبرة يتطلب توافقاً بين الجهات التعليمية والجامعات من جهة، والقطاع الحكومي والخاص من جهة ثانية.

مماطلات التشغيل من دون إلزامية

من جهته، طالب النائب الأول لرئيس المجلس الوطني الاتحادي حمد الرحومي بوجود إلزامية لتعيين الخريجين الذين تدربوا في الشركات الوطنية أو جهات العمل في القطاع الخاص، لافتاً إلى أنه بدون إلزامية التوظيف ستظهر كثير من المماطلات عند طلب التوظيف.



وأضاف أنه في هذا البند لا يمكن إلزام القطاع الخاص بتوظيف المواطنين دون أن تقدم لهم تسهيلات حكومية، إما أن يكون بشكل دعم مادي موجه للموظف، ليضاف إلى راتبه بحيث يقترب أو يساوي العاملين في القطاع الحكومي، أو تقديم تسهيلات أخرى للجهة الموظفة في شكل إعفاءات من رسوم أو غيره لتحفيز تلك الجهات.

وأضاف أن شركات في القطاع الخاص تستخدم شماعة الخبرة للتنصل مع توظيف الشباب، بدليل أن بعض الطلبة الجامعيين يتلقون تدريبات عملية أثناء دراستهم ويكونون فاعلين في وظائفهم أثناء فترة التدريب، وبالرغم من ذلك، لا يتم توظيفهم في شركات القطاع الخاص لاعتبارات مادية.

من ناحيتها، أجابت وزارة الموارد البشرية والتوطين حول تساؤلات الشباب المواطنين الراغبين في اكتساب خبرات بأن لديها برنامج الخبرة للخريجين، حيث يحصل المنتسب على مكافأة شهرية لا تقل عن 6 آلاف درهم، إن كان حائزاً على شهادة دبلوم أو دبلوم عالٍ أو بكالوريوس أو أي درجة علمية أعلى.

وأشارت الوزارة أن البرنامج ليس بالضرورة أن ينتهي بتوظيف الخريج، بل إن الهدف هو تعزيز فرص التوظيف الدائم لدى منشآت القطاع الخاص، مشيرة إلى أنه يمكن إلغاء عقد برنامج الخبرة للخريجين من قبل الخريج بأي وقت، ولكن يجب إخطار الوزارة.

عائق الخبرة



وقال حمد سلطان، خريج كلية التقنية العليا، إنه أنهى دراسته عام 2019، ويبحث عن فرصة عمل في القطاع الحكومي بالدرجة الأولى، إلا أن الوظائف المطروحة تطلب خبرة لا تقل عن سنتين، متسائلاً من أين آتي بالخبرة إذا لم توفر لي جهة العمل التدريب المناسب وفق برامج متخصصة.

وأبان محمد حمدان، خريج جامعة حكومية تخصص إدارة أعمال، حتى وإن توافر التدريب في إحدى شركات القطاع الخاص، فإنه غير ملزم بتعييني بعد قضاء عام إلى عام ونصف العام في الشركة، وكذلك الراتب أثناء التدريب لا يسد الاحتياجات الأساسية لشخص أعزب.

وأوضح راشد العلي، خريج إحدى الجامعات الحكومية تخصص محاسبة، إن الفرصة التدريبية في شركة مرموقة تعد تحدياً كبيراً، لكن هذا التحدي لا ينتهي بعد إتمام فترة التدريب، بل يبقى في إلزامية التوظيف بعد التدريب أو توفير فرصة عمل في جهة أخرى.