الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

مطالب بمنصات ترفيهية «محمية» في الإجازات المدرسية تحت إشراف الجهات التعليمية

مطالب بمنصات ترفيهية «محمية» في الإجازات المدرسية تحت إشراف الجهات التعليمية
طالَب أولياء أمور وزارة التربية والتعليم ودوائر التعليم المحلية بإنشاء منصات ترفيهية تعليمية تستقطب أبناءهم في الإجازات المدرسية، لتكون بديلاً عن منصات مجهولة المصدر، تبث ألفاظاً خارجة وإيحاءات غير أخلاقية، إضافة إلى محاولة استقطاب بعض الطلبة نحو أفكار هدامة.

وتضامن تربويون مع أولياء الأمور في ضرورة إنشاء منصات بإشراف الجهات التعليمية تكون جاذبة للطلبة، بعيداً عن المنصات المفتوحة والتي يرتادها الطلبة مع ما فيها من مخاطر كثيرة تشمل الانحراف الفكري والأخلاقي، مشيرين إلى أن الغفلة عن الطلبة في الإجازات المدرسية بصحبة الألعاب الإلكترونية تؤدي إلى كارثة بالمعنى الحرفي.

ورأوا أن تجربة في إمارة أبوظبي تبشر بانتباه الجهات التعليمية لخطورة الأمر، إذ أطلقت دائرة التعليم والمعرفة «منصة الأنشطة» التي تطرح برامج مسلية ومتنوعة للطلبة خلال العطلة الشتوية، إذ بيّنت الدائرة أن المنصة الإلكترونية موجهة لفئة الشباب وتحتوي على برامج ترفيهية وتعليمية ومسابقات تمكّن الطلبة من قضاء عطلة ممتعة ومفيدة، مع إمكانية تعلم برمجة الألعاب الإلكترونية وخوض التجارب الثقافية الافتراضية وتعلم الموسيقى وغيرها.



كما تعكف وزارة التربية والتعليم، حسب الوزير المهندس حسين إبراهيم الحمادي، على تطوير «المنصة التعليمية» لتكون صالحة لطلبة المنطقة كافة، حتى بعد انتهاء جائحة كورونا، إذ لن تركز المنصة فقط على التعليم، بل ستهتم بالأنشطة الجاذبة للطلبة لتكون بمنزلة قوة ناعمة للدولة في مجال التعليم.

في غضون ذلك، دعت الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات أولياء أمور الطلبة إلى التدقيق في محتوى الألعاب الإلكترونية التي يمارسها الطلبة، ولا سيما أثناء الإجازات، لأنها تشكل خطراً كبيراً على الأطفال بما تتضمنه بعضها من محتوى غير لائق.

آثار سلبية

وتفصيلاً، قالت ولاء خطاب، ولية أمر طالبة في الحلقة الثالثة من التعليم العام، من واقع تجربة، فإن للألعاب الإلكترونية آثاراً سلبية كثيرة على الطلبة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، قلة الحركة وزيادة الوزن، إجهاد العينين، اضطرابات النوم والأرق، وخلل في الانتباه والتركيز، كما قد تخلق خللاً في شخصية الأطفال لما تحتويه تلك الألعاب من ألفاظ خارجة وإيحاءات غير أخلاقية غير مناسبة للفئة العمرية أو التنشئة الاجتماعية والدينية للأبناء.



وأضافت أن منصات الألعاب تلك تؤثر بالسلب في النمو العقلي الطبيعي للأطفال، حيث يسبق النمو العقلي الفئة العمرية بشكل كبير، ما يؤدي لانعدام التوازن بين النمو العقلي والعمر الفعلي للأطفال، ما يجرّد الأطفال من البراءة وسمات الطفولة الجميلة ومميزات المراحل العمرية المختلفة.

وتطرقت خطاب إلى أن بعض الألعاب تكون محاكاة لواقع أكثر تعقيداً من الواقع الفعلي للأطفال، ما يجعلهم يحلمون بالعيش في هذا الواقع الافتراضي، كالسفر لمدينة خيالية أو دولة بعينها، أو اقتناء أشياء باهظة الثمن وغير متوفرة في مجتمعاتهم، حيث تتشكل لديهم رغبة دائمة في الحصول على تلك الأشياء أو تحقيق تلك الأمنيات، ما يشكّل عبئاً على أولياء الأمور ممن لا يستطيعون تلبية تلك الرغبات أو لصعوبة تحقيق تلك الأمنيات في الواقع لأسباب كثيرة أخرى.



ورأت ماجدة سليم، ولية أمر طالب في الصف الـ11، إن عدم الموثوقية في التطبيقات والمنصات التي تقدم الترفيه للطلبة تستدعي تدخل الجهات التعليمية للإشراف على منصات تحوي أنشطة وألعاب تعليمية مفيدة.

وأشارت سليم إلى أن هناك تخوفاً كبيراً يشكل هاجساً لأولياء الأمور من الألعاب الإلكترونية التي يداوم عليها الطلبة لفترة تراوح من 6 إلى 8 ساعات يومياً، موضحة أنه من غير المعلوم ماذا تبث تلك المنصات في نفوس الطلبة، من عنف أو محتوى غير أخلاقي أو حتى الحض على التشدد؟!

ورأت حفصة عبدالكريم أن الجهات التعليمية في الدولة تدرك جيداً المخاطر التي قد يتعرض لها الطلبة أثناء الإجازات المدرسية، والأمر يستدعي حلاً يمكّن الطالب من قضاء وقت ترفيهي في الإجازة، وكذلك إكسابه مهارات تتناسب مع طبيعة سنه والمرحلة التعليمية التي يدرس فيها.

معاناة الأهل في الإجازة

من ناحيتها، لفتت المستشارة التربوية عفاف راضي، إلى أن أولياء الأمور ينتقلون من عبء أيام التمدرس إلى معاناة الإجازات المدرسية، مع توجه الطلبة إلى الألعاب الإلكترونية ومخاطرها التي يمكن أن تكون استقطابات فكرية أو مواقع مشبوهة سواء إباحية أو تحث على الرذيلة أو غيرها من المخاطر، مؤكدة أن «الغفلة عن الطلبة في تلك الأوقات يؤدي إلى كارثة بالمعنى الحرفي للكلمة».



وأضافت راضي أن المناص الوحيد للمشكلة التي تعاني منها الأسر منذ سنوات هو إنشاء منصات ترفيهية تعليمية للطلبة تكون فيها من الجاذبية ما يشد الطلبة إليها، بدلاً من المواقع الإلكترونية غير الآمنة، مبينة أن منصات الألعاب الإلكترونية من قبل الجهات التعليمية أصبحت ضرورة قصوى، لأن ذلك يبث الطمأنينة والراحة في نفوس الأهل.

وأردفت أن ذلك من شأنه المساعدة في اكتمال النمو النفسي والاجتماعي للطلبة، وأيضاً العمل ضمن معايير الجودة في المنتج الذي يحمل الجانب التربوي والسلوكي وتعميق القيم، إضافة إلى الجانب التعليمي واكتساب المهارات العلمية المختلفة.

وأوضحت راضي أن تلك المنصات الرسمية ستكون كفيلة بأن تنمي مهارات التحدث واللغات، إضافة إلى مهارات التعامل من خلال اللعب، ومهارات التواصل والعمل كفريق واحد وغيرها، لافتة إلى وجود «اختلاف كبير بين من يصمم الترفيه للطلبة وهو جهة مشرفة على التعليم تكون تربوية بالأساس، وأخرى مجهولة المصدر نسلم لها أبناءنا دون علم بأهدافها الخفية».

من ناحيته، قال أستاذ التربية في إحدى الجامعات التخصصية الدكتور محمد رمضان، إن ألعاب الكمبيوتر باتت نوعاً جديداً من الإدمان النفسي، مشيراً إلى أن دراسة في قسم علم النفس بجامعة هارفارد بينت أن 40-80% من الأشخاص الذين يمارسون ألعاب الكمبيوتر مدمنون.



ولفت رمضان إلى أن وجود منصة ترفيهية تعليمية في أوقات الإجازات المدرسية تشرف عليها الجهات الناظمة وبمعرفة أولياء الأمور يعتبر حلاً عملياً للتغلب على دخول الطلبة إلى مواقع مجهولة قد تكون لديها أهداف غير معلنة تضر بالطلبة.

أما محمد ماجد، متخصص بشؤون تكنولوجيا التعليم في إحدى المدارس الخاصة في أبوظبي، فذهب إلى أن وجود منصة تعليمية إلكترونية تهتم بتقديم محتوى ترفيهي في غير أيام التمدرس، وتقدم محتوى شائقاً ينافس المواقع المتخصصة في الألعاب الإلكترونية سيكون له مردود إيجابي على الطلبة وأولياء الأمور.

واستطرد ماجد قائلاً: من ناحية الطلبة فإن المحتوى سيكون ترفيهياً بصبغة تعليمية تناسب الأنشطة التي يحتاجها الطالب وفق شريحته السنية، ومن ناحية أولياء الأمور سيكون الأمر مريحاً ولن يتحمل ولي الأمر مشقة مراقبة الطالب أو التخوف من أي تغيير محتمل في سلوكه جراء المواقع مجهولة المصدر.

أول تجربة

وكشفت دائرة التعليم والمعرفة في أبوظبي عن «منصة الأنشطة» التي تطرح فيها، حتى 31 ديسمبر 2020، تزامناً مع الإجازة المدرسية الشتوية، برامج مسلية ومتنوعة للطلبة خلال العطلة الشتوية.

وقالت الدائرة إن المنصة الإلكترونية موجهة لفئة الشباب وتحتوي على برامج ترفيهية وتعليمية ومسابقات تمكن الطلبة من قضاء عطلة ممتعة ومفيدة، حيث تشمل تعلم برمجة الألعاب الإلكترونية والتجارب الثقافية الافتراضية وتعلم الموسيقى وغيرها.

منصة شاملة قريباً

من جهته، قال وزير التربية والتعليم المهندس حسين إبراهيم الحمادي أخيراً، في معرض رد على تساؤلات للنائب الأول لرئيس المجلس الوطني الاتحادي حمد الرحومي، إن الوزارة تجهز لمنصة تعليمية «أونلاين» سيتم إطلاقها، تحوي المواد التعليمية والأنشطة المفيدة كافة، إلى جانب عملها على إكساب المهارات للطلبة وبث الأخلاقيات العربية الأصيلة في نفوس الطلبة، ليس فقط في الإمارات لكن في المنطقة.



وأضاف الوزير سيتم تطوير المنصة بالتعاون مع جهات جامعية بحثية لتكون جزءاً من القوة الناعمة للدولة في القطاع التعليمي، وسيضاف إليها كثير من التحسينات لتصبح منصة تعليم مفتوح شاملة ومتنوعة.

تدقيق على المحتوى

من جانبها، دعت الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات أولياء أمور الطلبة إلى التدقيق على محتوى الألعاب الإلكترونية التي يمارسها الطلبة، ولا سيما أثناء الإجازات المدرسية، إذ إنها تمثل خطراً كبيراً على الأطفال، ولا سيما مع ما تتضمنه بعضها من محتوى غير لائق.

وناشدت الهيئة أولياء الأمور أن عليهم مراقبة أبنائهم جيداً أثناء ممارسة الألعاب على الإنترنت، والتعرف إلى الفئة العمرية التي تتناسب مع كل لعبة، حيث يكتب على كل لعبة الفئة العمرية المناسبة، مضيفة أن من الأفضل أن يمارس الأطفال الألعاب الإلكترونية أمام أعين ذويهم في أماكن مفتوحة وليس في غرف مغلقة، للتأكد من عدم محادثة الغرباء في تلك الألعاب، وكذلك تحديد أوقات معينة لممارسة تلك الألعاب وليس بشكل عشوائي.