الاحد - 28 أبريل 2024
الاحد - 28 أبريل 2024

ثروة حيوانية وطنية.. 4 محاور تشجيعية للإنتاج الإماراتي وتقليل الاستيراد

حددت جهات حكومية في الدولة، 4 محاور لتنمية الثروة الحيوانية الإماراتية، مقابل تنظيم وتشديد الرقابة على استيراد الحيوانات من الخارج، وكشفت عن 27 اشتراطاً أساسية لمنح تصاريح إنشاء عزب تربية الحيوانات، تتمثل في اشتراطات تنظيمية وصحية وبيئة، حيث أوضحت وزارة التغير المناخي والبيئة مواصفات الحيوانات الجيدة لتربيتها واستثمارها، مؤكدة أن الإمارات تملك ثروة حيوانية غنية ومتنوعة.

وتتلخص المحاور الأربعة التي أوضحتها هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية لـ «الرؤية» في: توزيع الحيازات (مزارع وعزب) لتشجعيهم على إقامة مشاريع الثروة الحيوانية، ودعم الأعلاف التي تمثل نحو 70% من تكاليف الإنتاج الكلية، وكل وسائل الدعم الفني والإرشادي، إضافة إلى تنفيذ برامج تحصين الحيوانات ضد العديد من الأمراض الوبائية المستوطنة.



من ناحيته، أكد وزير التغير المناخي والبيئة الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي، أن الوزارة تسعى إلى توحيد منظومة استيراد اللحوم الحية من الخارج على مستوى الدولة بالاتفاق مع دوائر التنمية المحلية في الإمارات، لافتاً إلى أن تدفق المعروض من الخارج يسهم في انخفاض أسعار المنتج، منوهاً بأنه يتم الآن توحيد معايير فحص اللحوم الحية الواردة إلى الدولة، حيث ستكون معايير المختبرات المحلية واحدة تحددها حكومة الإمارات.



وقال إنه «خلال الأشهر الستة الماضية لاحظنا انخفاض أسعار الخراف في المتوسط من 500 درهم إلى نحو 350 -400 درهم، وهذا ما نصبو إليه من تنويع مصادر استيراد اللحوم الحية وكذلك تشجيع المنتج الوطني».

فيما قال مزارعون إنه بفضل الدعم المقدم من الجهات الحكومية استطاعوا تأسيس مشاريعهم الخاصة بالثروة الحيوانية، والتمكن من زيادة عدد رؤوس الماشية تدريجياً، انطلاقاً من مساهمتهم في منظومة الأمن الغذائي، وبنفس الوقت تحقيق أرباح من مشاريعهم الخاصة، ويرى الرأي الاقتصادي أنّ توجه الجهات الاتحادية والمحلية لزيادة أعداد الثروة الحيوانية المحلية ودعم المربين، يصب في مصلحة المستهلك النهائي للسلعة الحيوية.

ثروة حيوانية غنية



وتفصيلاً، أكدت وزارة التغير المناخي والبيئة أن الدولة تمتلك ثروة حيوانية غنية ومتنوعة، إذ يقدر عدد الإبل بحوالي 450 ألف رأس، وقطعان الماعز والأغنام بنحو 5 ملايين رأس، وبالتالي فهي تشكل عنصراً مهماً للأمن الغذائي والاقتصاد الوطني على السواء.

وبينت أنها تركز جهودها في تطوير سياسات المحافظة على هذه الثروة وتنظيم عملية استغلالها تجارياً، لتعزيز مساهمتها في تضييق الفجوة الغذائية، من خلال تطوير استراتيجية الإدارة المتكاملة لحماية وتنمية الثروة الحيوانية.

اشتراطات إنشاء عزب

وحددت الوزارة 27 اشتراطاً أساسية في تصاريح إنشاء عزب تربية الحيوانات، تتلخص في: أن يكون المتقدم لطلب العزبة مواطناً ولا يقل عمره عن 21 عاماً، والتعهد بالالتزام بالتعليمات والإرشادات بشأن صحة وسلامة الحيوانات، والبعد عن المناطق السكنية بمسافة لا تقل عن 2 كم، وأن تكون المواقع قريبة من الأماكن المخصصة لبيع الأعلاف والعيادات البيطرية، وعدم استخدام المواد الضارة في إنشاء المباني واستخدام مواد صديقة للبيئة، وعدم بيع العزبة من الباطن أو التنازل عنها دون علم السلطات المختصة، والالتزام بزراعة الأشجار المحلية كالغاف والسدر والسمر.

كما تضمنت الاشتراطات: تسهيل إجراءات الأشخاص المكلفين من الجهات الرسمية في الحصول على المعلومات، والتخلص من الحيوانات النافقة والمخلفات بطريقة آمنة، والالتزام بعدم ترك الحيوانات بدون راعي وتجنب وصولها للأحياء السكنية والطرق، ومراعاة أخذ عينات من الحيوانات حديثة الشراء للتأكد من خلوها من الأمراض، وتصميم المبنى ليراعي التقلبات المناخية، وتوفير غرفة عزل الحيوانات المصابة لتكون بعيدة عن القطيع، ووجود وسائل تبريد لحفظ الأدوية، والالتزام بالإبلاغ عن الأوبئة والأمراض المعدية، وقيام السلطات المعنية بالتفتيش الدوري وتوجيه الإنذارات للمخالفين، وعدم تربية الدواجن في مزارع المواشي إلا بعد الحصول على تصريح، وعدم تربية الحيوانات الخطرة في العزب والمزارع.

ولفتت الاشتراطات إلى: ضرورة الانتقال إلى مواقع جديدة في حال ارتأت السلطات المختصة الابتعاد عن المناطق السكنية، وألا تقل المساحة المخصصة لكل حيوان عن متر مربع لكل رأس من الماعز أو الضأن، ومن 3 إلى 5 أمتار مربعة لكل رأس من الأبقار، ومن 5 إلى 7 أمتار مربعة لكل رأس من الإبل، بحيث تكون 50% من مساحة الشبك مغطاة بسقف والباقي مكشوف، وألا يقل ارتفاع الشبك عن 2.5 متر، ووضع المعالف بمكان جيد التهوية، وفصل الحيوانات المختلفة المرباة عن بعضها البعض بمسافة 10 أمتار على الأقل، ومراعاة وضعية الشبك باتجاه عمودي على اتجاه الريح، وعدم استخدام أسلاك حادة في تحديد الشبك، ووجود سجل تطعيمات للسلالات المرباة وأماكن ملحقة في حال تحصين القطيع، وتجنب استخدام الرمل الخفيف على أرضية الحظيرة.

دول تصدير الحيوانات



ولفتت الوزارة في استيراد المواشي من الخارج، إلى أن الدولة التي ترغب في تصدير الحيوانات إلى الإمارات عليها استيفاء متطلبات، أن يكون لديها خدمات بيطرية متكاملة تسمح بمراقبة منشآت تربية الحيوانات، خصوصاً فيما يتعلق بالأمراض الواجب الإبلاغ عنها، وأن يكون لدى الدولة المصدرة قائمة بالأمراض الواجب الإبلاغ عنها منها الأمراض الوبائية والمعدية، وأن تمتلك نظام مراقبة وتقص.

وحسب اشتراطات التصدير، يحق لإدارة التنمية والصحة الحيوانية في وزارة التغير المناخي والبيئة طلب أي معلومات لاستكمال دراسة الوضع الصحي للحيوانات المستوردة، ويتم التنسيق مع السلطات البيطرية في دول التصدير لاعتماد نماذج الشهادات الصحية البيطرية، كما يتم تعليق اعتماد أي من الدول الواردة في قوائم الدول المسموح الاستيراد منها، في حال تغير الوضع الصحي في دولة التصدير بما لا يحقق الاشتراطات الصحية، أو ورود إرساليات مخالفة للاشتراطات الصحية المطلوبة للاستيراد، لحين تصويب الوضع أو أي تعديل مستقبلي في الشروط الصحية.

مواصفات الحيوانات الجيدة

كما حددت الوزارة 9 مواصفات للحيوانات الجيدة لتربية المواشي في العزب والحظائر النظامية، وهي: المظهر الجيد الذي يتصف بالنشاط والحركة، وسلامية العيون، وأن يكون الصوف أو الشعر ذو لون طبيعي والجلد سليم من الأمراض، وسلامة وقوة الأظلاف والقوائم، والانتباه إلى السيلانات الأنفية وتورم الشفاه، وعدم الإصابة بالسعال، وأن يكون ضرع الإناث جيد التكوين وسليماً، والانتباه لعدم تواجد أي أورام أو سرطانات حول الرقبة أو الفك السفلي، وفحص كل رأس ماشية على حدة للتحري عن أي أمراض.

تطوير المواشي

وذكر الدليل الاسترشادي لتربية المواشي والحظائر النظامية بوزارة التغير المناخي والبيئة، 8 عوامل تؤدي إلى تطوير المواشي، هي: إنشاء مستودعات الأعلاف اللازمة لتخزين المواد العلفية في أماكن التجمع الرئيسة في البادية بمختلف المناطق، لتغطية الاحتياجات العلفية في سنوات الجفاف، والمساعدة في انتشار زراعة الشجيرات الرعوية لتأمين مصدر علفي احتياطي، والبدء بتأسيس الجمعيات التعاونية المتخصصة في تحسين وتربية الحيوانات، وتجهيز عدد من الوحدات البيرية المتنقلة لمعالجة وتلقيح الحيوانات، والبدء بزراعة الأعلاف الخضراء وإدخالها في الدورة الزراعية، وزيادة وعي المربي عن طريق الإرشادات الخاصة بالتربية، والحفاظ على السلالات وتحسينها، وإنشاء مراكز متخصصة في البحث العلمي وإنتاج وتوزيع الفحول النقية المحسنة على المربين.

إنتاج الألبان

ونوهت الوزارة بأن إنتاج مزارع الأبقار الحديثة بأبوظبي في عام واحد وصل 102.783 طن، وفي دبي 68.138 طن، ورأس الخيمة 1.742 طن، وبالفجيرة 832 طناً.

دعم مادي ومعرفي

من جهتها، أفادت هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، بأنها تسعى إلى تنمية الثروة الحيوانية ورفع كفاءة إنتاجيتها وتعظيم مساهمتها في منظومة الأمن الغذائي، من خلال برامج الدعم المادي والمعرفي التي تستهدف مربي الثروة الحيوانية بالإمارة، وإرساء منظومة الخدمات البيطرية العلاجية والوقائية والإرشادية، لتمكين أنظمة الأمن الحيوي وتعزيز الصحة الحيوانية، بما يضمن توفير منتجات محلية ذات جودة عالية، وزيادة مساهمة المنتج المحلي في تلبية احتياجات السوق من اللحوم الطازجة والألبان وغيرها من المنتجات الحيوانية.



وحسب الهيئة، بلغ إجمالي الإنتاج الزراعي بشقيه الحيواني والنباتي في أبوظبي حوالي 654 ألفاً و637 طناً في 2019، محققاً ارتفاعاً يزيد على 9% مقارنة بالعام 2018، حيث بلغ إجمالي الإنتاج الزراعي نحو 600 ألف و500 طن، كما تساهم مزارع الإنتاج الحيواني ذات النشاط التجاري لكبار وصغار المنتجين ومزارع الاستهلاك الذاتي بحوالي 262 ألفاً و101 طن عام 2019.

وحول طرق تشجيع المواطنين للدخول في هذا المجال والدعم المقدم لهم، أوضحت الهيئة أن حكومة أبوظبي تحرص على توزيع الحيازات على المواطنين (مزارع وعزب)، المزارع بنظام التملك، والعزب بعضها بنفس النظام والنسبة الكبيرة منها بإيجار سنوي رمزي، وذلك من أجل التشجيع على إقامة المشروعات الزراعية أو المتعلقة بالإنتاج الحيواني (تربية الضأن والماعز والأبقار والإبل).

وبينت أن حكومة أبوظبي تدعم بعض أعلاف الحيوانات (الحشائش والجت)، بنسبة تتراوح من 30 – 40% من قيمتها الحقيقية، وهذا الأمر يشجع الكثير من المواطنين (مربي الثروة الحيوانية)، ويوفر جزءاً كبيراً من تكاليف التغذية التي تمثل 70% تقريباً من تكاليف الإنتاج الكلية، مما يساعد على زيادة ورفع الكفاءة الإنتاجية لقطعان الحيوانات في الإمارة.

دعم فني وإرشادي

وأكدت الهيئة أنها عن طريق إدارة الإنتاج الحيواني تقدم الدعم الفني والإرشادي بواسطة كادر متخصص بهذا المجال، يقوم بزيارة العزب والمزارع (زيارات حقلية)، أو الرد على استشارتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، وتقديم كل الخدمات اللازمة للمربيين، وهذا يساعد المواطنين في التعرف على أسس التربية والإنتاج والممارسات الصحيحة التي يستوجب عليهم القيام بها، من أجل تحقيق أكبر عائد ممكن من تربية قطعانهم، بما يعود بالمنفعة العامة على الإمارة.

وأضافت أنها بواسطة كادر من الأطباء البيطريين في كل مناطق أبوظبي، تقوم بتحصين الحيوانات ضد العديد من الأمراض الوبائية المستوطنة لحمايتها من تلك الأمراض، وحتى لا تكون عاملاً سلبياً يؤثر على الإنتاج.

دعم حكومي

من ناحيتهم، قال صاحب مزرعة في منطقة العين المواطن راشد الكويتي، إنه بدأ مشروعه في تربية الثروة الحيوانية منذ اكثر من 8 أعوام، وتحديداً في عام 2012 بفضل الدعم المقدم من الجهات الحكومية، لافتاً إلى أن اكتسب الخبرة في تربية الماشية بشكل تدريجي.



وأضاف: بدأت مشروعي بأعداد قليلة من الماشية إلى أن وصلت المزرعة إلى 6 أقسام في الوقت الحالي، مقسمة إلى أقسام للماعز والنعيمي والفحول وصغار الإناث وصغار الذكور، وقسم خاص بالعزل الصحي في حال الاشتباه بأي أمراض معدية، مشيراً إلى أن مزرعته تحوي مرافق متنوعة منها: مرافق طبية للصيدلية البيطرية، ومستودعات الأعلاف، وخزانات للمياه، ومباني للتدفئة.

وبيّن الكويتي أنه استهدف من البداية أن تكون مزرعته تتبنى التقنيات الحديثة في تقسيماتها، إضافة إلى الاستفادة من المتخصصين سواء الذين توفرهم هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية أو الذين يستعين بهم من أهل الخبرة في التخصص.

وأوضح مالك إحدى مزارع الماشية بإمارة عجمان حمد عبدالله، أن الجهات الحكومية تدعم أصحاب المشاريع التي تعنى بالثروة الحيوانية، سواء عبر: توفير الأعلاف المدعومة أو الفحوص البيطرية والتطعيم وغيرها من الخدمات، الأمر الذي ساهم في توفير مردود مالي لمزرعته.

فيما أكد مالك إحدى المزارع في أبوظبي يوسف الزعابي، أن مشروعه أسسه عام 2011 ولا يزال يتلقى الاهتمام من الجهات الحكومية، من خلال: التطعيمات الدورية أو التلقيحات الاصطناعية للحلال أو توفير الأعلاف المدعومة من الحكومة.

وأضاف أنه متخصص في أنواع محددة من الحلال أهمها النعيمي والحجازي، ويرى أن التخصصية في أنواع محددة تؤدي إلى جودة المنتج، وتخلق منافسة كبيرة تصب في مصلحة المربي.

مصلحة المستهلك

من جهته، قال خبير اقتصادي في شؤون المستهلك وتجارة التجزئة إبراهيم البحر، إن توجه الجهات الاتحادية والمحلية إلى زيادة أعداد الثروة الحيوانية المحلية ودعم المربين يصب في مصلحة المستهلك النهائي للسلعة الحيوية، موضحاً أن معظم منافذ البيع تحتوي على خيارات اللحوم المحلية المفضلة لدى الكثيرين.



وأشار خبير اقتصادي في شؤون المستهلك وتجارة التجزئة الدكتور جمال السعيدي، إلى أن دعم مؤسسات الدولة لمربي الثروة الحيوانية، من خلال توفير أعلاف لمربي الماشية بأسعار رمزية، أو تقديم خدمات وفحوص بيطرية لمواشيهم وتحصينها وغيرها من الخدمات، من شأنه أن يعزز أعداد المربين، وكذلك يصب في مصلحة توافر اللحوم المختلفة وبأسعار مناسبة للمستهلك.