الاحد - 26 مايو 2024
الاحد - 26 مايو 2024

الطعم بريء من الغلاء.. 400% فرق بأسعار نفس المنتج في مقاه ومطاعم مختلفة

الطعم بريء من الغلاء.. 400% فرق بأسعار نفس المنتج في مقاه ومطاعم مختلفة

(تصوير المحرر)

تتفاوت أسعار الأغذية والمشروبات في المطاعم والمقاهي، على الرغم من تشابه الأصناف، وقد يتجاوز الفارق السعري لنفس المنتج 400% بين مكان وآخر.

ويعزو أصحاب مشاريع وخبراء، تلك الزيادة إلى أسباب عدة، ترتبط بسياسة التسعير والتكاليف التشغيلية، من إيجارات وأجور وغيرها، وتكاليف إنشائية، من بنية تحتية ومعدات مطبخية وصالات وديكورات، إلى جانب كُلفة المواد الخام المستخدمة في إعداد المنتجات، والقوة الشرائية في السوق، والجمهور المستهدف للمحل التجاري، لافتين إلى ضرورة سعي مشاريع الشباب الصغيرة والمتوسطة إلى المنافسة السعرية لضمان الاستمرارية والنجاح.

في المقابل، يرى مستهلكون أن القول الفصل في ولائهم لمحل محدد أو علامة بعينها يرجع، في معظم الأحيان، إلى الجودة والطعم، بغض النظر عن الموقع والديكور، التي يرونها أموراً ثانوية لا تقدّم ولا تؤخر، ولا سيما إن كان نفس المنتج يُقدَّم في مكان ما مقابل 8 دراهم، مثلاً، في حين يربو سعره في آخر على 30 درهماً.

ضرورة المنافسة السعرية



من جهته، قال رئيس اللجنة العليا لمؤسسة سعود بن صقر لتنمية مشاريع الشباب يوسف إسماعيل، إن اختلاف أسعار المنتجات، ولا سيما لدى مشاريع الشباب المتخصصة، تتأثر بعوامل عدة في قطاع تجارة الأغذية، منها كُلفة التشغيل، المتضمنة أجور العمال والعقار المستأجر، ورسوم الخدمات الأساسية، من ماء وكهرباء، وأسعار المواد الأولية المستخدمة في تصنيع المنتجات، فضلاً عن القوة الشرائية في السوق، وطبيعة الخدمات المقدمة للعملاء.


وأكد أن سياسة تسعير المنتجات يجب أن ترتبط بحجم المصاريف وكُلفة الدورة التشغيلية، مع الأخذ بالاعتبار تناسبها مع طبيعة العملاء وجودة المنتجات والخدمات المقدمة لاستقطاب ولاء الزبائن.

وأوضح أن سعر كوب الشاي في المحال الصغيرة التي تقدمه في الشارع أو توصله إلى السيارة لا يتجاوز درهمين، بينما بالمقاهي التي تقدمه في الصالات المُنارة والمكيفة يمكن أن يصل إلى 10 دراهم، ما يعني 400% زيادة، وهذا طبيعي في مجال الأغذية والمشروبات، بل العمل التجاري ككل.

وأشار إلى أن المنافسة السعرية مهمة جداً لاستقطاب العملاء بالتزامن مع جودة المنتج، وخاصة في مشاريع الشباب الجديدة التي تحتاج إلى بناء ثقة لدى الجمهور وضمان ولائهم لمنتجاتها، في حين أن آلية تقديم الخدمات وطبيعة المكان، أمر يعود للمحل التجاري لإضافة التميز على ممارسة وإدارة الأعمال التجارية.

التكاليف المترتبة



وقال مؤسس ومالك مطعم ومقهى أميجوس برأس الخيمة عبدالله الشحي، إن أسعار منتجاته تعتمد على نوع الخدمات وجودة المواد المستخدمة في تصنيع الأغذية والمشروبات، فضلاً عن حجم تكاليف دورة التشغيل، ورأس المال المخصص للمشروع.

وذكر أن دراسة الأسعار ترتبط بشكل أساسي أيضاً بالقوة الشرائية في السوق، موضحاً أن سعر وجبة (الستيك) من اللحم البقري الطازج يقدمها مقابل 80 درهماً، في حين يصل ثمنها في مدينة أخرى إلى نحو 200 درهم، لأن التكاليف المترتبة، من أجرة المحل ورواتب العمال وطبيعة الخدمات التي يقدمها المكان للعملاء، مختلفة.

وأضاف الشحي أن التنافسية في إطار تسعير المنتجات يمكن أن تنحصر في المنطقة المحيطة، ولا يمكن أن تكون متساوية في أماكن مختلفة، وينسحب ذلك على آلية تقديم الخدمة، والمعايير التي تخص المحال التجارية وتتميز بها.

جودة المواد الأولية



وعن مؤثرات الأسعار المعتمدة لديه، بيّن عميد السيد، مدير مقهى ومطعم، أنها ترتبط بشكل مباشر بتكاليف المواد الأولية التي يقدمها للعملاء، إذ إنه يعتمد على أجودها ويقدمها بأسعار تفوق نظيرتها بمعدل يتجاوز 100%، مشيراً كذلك إلى «الدور غير المحوري لرأس مال إنشاء المشروع في تسعير المنتجات، كونها تكلفةً لمرة واحدة، إلا أن الكلفة التشغيلية الدورية مهمة جداً في سياسة التسعير».

وذكر أنه خلال مسيرته العملية في إدارة المطاعم والمقاهي منذ 22 عاماً في دولة الإمارات، يضع أولوية التسعير بناء على جودة المواد الأولية، وذلك سعياً لتقديم منتجات عالية الجودة ومنافسة للزبائن، حتى لو انحصر عملاؤه بفئة معينة تقدّر قيمة المنتج.

ثقافة المستهلك



وغير بعيد عن ذلك، قال مؤسس ومدير مكتب البحر للاستشارات الاقتصادية إبراهيم البحر، إن ثقافة المستهلك تسهم بشكل كبير في التوجه نحو المنتج بناء على السعر والجودة وطريقة التقديم، مبيناً أن سعر كوب الشاي في محل تجاري متواضع يبلغ درهماً، في حين نفس المنتج في محل يعود لعلامة تجارية عالمية تقدمه بـ15 درهماً، ليتضح هنا أن فرق الأسعار يرتبط بطبيعة المحل التجاري وشهرته بين الناس، وهذه سياسة كسب ولاء العملاء.

ولفت إلى أن فرق الأسعار بين أصناف الأطعمة والمشروبات المتشابهة في محال تجارية مختلفة، يعود إلى جودة المواد الأولية، ومصاريف التشغيل الدورية من رواتب عمال وأجور العقار التجاري، وطبيعة الجمهور المحيط الذي يعكس مدى القوة الشرائية في السوق، ونوع الخدمات التي يقدمها المحل التجاري ومستوى الجلسات ومميزات المكان والتي تلعب دوراً كبيراً في نوع الجمهور المستهدَف.

وأكد أن اختلاف الأسعار طبيعي جداً في الأسواق، وهو جزء مهم من التنافسية التجارية الصحية التي يمكن أن تسهم في تنمية الأعمال، وإبراز المشاريع التجارية الإبداعية والمبتكرة.

أولويات المستهلكين



وعن آراء المستهلكين بهذه الظاهرة، قال هيثم الرفاعي إن بعض المطاعم والمقاهي رفعت أسعارها بنسب متفاوتة خلال الفترة الأخيرة، ليشمل ذلك والوجبات والسندويشات والمشروبات والعصائر الطازجة وزجاجات المياه، بينما بعض المطاعم تتحايل على كُلفة الأغذية والأسعار بتقليص حجم الوجبة وتقليل الكميات.

وأشار إلى أن الأسعار تختلف من مكان إلى آخر، تبعاً لعوامل من بينها: جودة المنتج، وطريقة التقديم، ومستوى المكان، لكن في النهاية الأمر يعود لثقافة المستهلك في الحصول على نفس المنتج بعدة أسعار ومن عدة أماكن، ولكن ليس لدرجة الزيادة بعدة أضعاف لنفس المنتج ونفس الطعم.

وأكد أن سيد الموقف في هذه الحالة، بالنسبة له، هو جودة المنتج، بشكل أساسي، ثم السعر، أما طبيعة المكان فليست بالأمر الجوهري الذي يمنح الأولوية للحصول على منتج معين.

ووافقه الرأي سعيد سالم، الذي لفت إلى أن جودة المنتج مهمة بالنسبة له، ويمكن الحصول عليها في نفس المستوى من عدة أماكن، ويتفهم اختلاف السعر لعدة عوامل، مثل مكان المحل التجاري، وطبيعة الخدمات التي يقدمها المحل التجاري، وشكل ومحتوى الجلسات، وغيرها، لكنه لا يعدها ذات أهمية.

وقال إن أسباب وعوامل تسعير المنتجات الغذائية سيف ذو حدين على مسيرة المشروع، لذلك تبقى الجودة والأسعار الأهم في استقطاب العملاء.

بدوره، عّبر شرف وليد عن عدم اهتمامه بديكور المحل أو شكل الخدمات بقدر ما يهمه جودة المنتج وسعره، إذ إن ولاءه الدائم يكون للمحال التجارية التي تتميز بالجودة، مشيراً إلى أن تكاليف إنشاء شكل المحل أو طبيعة الخدمات التي يقدمها، هي من المكملات الشكلية وليست في مضمون المشروع الذي يتعلق بجودة المنتج وتكلفته على الزبائن.