الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

ما هو التقشف الاقتصادي وكيف تنفذه حكومات الدول؟

ما هو التقشف الاقتصادي وكيف تنفذه حكومات الدول؟

التقشف الاقتصادي

عقب الأزمة المالية العالمية التي ضربت العالم في 2008، ظهر إلى السطح مصطلح التقشف الاقتصادي، كأحد الحلول التي تقلص عجز الموازنة العامة للدولة، وتعمل على إصلاح المالية العامة التي تضررت في ذلك الوقت في عدد كبير من دول العالم.

المصطلح سيئ السمعة ظهر كأحد حلول إنقاذ النظام المالي العالمي، خاصة عقب انهيار القطاع المالي والبورصة في الولايات المتحدة الأمريكية، وانتقال الحمى إلى باقي دول العالم.

ما هو التقشف الاقتصادي؟

يمكن تعريف التقشف بشكل عام على أنه صعوبة العيش بسبب عدم كفاية حاجيات الإنسان. أما من الناحية الاقتصادية فهو حزمة السياسات الحكومية التي تستهدف تخفيض الإنفاق من خلال تقليص البنود المخصصة للخدمات العامة كالتعليم والصحة والرعاية الاجتماعية والاستثمارات الحكومية وأجور الموظفين وشركات القطاع العام.

كذلك يمكن تعريفه على أنه عبارة عن برنامج حكومي ذي طابع اقتصادي، يستهدف الحد من الإنفاق الحكومي بالإضافة إلى العمل على زيادة الإيرادات.

اقرأ أيضاً..

مخاطر تواجه الاقتصاد العالمي في 2022

التقشف وصندوق النقد

يعتبر التقشف الاقتصادي حلاً لخلل المالية العامة أو الأزمات الاقتصادية التي تواجه أي دولة، بينما يعتبر في وجه نظر بعض الاقتصاديين والمؤسسات الاقتصادية، الحل الوحيد القادر على حل المشكلات الاقتصادية، بينما يعتبر في نظر البعض الآخر، هو السبب في حدوث المزيد من المشكلات ويؤدي لتفاقم الأوضاع الاقتصادية.

التقشف وصندوق النقد

بالنظر إلى عدد كبير من الاقتصاديين الغربيين وكذلك مؤسسات بريتون وودز 1945 (صندوق النقد، البنك الدولي) فإن التقشف هو الحل الوحيد الناجع لمحاربة الخلل في هيكل المالية العامة، ذلك الخلل الناتج عن توسع الدولة في الإنفاق، بحسب ما قالوا.

على سبيل المثال يقدم صندوق النقد عدداً من التوصيات للدول التي تطلبها، تضمن بشكل أساسي الالتزام بخطة تقشف اقتصادي، وإجراءات تقشفية تنحصر في عدد ثابت من النقاط.

التقشف شرط للإصلاح

تتمثل اشتراطات الصندوق في تطبيق برنامج للإصلاح الاقتصادي والمالي، كشرط للحصول على دعم الصندوق المالي المتفق عليه، وأهم هذه الاشتراطات في تخفيض نسبة الدعم من الإنفاق الحكومي، وضغط الإنفاق الحكومي نفسه بشكل كبير.

كما تنص الاشتراطات على تحرير أسعار الصرف للعملات الأجنبية، وتحرير أسعار الغذاء والوقود بشكل أساسي، بالإضافة إلى زيادة الأوعية الضريبية، وتطبيق عدد من أنواع الضرائب المختلفة كالمبيعات أو القيمة المضافة، في محاولة لتطبيق نظام ضريبي كفء.

من ناحية أخرى يرى الفريق المعارض لسياسات التقشف، أن السياسات التقشفية ما هي إلا استمرار للأزمة التي تضرب أي بلد، بل إن أنهم يرون أن السياسات التقشفية تزيد الأمر سوءاً خاصة على المستوى السياسي والاجتماعي، إذ إن للتقشف فاتورته التي تكون غالباً فاتورة باهظة الثمن.

لكن متى يمكن اللجوء إلى التقشف؟ بحسب صندوق النقد الدولي، يمكن اللجوء إلى السياسات التقشفية في حالة فشل أي إجراءات اقتصادية أخرى في حل المعضلات الناتجة عن تضخم الجهاز الإداري للدولة، أو الدخول في أزمة عميقة بسبب الديون السيادية كما حدث في النموذج اليوناني، أو خلل المالية العامة بسبب الدعم كالنموذج المصري.

التقشف في اليونان

في أبريل 2010 عصفت أزمة مالية بالاقتصاد اليوناني حينما طلبت الحكومة اليونانية من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي تفعيل خطة إنقاذ تتضمن قروضاً للمساعدة على تجنب خطر الإفلاس والتخلف عن السداد.

أزمة الديون اليونانية لم تهدد أثينا فقط بل هددت استقرار منطقة اليورو كلها، لتطرح وقتها فكرة الخروج من المنطقة الاقتصادية لدول الاتحاد الأوروبي، قبل أن تقرر ألمانيا أهم الاقتصادات الأوروبية المساعدة مقابل تنفيذ أثينا خطة تقشفية.

في 2 مايو 2010 وافق الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد على منح اليونان سلسلة من القروض المالية بمجموع 110 مليارات يورو بفائدة 5.2% وفترة سداد 3 سنوات، قبل أن تخفض إلى 1% وتزيد الفترة إلى 7 سنوات ونصف السنة، مقابل التزام اليونان بإجراءات تقشف واسعة.

واشترط الأوروبيون والصندوق على أثينا خفض العجز في ميزانيتها إلى 8.1% من الناتج المحلي الإجمالي، وخفض إجمالي النفقات العامة على الأجور والرواتب إلى 5.5% وتجميد رواتب الموظفين الحكوميين وتقليص مكافآت العمل الإضافي وبدلات السفر.

كذلك قررت اليونان رفع الضرائب على القيمة المضافة والسيارات المستوردة وعلى المحروقات وخفض رواتب القطاع العام والبدلات الممنوحة للموظفين الحكوميين.

نموذج التقشف في مصر

أما في مصر، فقررت الحكومة في أول 2016 الحصول على تسهيل ائتماني ممتد بـ12 مليار دولار على 6 شرائح في 3 سنوات تزامناً مع برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأت مصر في تنفيذه.

قرض الصندوق أخضع مصر لعدد من الإجراءات التقشفية كان أهمها إلغاء الدعم على المحروقات والوقود، وتقليل الإنفاق الحكومي ووقف التعيينات الجديدة في الجهاز الإداري، وإصلاح الخلل الهيكلي في الموازنة العامة للدولة.

كذلك طالب الصندوق مصر بإصلاح الهيكل الضريبي، وفرض أنواع جديدة من الضرائب على السلع والخدمات، وأخيراً تحرير أسعار الغذاء المدعم.