في مطار شانون في جمهورية أيرلندا وقبل 50 عاماً من اليوم، توصل شخص ما إلى فكرة جرئية وغريبة، مفادها أن المطارات التي تكون عادة خارج الحيز العمراني للمدن تمثل نوعاً من الأرض المحصورة بين الوجود على الأرض وعدم الوجود في سماء بلد ما.
ذلك الشخص غير المعروف بشكل واضح، قال إنه ينبغي أن يكون المسافرون الموجودون في تلك المنطقة (المطارات) قادرين على شراء السلع التي عادة ما تكون فاخرة كالمجوهرات أوالكحوليات والتبغ، دون دفع رسوم الاستيراد الاعتيادية، طالما أنهم بصدد مغادرة البلاد التي تفرض هذه الرسوم، أو طالما أنهم في المنطقة المحصورة بين الوجود وعدم الوجود.
ما هي السوق الحرة؟
السوق الحرة هي نظام اقتصادي قائم على العرض والطلب، لكن السمة الرئيسية لهذه السوق هي أنها تخضع لسيطرة حكومية ضئيلة للغاية أو شبه معدومة. حيث تُوصف جميع التبادلات الطوعية التي تحدث في بيئة اقتصادية معيّنة وتمتاز بالتلقائية واللا مركزية بأنها أسواق حرة.
وفي هذه الأسواق، يتّخذ الأفراد قراراتهم الاقتصادية استناداً إلى قواعد السوق الخاصة والقانونية. ويُمكن أن يكون السوق الحر لبلدٍ ما إما كبير جداً أو سوق سوداء بالكامل.
ويُستخدم مصطلح «السوق الحرة» أحياناً كمرادف لما يسمى بـ«رأسمالية عدم التدخل»، كما أنه غالباً ما يُشير إلى اقتصاد يشهد منافسة غير مقيدة وتعاملات خاصة فقط بين المشترين والبائعين. كما أن السمة الحاسمة في هذه السوق هي عدم وجود أي نوع من القيود على أي أنشطة اقتصادية.
كيف تعمل الأسواق الحرة؟
تميل معظم الأسواق الحرة إلى التوافق مع الدول التي تقدر الملكية الخاصة والرأسمالية والحقوق الفردية شبه المطلقة. ويعد هذا الأمر منطقياً للغاية لأن الأنظمة السياسية التي تتجنب التوجيه أو الإعانات أي كان نوعها للسلوك الفردي تتدخل بالضرورة بدرجة أقل في المعاملات الاقتصادية الطوعية.
بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن تنمو الأسواق الحرة وتزدهر في نظام يتم فيه حماية حقوق الملكية بشكل جيد ويكون لدى الجميع حافزاً لتحقيق الأرباح.
السوق الحرة والأسواق المالية
في الأسواق الحرة كذلك يمكن أن يتطور السوق المالي ليحدث تسهيلات كبيرة لاحتياجات التمويل، خاصة لأولئك الذين لا يستطيعون أو لا يريدون التمويل الذاتي.
على سبيل المثال، يتخصص بعض الأفراد أو الشركات في الحصول على المدخرات من خلال عدم استهلاك كل ثرواتهم الحالية باستمرار. كما يتخصص آخرون في نشر المدخرات في السعي وراء ريادة الأعمال، مثل بدء أو توسيع عمل تجاري، إذ يمكن لهؤلاء الفاعلين الاستفادة من تداول الأوراق المالية مثل الأسهم والسندات.
لكن الأسواق الحرة ليست خارج التغطية الحكومية بشكل كامل، إن تلك الأسواق تشهد بعض القيود ومن الأمثلة الشائعة على هذه القيود، حظر التبادلات كالضرائب أو متطلبات التراخيص كذلك يمنع فيها التفويضات التي تحدث بشكل أساسي داخل سوق البورصة.
كذلك يتم مراقبة متطلبات الترخيص، وأسعار الصرف الثابتة، والمنافسة على الخدمات المقدمة للناس ومراقبة الأسعار وحصص الإنتاج ومشتريات السلع، بالإضافة إلى مراقبة ممارسات توظيف العاملين في السوق.
ماذا يعني الشراء من الأسواق الحرة؟
لو كنت أحد هؤلاء الملايين الذي يسافرون على مدار اليوم حول العالم، فبالتأكيد شاهدت أحد هذه الأسواق في مطار دولة ما، تشمل العديد والعديد من السلع، بداية من زجاجات مياه الشرب إلى الهدايا التذكارية والإلكترونيات والسيجار والكحوليات، وجميعها تحمل لافتة «معفاة من الرسوم أياً كانت ضرائب مبيعات أو رسوم جمركية».
لكن ما حقيقة التسوق في محال تلك الأسواق المعفية من الرسوم في المطارات ومحطات الرحلات البحرية، أو حتى كتالوجات الأسواق الحرة التي تقدم لك على متن الطائرات والسفن، التي تعرض عليك بيع سلع دون إضافة ضريبة مبيعات الحكومة المحلية أو الرسوم الجمركية.
السوق الحرة خارج سيطرة الدولة.. لا تدفع ضرائب أو جمارك
التسوق من السوق الحرة يعني في الأساس تجنب ضريبة القيمة المضافة المحلية، التي يمكن أن تتراوح في أي مكان من 7 % إلى 33 % وعادة ما يتم احتسابها في سعر السلعة المذكور على البطاقة.
ويعني ذلك أساساً استرداد ضريبة القيمة المضافة قبل الشراء.
لكن هل هناك آثار سلبية للسوق الحرة؟
يميل منتقدو السوق الحرة إلى أن بعض الأمور المتعلقة بالسوق الحرة قد تتطلب التدخل الحكومي، لعدة أسباب.
أول هذه الأسباب أنه يمكن ألا تعكس الأسعار المعروضة في السوق تكاليف أو فوائد بعض السلع والخدمات الحقيقة. كما يمكن أن يتم استغلال السلع العامة على نحو مضر بالآخرين، إلا إذا كان الاستغلال محظوراً بموجب القوانين الحكومية.
كذلك يمكن أن تغري الأسواق الحرة المنافسين فيها باحتكار بعض السلع، ما يجعل وضع القوانين المكافحة للاحتكار من الضرورات في هذه الأسواق. كذلك يكتسب بعض الفاعلين في السوق الحرة قوة سوقية هائلة، قد تضر بمنافسيهم، ما يجعل مكافحة الاحتكار ضرورياً في هذه الحالة.
كما يمكن أن تعكس تكاليف المعاملات التجارية فيها إلى أنها الأفضل بدلاً من الأسواق الفورية. ويمكن لتخصيص الموارد المثلى للأسواق الحرة أن ينتهك مبادئ العدل والمساواة في التوزيع.