الاثنين - 13 مايو 2024
الاثنين - 13 مايو 2024

تشيرنوبل.. قصة مفاعل نووي انفجر عام 1986 ولا يزال يطلق إشعاعاته القاتلة

تشيرنوبل.. قصة مفاعل نووي انفجر عام 1986 ولا يزال يطلق إشعاعاته القاتلة

مفاعل تشيرنوبل.

في يوم 26 أبريل من عام 1986، تابع الجميع حول العالم أخبار الكارثة النووية في أوكرانيا ذلك البلد البعيد، منتظرين أن يصل إليهم غبار تشيرنوبل النووي. كان الزمن مختلفاً وقتها إذ كان المفاعل الضخم يرضخ تحت سلطة العلم الأحمر ذي المطرقة والمنجل الذهبيين.

ورغم أن المفاعل خرج من الخدمة بشكل فعلي، بعد الكارثة بعدة سنوات، إلا أن تشيرنوبل تصدر الواجهة منذ أيام، عندما أعلنت القوات الروسية الموجودة في الأراضي الأوكرانية السيطرة عليه، لكن دون إعلان الأسباب.

اقرأ أيضاً.. بلومبيرغ: روسيا تحظر دخول جميع دول الاتحاد الأوروبي مجالها الجوي رداً على العقوبات

كيف حدثت كارثة تشيرنوبل؟

كارثة المفاعل الأوكراني تشيرنوبل بدأت عندما توقف نظام المفاعل لمدة 20 ثانية فقط في تجربة عملية لاختبار تأثير انقطاع التيار الكهربائي. الأمر كان مجرد اختبار للمعدات إلا أن خطأ في التشغيل بعد إغلاق توربينات المياه المستخدمة في تبريد اليورانيوم المستخدم أدى لارتفاع حرارة اليورانيوم في المفاعل الرابع حتى درجة الاشتعال.

وبعد 7 ثوان، أدى ارتفاع الحرارة إلى إحداث موجة انفجار كيميائية، أطلقت بدورها ما يقرب من 520 نويدة من النويدات المشعة الخطرة إلى الغلاف الجوي الخارجي.

اقرأ أيضاً.. الكرملين: بوتين لا يكترث على الإطلاق للعقوبات المفروضة عليه

محاولات إنقاذ مفاعل تشيرنوبل

حاول رئيس الفريق المناوب في المفاعل، تدارك الخطر وإغلاق المفاعل، إلا أن الطريقة التي اتبعها جعلت الحرارة تزداد قبل أن تشرع في الانخفاض. وبما أن المولد كان غير مستقر والدورة الحرارية مشوشة من آثار الاختبار، كان هذا هو العامل الذي أدى إلى رفع الحرارة مجدداً وإشعال الغازات المتسربة ووقوع الكارثة في النهاية.

ماذا حدث بعد انفجار تشيرنوبل؟

قوة الانفجار أدت إلى انتشار التلوث عبر أجزاء كبيرة من أراضي الاتحاد السوفييتي التي كانت من ضمنها أوكرانيا بيلاروسيا وروسيا.

ووفقاً لتقارير رسيمة، لقي 31 شخصاً حتفهم فوراً، وتعرض 600 ألف آخرين من المشاركين في مكافحة الحرائق وعمليات التنظيف، لجرعات عالية من الإشعاع النووي.

كذلك ووفق التقارير رسمية، تعرض ما يقرب من 8 ملايين و400 ألف شخص في بيلاروسيا وروسيا وأوكرانيا للإشعاع النووي، وهو عدد يزيد على إجمالي سكان النمسا.

كذلك تعرضت 155 ألف كيلومتر مربع من الأراضي في التابعة للبلدان الثلاثة للتلوث، وهي مساحة تماثل نصف إجمالي مساحة إيطاليا.

الأضرار لحقت أيضاً بالمناطق الزراعية، إذ تعرض ما يقرب من 52 ألف كيلومتر مربع، وهي مساحة أكبر من مساحة دولة الدانمارك للتلوث بالعنصر المشع سيزيوم 137، وسترونتيوم 90.

كذلك أعيد توطين ما يقرب من 404 آلاف شخص، إلا أن الملايين ظلوا يعيشون في بيئة تسبب فيها استمرار بقايا التعرض الإشعاعي إلى ظهور مجموعة من الآثار الضارة.

اقرأ أيضاً.. دفاعات روسيا الاقتصادية تبدأ برفع الفوائد لحفظ «هيبة الروبل»

كيف تعاملت السلطات الروسية مع انفجار تشيرنوبل؟

من ناحيتها أخفت السلطات الروسية أو السوفييتية في ذلك الوقت، الأمر حتى اليوم الثالث من انفجار مفاعل تشيرنوبل. قبل أن تضع السلطات السويدية خارطة لمستويات الإشعاع المتزايدة في أوروبا مع اتجاه الرياح.

كما أعلنت حكومة السويد، للعالم أن حادثة نووية وقعت في مكان ما من الاتحاد السوفييتي. وقبل إعلان السويد، كانت السلطات السوفييتية تقوم بعمليات مكافحة للحرائق وعمليات تنظيف، إلا أنها اختارت أن لا تقدم تقريراً عن الحادث أو حجمه بشكل كامل.

محاولات إنقاذ من تأثير انفجار مفاعل تشيرنوبل

خلال السنوات الأربع من حادثة تشيرنوبل، قررت السلطات السوفييتية، التعامل مع الآثار الناجمة عن الانفجار على المستوى الوطني.

وبدون مساعدة سوفييتية، سعت الأمم المتحدة وشركاؤها إلى طرق لتقديم الدعم في حالات الطوارئ، الذي اشتمل على تقييم السلامة النووية والظروف البيئية للمنطقة الملوثة، وتشخيص مختلف الظروف الطبية التي سببتها الحادثة.

كما ركزت الأمم المتحدة على زيادة الوعي لدى سكان المنطقة، وتعليمهم كيفية حماية أنفسهم من النويدات الموجود في البيئة والمنتجات الزراعية.

خلال الفترة الممتدة بين عامي 1986 و1987، شارك ما تقديره 350 ألف منظف أو «مصف» من الجيش وموظفي المحطة النووية والشرطة المحلية ورجال المطافئ في الأنشطة الأولية الرامية إلى احتواء الحطام المشع وإزالته.

كذلك تعرض نحو 240 ألف مصف لأعلى الجرعات الإشعاعية لدى اضطلاعهم بأهمّ أنشطة التخفيف من حدّة الكارثة ضمن المنطقة المحيطة بالمفاعل والممتدة على مسافة 30 كم.

وبعد ذلك ارتفع عدد المصفين المسجّلين إلى 600 ألف، مع أنّه لم يتعرّض لمستويات عالية من الإشعاع إلاّ نسبة قليلة منهم.

وتم، في فصلي الربيع والصيف من عام 1986، إجلاء 116 ألف شخص من المنطقة المحيطة بمفاعل تشيرنوبل إلى مناطق غير ملوّثة. وتم ترحيل 230 ألفاً آخرين في الأعوام اللاحقة.

اقرأ أيضاً.. كيف سيؤثر عزل روسيا مصرفياً على أسواق العملات الرقمية؟

تأثير انفجار مفاعل تشيرنوبل ممتد حتى الآن

الآن يعيش نحو 5 ملايين نسمة، في مناطق من بيلاروس والاتحاد الروسي وأوكرانيا حيث يفوق ترسب السيزيوم المشع 37 كيلوبيكريل/م2.

ولا يزال نحو 270 ألف شخص من أولئك الناس يعيشون في مناطق صنّفها الاتحاد السوفييتي كمناطق ذات رقابة مشددة، حيث يتجاوز التلوّث بالسيزيوم المشع 555 كيلوبيكريل/م2.

وفي عام 1992، بعد سنة من إنشاء فرقة العمل، بدأت إدارة الشؤون الإنسانية بتنسيق التعاون الدولي بشأن تشيرنوبل. وأنشأ الصندوق الاستئماني لتشيرنوبل، بغرض التعجيل بالمساهمات المالية لأنشطة تشيرنوبل، تحت إدارة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.

اقرأ أيضاً.. الكرملين: الواقع الاقتصادي لروسيا تغير

وبدأ مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إدارة مجموعة متنوعة من المهام والمسؤوليات من صياغة الاستراتيجية، إلى الترويج، وتعبئة الموارد، وإلى التوعية، وتوجيه مساهمات المانحين.

ومنذ عام 1986، دشنت المؤسسات التابعة للأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الرئيسية ما يزيد على 230 مشروعاً من مشاريع البحوث والمساعدة في مجالات الصحة والسلامة النووية وإعادة التأهيل.

ومع مرور الوقت، أصبح من الجلي أنه لا يمكن الفصل بين مهمة الإنعاش البيئي والصحي وبين مهمة التنمية.

وفي عام 2001، أصبح برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومكاتبه الإقليمية في البلدان الثلاثة المتضررة، جزءاً من آلية التنسيق من أجل التعاون بشأن تشيرنوبل. وفي العام التالي، أعلنت الأمم المتحدة تحولا في استراتيجيتها بشأن تشيرنوبيل، مع تركيز على نهج إنمائي طويل الأجل عوضاً عن المساعدة الإنسانية في حالات الطوارئ.

اقرأ أيضاً.. ما هي قوات الردع النووية الروسية؟

تشيرنوبل يعود إلى الواجهة مجدداً

الآن وبعد أكثر من 35 عاماً كاملة، يعود المفاعل النووي تشيرنوبل مرة أخرى إلى الواجهة، عقب قرار القوات الروسية، دخول المنطقة المحيطة بالمفاعل في إطار العملية العسكرية التي تنفذها القوات الروسية في أوكرانيا.

جاء ذلك عقب نشر الجيش الروسي، مقاطع فيديو وصوراً للمناطق التي سيطر عليها في أوكرانيا، على رأسها محطة مفاعل تشيرنوبل النووي. وأظهرت المفاعل محاطاً بالدبابات والمدرعات.

كما أظهرت المقاطع جنوداً من الحرس الوطني الأوكراني، وظهر عليهم التعاون مع القوات الخاصة الروسية داخل المحطة.