الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

كيف تدعم الدول الأوروبية مواطنيها في مواجهة ارتفاع فواتير الطاقة؟

كيف تدعم الدول الأوروبية مواطنيها في مواجهة ارتفاع فواتير الطاقة؟

تتجه الدول الأوروبية إلى تبنِّي مجموعة من الإجراءات والسياسات، لمواجهة ارتفاع أسعار الطاقة، في فصل الشتاء المقبل، وتتسابق الحكومات الأوروبية لإيجاد طرق لحماية الأُسر التي تواجه فواتير ضخمة، وخاصة الأُسر ذات الدخول المنخفضة، بحسب تقرير موسع نشرته صحيفة «فايننشال تايمز»، اليوم السبت.

وأشارت الصحيفة إلى أن سعر الجملة للغاز يتراوح حول 200 يورو لكل ميغاواط/ ساعة، وهو السعر الذي يعد أكبر بنحو 8 أضعاف من المستويات خلال السنوات الأخيرة، بينما يتواصل ارتفاع أسعار الكهرباء.

أزمة شديدة في بريطانيا

ففي بريطانيا، من المتوقع أن ترتفع فواتير الأُسر إلى 4400 جنيه استرليني سنوياً، في أوائل العام المقبل 2023، أي أكبر بنحو 4 أضعاف، مقارنة بمستويات الفترة بين عامَي 2018 و2021، لدرجة دفعت الناشط في مجال حقوق المستهلك، مارتن لويس إلى وصف الوضع بأنه «أزمة وطنية بنفس حجم الجائحة».

وتتعرض بريطانيا لأزمة شديدة، ومما يفاقمها أن بريطانيا تعتمد بشكل كبير على الغاز، لتدفئة المنازل، وكذلك لتوليد الكهرباء، كما أنها تسمح لأسعار الجملة بالسريان مباشرة على المستهلكين، على عكس العديد من الدول الأوروبية.

وفي ألمانيا، قال المستشار الألماني أولاف شولتز، الأربعاء الماضي، إن حكومته ستفعل ما بوسعها من أجل التأكد أن مواطنيها سيتمكنون من تجاوز هذا الوقت الصعب، وارتفاع التضخم.

وتختلف الدول الأوروبية من حيث إنفاقها على الغاز والكهرباء والفحم والوقود، لكن كل تلك الدول تقريباً، استخدمت قوتها لحماية مواطنيها من زيادة الفواتير.

الإنفاق الأوروبي

ووضع صندوق النقد الدولي تقديرات في شهر يوليو الفائت، بأن الدولة الأوروبية المتوسطة في الدخل المرتفع، أنفقت بالفعل 1% بشكل إضافي من الدخل القومي السنوي، على دعم أسعار الطاقة، وهو يبدو أنه أقل من الواقع، بشكل شبه مؤكد، كما أنه من المرجح أن يرتفع، بينما تزيد تلك النسبة في الدول الأوروبية الأفقر، حيث تمثل الطاقة نسبة أكبر من نصيب الميزانية، حيث أنفقت بالفعل 1.7% من دخلها القومي.

ومن أكثر ما يثير القلق أن الكثير من الأموال التي أُنفقت حتى الآن، تم توجيهها لمنع شركات الطاقة من زيادة الأسعار على العملاء، وهو أسلوب وصفه صندوق النقد الدولي بأنه «لا يحفز على توفير الطاقة».

ومن المتوقع أن تنفق الحكومة الفرنسية، خلال العام الجاري نحو 22 مليار يورو، لحماية مواطنيها من ارتفاع تكاليف الطاقة، مع تجميد أسعار الغاز للمستهلكين، بالإضافة إلى وضع حد أقصى بنسبة 4% على الزيادة في أسعار الكهرباء، وكلاهما تم تقديمه في فبراير الفائت.

أمّا النرويج، فتدفع حكومتها 90% من قيمة فواتير الكهرباء للأُسر، عندما تتجاوز أسعار الجملة الحدود المقررة، وذلك رغم قدراتها الكبيرة من الطاقة الكهرومائية، حيث واجهت ضغوطاً سياسية وعامة متزايدة، بسبب عدم قدرتها على منع تصاعد الأسعار.

ومن جانها، وافقت ألمانيا على خطة إنقاذ بقيمة 15 مليار يورو لشركة (Uniper)، وهي من أكبر المشترين للغاز، على الرغم من أن التكاليف المرتفعة للغاز ستسري في النهاية على العملاء.

خفض الضرائب

وأقدمت معظم الدول الأوروبية على إجراء آخر، هو خفض الضرائب على البنزين والديزل، بنسب تراوحت ما بين 5 بنسات لكل لتر في بريطانيا، إلى 29.55 سنت لسعر اللتر في فرنسا وألمانيا.

أمّا في إسبانيا، فقد حددت الحكومة سعر عبوات الغاز، والتي تستخدم بشكل شائع لتدفئة المنازل، وذلك حتى العام المقبل.

وأوضحت الصحيفة أن الاقتصاديين والحكومات يدركون أنهم يحتاجون إلى تقديم الدعم بهدف تشجيع الأُسر ومجتمع الأعمال على خفض استخدام الطاقة.

ففي هولندا، أدّت أسعار الطاقة المرتفعة للمصانع، إلى انخفاض بنسبة 30% في الاستخدام، خلال أول 5 أشهر من العام الجاري مقارنة بالعام الماضي.

وأشارت الصحيفة إلى أن جميع الأُسر في بريطانيا ستحصل على دعم بقيمة 400 جنيه استرليني في فواتير الطاقة خلال الشتاء المقبل، أمّا في دول أوروبا الوسطى والشرقية، فنجد أن الأُسر تنفق بشكل أكبر على الوقود الأحفوري، من نسبة نفقاتها المنزلية، لأن السلع ضرورية والدخول أقل؛ ما أدى إلى تقديم دعم أكبر لها، أغلبه في صورة إجراءات لحماية المستهلكين من ارتفاع الأسعار.

وأضافت أنه ولأول مرة منذ نهاية الشيوعية، يصبح لكل أسرة في بولندا، التقدم بطلب للحصول على إعانة لمرة واحدة، تصل إلى 3000 زلوتي (ما يوازي 640 يورو) لشراء الفحم، والذي لا يزال يستخدم لتدفئة المنازل.

ومن جانبها عرضت ألمانيا تخفيض ضريبة الدخل، وزيادة البدلات، في حين وضعت إيطاليا 200 يورو كعلاوة تكلفة للمعيشة، لغالبية العمال بأجر، والعاملين لحسابهم الخاص، وكذلك للمتقاعدين.

دعم الأسر الفقيرة

وتستهدف الدول الأوروبية دعم الأُسر الفقيرة، في ظل ارتفاع التكاليف، وهي سياسة يعتقد صندوق النقد الدولي أنها أفضل طريقة لخفض استخدام الطاقة بشكل عام.

وفي إيطاليا، وبالنسبة للفقراء الذين يحصلون على دخل سنوي أقل من 12 ألف يورو، فقد جمدت الحكومة الإيطالية، فواتير الطاقة المنزلية الخاصة بهم، بينما تسير الحكومة لتحقيق هدفين؛ الأول هو توفير الدعم للأُسر، والثاني هو الحفاظ على العجز في الموازنة العامة عند حدود 5.6% من الناتج المحلي الإجمالي.

وفي هولندا، من المقرر أن يحصل المستهلكون من أصحاب الدخول المنخفضة، على بدل طاقة يبلغ حوالي 1300 يورو، أمّا في بريطانيا، فستحصل الأُسر التي تتلقى دعماً حكومياً على 650 جنيهاً استرلينياً.

أمّا في إسبانيا، فقد دفعت الحكومة للأُسر الفقيرة في سن العمل، 200 يورو، وذلك لمن يحصلون على دخل أقل من 14 ألف يورو سنوياً، بينما قدمت دعماً أكبر لأصحاب المعاشات الحكومية المنخفضة، حيث تمت زيادة المدفوعات بنسبة 15%، أي حوالي 60 يورو إضافية شهرياً.

ومن ضمن الإجراءات التي اتخذتها الحكومات الأوروبية، بطاقة المواصلات العامة الألمانية، وهي بقيمة 9 يوروهات شهرياً، لأشهُر يونيو ويوليو وأغسطس، والتي شهدت إقبالاً كبيراً، ومطالبات بتمديدها في المستقبل، مع إمكانية خفض الدعم الحكومي لها.

ونقلت الصحيفة عن مساعدة مدير القسم الأوروبي في صندوق النقد الدولي، أويا سيلاسون قولها: «يجب على الحكومات تركيز جهودها على مساعدة الأُسر ذات الدخل المنخفض، والتي تعاني بشكل أكبر من غيرها، من ارتفاع فواتير الطاقة، ويجب أن تتحول السياسة من الدعم واسع النطاق إلى الدعم الموجه».