السبت - 04 مايو 2024
السبت - 04 مايو 2024

كيف تستعد أوروبا لتقنين المخاطر في مواجهة الغاز الروسي؟

كيف تستعد أوروبا لتقنين المخاطر في مواجهة الغاز الروسي؟

تواجه أوروبا خطر انقطاع التيار الكهربائي، والتقنين، والركود الشديد، إذا خفَّضت روسيا شحنات الغاز مرة أخرى، بحسب «بلومبيرغ».

وبدأ، الأربعاء، توقف لمدة 3 أيام لخط أنابيب نورد ستريم -وهو مصدر رئيسي للغاز الطبيعي للاتحاد الأوروبي- وتنتشر المخاوف من أن موسكو ستجد ذريعة أخرى لتضييق الخناق على الإمدادات، مما يضع المنطقة تحت رحمة الطقس.

وقبل ساعات من الانقطاع، أخطرت شركة «غازبروم» الروسية، شركة المرافق الفرنسية «إنجي» بأنها ستوقف عمليات التسليم اعتباراً من يوم الخميس بسبب الخلاف حول المدفوعات، وتوسع هذه الخطوة من تخفيضات تدفق الغاز في القارة.

ويشمل السيناريو الأسوأ قطعاً كاملاً للغاز الروسي عن المنطقة وموجة برد مبكرة، ومع توفر القليل من الإمدادات البديلة، فإن زيادة الطلب على التدفئة من شأنه أن يدفع الأسعار إلى آفاق جديدة، ما قد يثير الاضطرابات الاجتماعية ويختبر عزم أوروبا على دعم أوكرانيا.

وأدت التخفيضات التدريجية لإمدادات الغاز الروسي لأوروبا إلى زيادة التوتر في أسواق الطاقة.

وتقول شركة «غازبروم» إن هناك حاجة للصيانة الروتينية والتفتيش على محطة ضغط نورد ستريم، في وقت تقترب فيه أوروبا من موسم انخفاض درجات الحرارة والحاجة للتدفئة.

ويشير الكرملين بإصبع الاتهام إلى أوروبا، مؤكداً أن العقوبات الغربية على روسيا في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، هي العقبة الوحيدة أمام إمداد الغاز عبر نورد ستريم.

وبحسب روسيا، فمن المقرر أن تتوقف تدفقات نورد ستريم بين عشية وضحاها، ويقول ليون إيزبيكي، محلل الغاز في شركة «إنرجي سبكتس»: هناك احتمال بنسبة 30% ألّا تعود عمليات التسليم عبر رابط الغاز الروسي الرئيسي في أوروبا حتى عند المستويات المنخفضة بشكل كبير في الأسابيع الأخيرة.

وتعد ألمانيا بؤرة الأزمة، فهي المكان الذي يربط فيه نورد ستريم بشبكة الغاز الأوروبية، وتعتمد المنازل والمصانع في البلاد بشكل كبير على الوقود بعد عقود من الاعتماد على الطاقة الروسية.

ويحتاج أكبر اقتصاد في أوروبا إلى تقليل استخدام الغاز بنسبة 20% على الأقل وتأمين إمدادات إضافية لاستمراره خلال موسم التدفئة القادم، وفقاً لرئيس هيئة تنظيم الطاقة في ألمانيا، كلاوس مولر.

وقال مولر لصحيفة مونشنر ميركور، الأسبوع الماضي: «إذا تمكنَّا من القيام بكل ذلك، فلدينا فرصة لتجاوز هذا الشتاء والشتاء المقبل، وإذا لم ننجح فقد يكون الأمر صعباً».

وقال مولر إن خزانات الغاز الألمانية الاحتياطية ممتلئة بنسبة 83%، لكنه حتى لو وصلت إلى نسبة 95% وهي هدف البلاد، فإن ذلك سيغطي أقل من 3 أشهر من التدفئة والطلب الصناعي والطاقة إذا قطعت روسيا الإمدادات تماماً، وستتحكم وكالته، المعروفة باسم BNetzA، في توزيع الغاز إذا تم إعلان حالة الطوارئ.

وتزيد الحاجة لدعم قطاع الطاقة، مع حماية المستهلكين المعرضين للخطر، بعد أن طلبت Uniper SE -أكبر مشترٍ للغاز الروسي في ألمانيا- يوم الاثنين تمديد حد الائتمان الحكومي إلى 13 مليار يورو لتجنب الانهيار.

وحذّر «كومرتس بنك إيه جي» من «ركود حاد» في ألمانيا إذا أوقفت روسيا إمدادات الغاز تماماً، وقالت فيتش راتينجز: رغم أن البلاد من بين الأكثر ضعفاً، فإن المخاطر تمتد أيضاً إلى النمسا وإيطاليا.

وتتلقى بعض الدول الأخرى أيضاً الغاز الروسي من جيرانها، وقد تؤدي التخفيضات إلى تعطيل تلك التجارة.

وتحد الصناعات -من الزنك والألومنيوم إلى الأسمدة- من الإنتاج بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، وقد يتسبب ذلك في ضرر طويل الأمد لاقتصاد أوروبا إذا تخلت العديد من الشركات عن عملياتها.

وقال جيمس هوكستيب، رئيس تحليلات الغاز في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في «ستاندرد آند بورز جلوبال»: إذا ظلت الأسعار عند هذه المستويات، فسنشهد تدميراً للطلب أكثر بكثير مما هو ضروري.

وعلى الرغم من المخاوف، فإن من المتوقع أن تحافظ روسيا على مستوى معين من إمداد الغاز إلى أوروبا التي تعد سوقها الرئيسي، حيث يعني توقف عمليات التسليم، كبحاً لمصدر رئيسي لإيرادات موسكو.

وقال محللو «جولدمان ساكس إنك» الأسبوع الماضي إن التوقف الدائم لـ«لنورد ستريم لي» لن يستمر طويلاً، ويتوقعون إعادة التدفقات عند مستوى ما قبل الصيانة البالغ 20% من السعة، وقد يكون هذا كافياً لإنقاذ فصل الشتاء في أوروبا، وفقاً لنيك «فان كوترين»، أحد كبار المتداولين في شركة الطاقة الهولندية PZEM.

وقال: «إذا كان هناك شتاء عادي، فيجب أن تكون الأمور على ما يرام، بالنظر إلى مستويات المخزون الحالية وانخفاض الطلب، لكن من الواضح أن هناك مخاطر إذا كان هناك بعض البرد المبكر»، وحتى الآن تبدو التوقعات جيدة، ومن المتوقع أن تكون درجات الحرارة أعلى من المتوسط في أوائل أكتوبر، وفقاً للمركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى.

وتعمل ألمانيا جاهدة على تنويع مصادرها للطاقة، حيث تعيد تشغيل محطات توليد الطاقة بالفحم، وتنظر في توسيع منشآتها النووية المتبقية، كما أنها تتسابق أيضاً لربط أولى محطاتها العائمة للغاز الطبيعي المسال هذا الشتاء.

وقال المستشار الألماني أولاف شولتز، الثلاثاء: «يمكننا التعامل بشكل جيد مع التهديدات التي نواجهها من روسيا التي تستخدم الغاز، على سبيل المثال، كجزء من استراتيجيتها الخاصة في الحرب مع أوكرانيا».