الاحد - 28 أبريل 2024
الاحد - 28 أبريل 2024

بريطانيا تواجه معوقات تمويلية نحو مضاعفة الطاقة النووية

بريطانيا تواجه معوقات تمويلية نحو مضاعفة الطاقة النووية

كان اندفاعُ المملكة المتحدة الجريء نحو مضاعفة قدرة الطاقة النووية إلى ثلاثة أمثالها، سبباً في دفعها إلى الأمام مع الوعد بتمويلٍ حكوميٍّ لمحطة «سايزويل سي»، ولكن تظلُّ الشكوك قائمةً حول قدرة الحكومة على منح الإذن لمشاريع كافية بحلول 2030 لتحقيق هذا الهدف.

ونظراً لأنَّ محطة كهرباء فرنسا استغرقت نحو 10 سنوات للوصول إلى هذا الهدف، فإنَّ الخطَّة الحكومية البريطانية «الكبيرة» بشأن الطاقة النووية التي ستساعد البلاد في الاستغناء عن الوقود الأحفوري الروسي وخفض الانبعاثات تُعدُّ هدفاً يصعب تحقيقه، وفقاً لمقالةٍ نشرتها «بلومبيرغ» حديثاً.

ربما تسوء الأمور أيضاً بالنسبة لخليفة رئيس الوزراء بوريس جونسون، حيث أشار جونسون، يوم الخميس، إلى ضرورة مضاعفة قدرة الطاقة النووية في المحطة، علماً بأنَّ الحكومة تنوي تشغيل 8 مفاعلات نووية جديدة هذا العقد، إلَّا أنَّها تحتاج إلى الموافقة بوتيرة تعادل الموافقة على مفاعل واحد في السنة؛ ولكن لم يتحقَّق برنامجُ بناءٍ بهذا الحجم في القارة منذ أن فعلها الفرنسيون في السبعينيات، ما دفع القادة إلى إيجاد مسارات بديلة لتحقيق استقلال الطاقة وتخفيضات الانبعاثات.

كما أفاد أسجير هايمسون، كبير مساعدي شركة «أورورا إنيرجي ريسيرش» إلى أنَّ ذلك سيكون صعباً للغاية على الحكومة، إذ يجب الاستثمار كلَّ نحو ثلاث سنوات اعتباراً من عام 2022، ما يتطلَّب نحو 180 مليار جنيه استرليني من الإنفاق الرأسمالي، ما يشكِّل تحدياً لرئيس الوزراء الجديد الذي سيتولَّى منصبه في الأيام المقبلة في خضم الركود الناجم عن أسعار الطاقة القياسية، ومعدَّل التضخم المحتمل بلوغه 14% هذا الشتاء.

من المفترض أن يوفِّر أسطولٌ من المفاعلات الجديدة بقوة 24 غيغاواط بحلول عام 2050 دعماً ثابتاً لمحطات طاقة الرياح البحرية، لكنَّ الطموح قريب الأمد للوصول إلى 50 غيغاواط هذا العقد يُعدُّ كبيراً للغاية، فإذا لم تحدث الموافقات بحلول عام 2030، ولم تُبنَ المحطات بحلول عام 2040، فيمكن أن تضطر محطات الغاز الجديدة إلى سد الفجوة.

يمكن بناء المحطات بسرعة نسبياً، إلَّا أنَّ لجنة التغير المناخي نصحت الحكومة بضرورة أن تكون المحطات نظيفة اعتباراً من عام 2035 فصاعداً، باستخدام تكنولوجيا احتجاز الكربون وتخزينه لتحقيق أهداف خفض الانبعاثات.

بالإضافة إلى ذلك، تراجعت الحكومة في موقفها من التخلُّص التدريجي من إمدادات النفط والغاز في الأشهر الأخيرة، حيث إنَّها أعطت الموافقة في يونيو لحقل «جاكداو» للغاز الطبيعي في بحر الشمال بعد ثمانية أشهر من إغلاق المشروع بسبب المخاوف البيئية. وللمساعدة في تعويض ضريبة غير متوقعة بنسبة 25% على أرباح النفط والغاز، يمكن لشركات الطاقة الاستثمار في عمليات الاستخراج الجديدة، إلى جانب الفحم الذي من المحتمل أن يعود إلى الواجهة مجدَّداً.

ما يزال مشروع «سايزويل» بحاجة إلى دعم كبير من مستثمري القطاع الخاص قبل اتخاذ قرار استثماري نهائي، ليتابع من محطة «هينكلي بوينت سي»، أول محطة نووية في المملكة المتحدة منذ ثلاثة عقود، علماً بأنَّ التقدُّم في «هينكلي» يكلف أكثر، ويستغرق وقتاً أطول من المخطط له، ما يثير المخاوف بشأن ما إذا كانت الحكومة على حقٍّ في الاعتماد بشدة على هذه التكنولوجيا.

يعدُّ التمويل أكبرَ عقبة أمام المحطات الجديدة، حيث بلغت قيمة التمويل المطلوب لمحطة «سايزويل» نحو 20 مليار جنيه استرليني (23 مليار دولار) بداية هذا العام، لكنَّ تكاليف المواد ارتفعت منذ ذلك الحين. ولكن من المفترض أن تعمل قاعدة الأصول الخاضعة للتنظيم على تشجيع المستثمرين من القطاع الخاص وتخفيف مخاطر البناء التي يتحملها المطورون ودافعو الضرائب، ومن المتوقع أن يشكِّل استثمار الحكومة البالغ 700 مليون جنيه استرليني حصة 20% في المشروع، مع حصول صندوق التنمية الأوروبي على 20% أُخرى.

ومن ناحيته أفاد ريتشارد نورس، مؤسس شركة «غرين كوت كابيتال» لإدارة صناديق الطاقة المتجددة في المملكة المتحدة، بأنَّه يفكر في الاستثمار في يوليو، في حين أشار فينس زابيلسكي، الشريك في «بيلسبري وينثروب شو بيتمان»، إلى أنَّ محطة «سايزويل» تمثِّلُ «بصيصَ أملٍ» للصناعة النووية، حيث يبشر الاستثمار بالخير، رغمَ أنَّ القرار تأخَّر لنحو 10 سنوات.

أمَّا لوبا كوتزيفا دي دياز، المديرة الإدارية للطاقة ومصادر الطاقة المتجددة الأوروبية في «لازارد»، فترى أنَّ نموذج قاعدة الأصول الخاضعة للتنظيم يُعدُّ خطوة ذات مغزى في الحصول على المزيد من المشاريع المعتمدة، لكنَّه لن يفتح بوابات التمويل بعد، إذ إنَّ الهدف البالغ 24 غيغاوات «غيرُ قابل للتحقيق إذا بُني كلُّ مشروع عبر التفاوض الذي يستغرق من 5 إلى 10 سنوات».