الاحد - 28 أبريل 2024
الاحد - 28 أبريل 2024

المدن المظلمة.. مزايا خفية بخلاف ترشيد الطاقة

المدن المظلمة.. مزايا خفية بخلاف ترشيد الطاقة

بدأت المدن الألمانية في إطفاء بعض الأضواء في فترة الليل، الأمر الذي يحقق العديد من المزايا، والتي لا تقف فحسب عند توفير المال والكهرباء في ظل أزمة الطاقة، بل أنه يفيد صحة الإنسان والمناخ والتنوع البيولوجي، بحسب ما أوضحه تقرير نشرته شبكة «دويتش فيله» الألمانية، اليوم الاثنين.

إطفاء الأضواء ليلاً

وذكر التقرير أن أزمة الطاقة دفعت المدن في جميع أنحاء ألمانيا، إلى إطفاء الأضواء في المعالم الأثرية، والمباني البارزة، مثل قاعات المدينة والمتاحف والمكتبات، ومنذ الأول من شهر سبتمبر الجاري، حظر مرسوم توفير الطاقة، إنارة المباني العامة من الخارج، ففي العاصمة الألمانية برلين، سيبقى 200 معلم كبير، بما في ذلك عمود النصر وكاتدرائية برلين، غير مضاءة عند غروب الشمس.

فوائد مالية وبيئية

وبخلاف توفير الطاقة والمال، فإن المدن المظلمة لها العديد من الإيجابيات، لكل من المناخ والتنوع البيولوجي، فقد أوضحت جمعية السماء المظلمة الدولية، وهي منظمة غير هادفة للربح مقرها الولايات المتحدة الأمريكية، أنه بعيداً عن أزمة الطاقة وارتفاع الأسعار، فإن إيقاف تشغيل الإضاءة غير الضرورية، سيوفر 3 مليارات دولار (أي ما يوازي 2.9 مليار يورو) سنوياً، ويساعد كذلك في تقليل تلوث الهواء والانبعاثات الضارة التي تساهم في تغير المناخ.

وعلى سبيل المثال، وفي الهند، تؤدي الإضاءة المفرطة إلى إطلاق 12 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، بحسب خبير تغير المناخ، بافان كومار من جامعة راني لاكشمي باي الزراعية المركزية في ولاية أوتار براديش الهندية، وهذا ما يعادل حوالي نصف إجمالي الانبعاثات الناتجة عن إجمالي حركة النقل الجوي والبحري في الهند سنوياً.

ولفت التقرير إلى أن أكثر من 80% من الناس في جميع أنحاء العالم، يعيشون حاليا تحت سماء ملوثة بالضوء، في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، يصل الرقم إلى 99%، ما يعني أن الناس لم يعودوا يعانون من الظلام الحقيقي. وفي سنغافورة، أصبحت الليالي مشرقة جداً، لدرجة أن عيون الناس تكافح الآن للتكيف مع الظلام الحقيقي.

فوائد صحية

وأشار التقرير إلى أنه بالإضافة إلى الفوائد البيئية، فإن الظلام الكافي ليلاً يعتبر مفيد للصحة، حيث أظهرت الدراسات، العلاقة بين الضوء غير الطبيعي (الأضواء الصناعية) وبين إصابة العين، والأرق، والسمنة، بل والاكتئاب في بعض الحالات، كما أن الظلام مرتبط بهرمون الميلاتونين، (هرمون يتم إطلاقه عندما يحل الظلام). كما أظهرت دراسة أجريت عام 2020 من الولايات المتحدة، أن الأطفال والمراهقين الذين يعيشون في مناطق بها وفرة من الضوء غير الطبيعي ليلاً، يحصلون على قسط أقل من النوم، ويعانون في كثير من الأحيان من مشاكل عاطفية.

التلوث الضوئي

ويقدر العلماء أن كوكب الأرض يصبح أكثر إشراقاً بنسبة 2% كل عام، لذا فإن الظلام، والابتعاد عن الضوء، والإطفاء الجزئي لأضواء الشوارع، يمكن أن يكون خطوة أُولى في مواجهة التلوث الضوئي، رغم أن الظلام يعتبر من جهة أُخرى من العوامل المؤثرة على معدلات الحوادث والجريمة، وهو افتراض تناقضه إحدى الدراسات في إنجلترا وويلز.

التأثير على النباتات والحيوانات

وأشار التقرير أيضاً إلى أن الأنواع الأخرى من الكائنات تكافح من أجل التكيف مع الضوء غير الطبيعي ليلاً، فعلى سبيل المثال، وبسبب تلك الأضواء الليلية، فإن الشعاب المرجانية لا تتكاثر كالمعتاد، ويمكن للطيور المهاجرة أن تفقد إحساسها نحو الاتجاهات، مثل السلاحف الصغيرة، كما تتأثر الحشرات أيضاً، وتشير إحدى الدراسات إلى أن ما يقدر بنحو 100 مليار حشرة ليلية تموت في ألمانيا كل صيف نتيجة الإضاءة الصناعية الليلية.

وأظهرت العديد من الدراسات الحديثة، أن النباتات التي تنمو بالقرب من أضواء الشوارع، يتم تلقيحها بشكل أقل كثيراً ليلاً، وتنتج ثماراً أقل، بالمقارنة بنفس النباتات في مكان مظلم، بل إن الأشجار هي الأُخرى تشعر بتأثير الضوء ليلاً.