الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

العالم الافتراضي للمال.. 8 تريليونات دولار تعاملات البنوك الرقمية عالمياً في 2021

العالم الافتراضي للمال.. 8 تريليونات دولار تعاملات البنوك الرقمية عالمياً في 2021

تشير التقديرات إلى أن حجم الخدمات المالية والمصرفية الرقمية على مستوى العالم تجاوز 8 تريليونات دولار خلال عام 2021، ومن المتوقع أن تتخطى 10 تريليونات دولار بحلول 2027، وفق صندوق النقد العربي.

وأفاد «النقد العربي» بأن حجم سوق البنوك الرقمية قُدر بأكثر من 12.1 مليار دولار في 2020، ومن المتوقع أن يرتفع إلى نحو 30.1 مليار دولار بحلول 2026.

ورغم أن البنوك حول العالم بدأت رحلات التحول الرقمي منذ عقود فقد أدت التحديات التي فرضتها جائحة «كوفيد-19»، إلى بزوغ نجم ما يعرف بـــ«بنوك المستقبل» في ظل التوجه نحو الاعتماد علي الخدمات التي توفرها التكنولوجيات الجديدة التي بدأت تمد جسورها نحو المستقبل.

ولا يختلف ما تقدمة بنوك المستقبل عما تقدمه نظيرتها التقليدية، لكنها تطلق خدماتها على ضوء التكنولوجيات الجديدة سوء بشكل إلكتروني أو افتراضي أو رقمي عبر شبكة الإنترنت، أو من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي والميتافيرس ومن دون الحاجة للتوجه إلى مقر البنك، حيث تشمل خدماتها مجموعة من المنتجات والحلول المصممة لتعزيز التجربة الرقمية للخدمات المصرفية، حيث تبدأ بإجراءات سلسة وآليات سريعة لفتح الحساب، وصولاً إلى عمليات الموافقة الرقمية التلقائية على القروض.

وتواجه بنوك المستقبل -أو البنوك الرقمية- العديد من التحديات على رأسها التوسع في نطاق عملها، ومدى نضوج التقنيات المُستخدمة، إضافة إلى الأطر التشريعية والتنظيمية الحاكمة، إلى جانب ضرورة السلطات الإشرافية على مواءمة ومعالجة هذه التحديات مع وضع الأطر التشريعية والتنظيمية الملائمة لتقديم خدمات البنوك الرقمية.

كذلك يشكل الأمن الإلكتروني تحدياً كبيراً أمام تلك النوعية من البنوك في ظل غياب القواعد والتشريعات التنظيمية ومن بينها قوانين للجرائم الإلكترونية والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، إضافة إلى سياسات واضحة تنظم عمل المنصات السحابية وبرمجة التطبيقات المفتوحة وغيرها، لذلك لا بد من تكثيف الجهود عالمياً من أجل وضع ضوابط وسياسات مناسبة للحد من مخاطر الأمن الإلكتروني وتخفيض المخاطر المصاحبة للصيرفة الرقمية، وأيضاً اعتماد أدوات الامتثال التنظيمي، واكتشاف الاحتيال القائمة على الذكاء الاصطناعي لتحديد المشكلات وحلها سريعاً، وعلى نطاق واسع.

ومع التوسع في الاستثمار في التكنولوجيا المالية والذكاء الاصطناعي والميتافيرس، كانت المصارف الإماراتية أول البنوك التي تبنّت التحول الرقمي منذ عدة سنوات حيث أطلق «بنك المارية المحلي» في منتصف العام الماضي كأول بنك رقمي متخصص يقدم خدماته من خلال منصة خدمات رقمية تقدم منتجات مصرفية متكاملة تعمل ضمن أفضل معايير التكنولوجيا المالية.

الإمارات والبنوك الرقمية

كما حصل «زاند» مؤخراً على ترخيص مصرف الإمارات المركزي لمزاولة الأعمال المصرفية كبنك تجاري باسم «زاند بنك»، ليصبح بنكاً تجارياً مرخصاً ومنظماً في الدولة فضلاً عن حصوله على دعم استثماري من شركة «فرانكلين تمبلتون» وعدد من المجموعات الاستثمارية المحلية والدولية، بينما حصلت منصة «ويو» على التراخيص اللازمة من مصرف الإمارات المركزي للانطلاق وهي مملوكة لكل من «القابضة» و«ألفا ظبي القابضة» و«اتصالات» وبنك أبوظبي الأول برأس مال أولي قدره 2.3 مليار درهم.

وقال مدير عام اتحاد مصارف الإمارات جمال صالح، «إن القطاع المصرفي العالمي يشهد تحولات سريعة تتمثل في دخول عالم مالي افتراضي يتيح القيام بكل العمليات المصرفية في أي مكان وزمان».

وأضاف صالح أنه مع القفزة التي شهدتها تقنيات الإنترنت على مدار العقد الماضي، لم تكن مفاجأة أن تنشأ فكرة البنوك الرقمية الجديدة والتي تعمل في الفضاء الافتراضي بشكل كامل، وتتميز بسهولة الوصول من خلال تطبيقات الهواتف التطبيق أو زيارة الموقع الإلكتروني وإنجاز المطلوب خلال لحظات.

وتابع صالح: «لا شك أن الحاجة للمزيد من الخدمات الإلكترونية هو أمر واضح للعيان، ومن المؤكد أننا سنرى انتشاراً أوسع لباقات وتطبيقات الخدمات الإلكترونية أكثر فأكثر، ونعتقد أن المصارف الرقمية ستسرّع من تطورها لتقديم خدمات إلكترونية أكثر في المستقبل».

مخاطر تقنية

ويرى مدير عام اتحاد مصارف الإمارات، أن بنوك المستقبل أو البنوك الرقمية تواجه عدة مخاطر يمكن تقسيمها إلى أكثر من فئة كالمخاطر التقنية التي تحدث من احتمال الخسارة الناتجة عن خلل في شمولية النظام أو من أخطاء العملاء، وأيضاً مخاطر الاحتيال التي تتمثل في تقليد برامج الحواسب الإلكترونية أو تزوير معلومات مطابقة للبرامج الإلكترونية، أو تعديل بعض المعلومات بخصوص الأموال الإلكترونية، وهنالك أيضاً المخاطر القانونية.

وشدد على أهمية أن توفر البنوك كل السبل والأنظمة للحد من هذه المخاطر وحماية العملاء خلال استخدامهم لبرامج وتطبيقات مصارفهم، موضحاً أنه لا فرق ما بين المصارف التقليدية والرقمية في الالتزام بالتشريعات والأنظمة المطبقة، إذ إن معظم المصارف التقليدية لديها بوابات وتطبيقات لتقديم خدماتها إلكترونياً، بينما تكون البنوك الرقمية متخصصة بتقديم الخدمات الإلكترونية دون الحاجة لوجود أفرع فعلية.

تكنولوجيا مالية

من جانبه، قال محمد وسيم خياطة، الرئيس التنفيذي لبنك المارية المحلي، أول بنك رقمي متكامل في دولة الإمارات «البنوك الرقمية والإلكترونية تمتلك العديد من الميزات التي لا تستطيع البنوك التقليدية تقديمها، مع توفر إمكانية الوصول للحساب المصرفي من سطح المكتب والجوال، ما يعني أن العميل ليس مرتبطاً بساعات العمل المصرفية لإدارة أمواله».

وأضاف خياطة أن أنظمة الخدمات المصرفية الرقمية تعد أكثر مرونة، وتسمح للبنوك بإضافة ميزات وتوسيعها بشكل أسرع بكثير من الأنظمة التقليدية باستخدام أحدث التقنيات المصرفية، مشيراً إلى أن البنوك الرقمية لا تسمح للعملاء فقط بإجراء عمليات الإيداع والتحويل في الحساب عن بُعد؛ لكنها توفر أيضاً الفرصة للتقدم بسهولة أكبر للحصول على القروض والوصول إلى خدمات إدارة الأموال الشخصية بما في ذلك التحويلات الخارجية والاستثمارات في فئات الأصول المختلفة مثل الأسهم والذهب وصناديق الاستثمار المشتركة.

خطوات شجاعة

من جهته، قال الرئيس التنفيذي للبنك التجاري الدولي علي سلطان ركاض العامري، «إن قطاع الخدمات المصرفية لا بد أن يتخذ بعض الخطوات الشجاعة والمبتكرة، لمواكبة الاقتصاد الرقمي وإعادة ابتكار تجربة العملاء من منظور رقمي».

ظهور البنوك الرقمية

ويرجع أول ظهور للبنوك الرقمية حول العالم إلى عام 2015، إذ يعد بنكا «مونزو» و«اتوم بنك» البريطانيان من أوائل البنوك الرقمية، بينما تعتبر الولايات المتحدة أكبر دولة تسهم في نمو سوق الخدمات المصرفية الرقمية.

وتقدم البنوك الرقمية الخدمات والعمليات المصرفية عن بُعد عبر تطبيقات خاصّة، ولا تتطلب الإجراءات مراجعة أي فرع، حيث تعمل عن طريق شبكة الإنترنت، وتهدف هذه البنوك إلى تسهيل العمليات البنكية والخدمات للعملاء الأفراد بطريقة فعالة ومرنة وتسهل عليهم إنهاء خدماتهم في أي وقت يرغبون فيه، كما تهدف إلى مواكبة آخر التطورات في القطاعين المالي والتقني.

وتوزع البنوك الرقمية على ثلاثة نماذج؛ الأول يشمل البنوك الرقمية المستقلة بالكامل، والتي تتبع في الغالب لشركات اتصالات أو تجارة إلكترونية، والثاني يشمل وحدات الخدمات الرقمية التابعة للبنوك التقليدية، أما النموذج الثالث فيبنى على الشراكة بين بنك قائم ومؤسسة رقمية تشكل واجهة أمامية، بينما تقع مسؤوليات العمليات على البنك ذاته.

بنوك الميتافيرس

بدأت الكثير من البنوك حول العالم في مواكبة تكنولوجيا الميتافيرس من خلال إطلاق عوالمها الخاصة ضمن سلسلة من العوالم الافتراضية الرقمية، التي تمكن المستخدمين من التنقل والتفاعل واكتشاف الخدمات المصرفية وحتى الوصول إليها باستخدام صور أو شخصيات رمزية للمتعاملين تسمى «الآفاتار»، وعادة ما تبني هذه العوالم بالاعتماد على التقنيات المتقدمة مثل الواقع المعزز، والافتراضي والبلوك تشين، وهي الحلقة الرئيسية التي تربط العالم المادي والرقمي معاً.

ويسمح «الميتافيرس» للعملاء بزيارة افتراضية لبنكهم المفضل، والوصول إلى المعلومات المصرفية والاستفادة من المنتجات والخدمات المختلفة من خلال تجارب متعددة الوظائف باستخدام صور رمزية مخصصة عبر العالم الحقيقي والواقع المختلط وبيئات الواقع الافتراضي، بالإضافة إلى التفاعل الرقمي القائم على الذكاء الاصطناعي للعملاء، وتحليل المحفظة، وإدارة الثروات، والإقراض المشترك، والخدمات المصرفية للشركات.