الجمعة - 17 مايو 2024
الجمعة - 17 مايو 2024

كيف تسيطر البنوك المركزية على التضخم دون حدوث ركود؟

كيف تسيطر البنوك المركزية على التضخم دون حدوث ركود؟

أشار البنك الدولي إلى احتمالية وقوع الاقتصادات العالمية في الركود العام المقبل، وسط السياسة النقدية العدوانية المشددة للبنوك المركزية التي تسعى إلى كبح جماح التضخم، حيث أظهر البنك في آخر دراساته أنَّ العديد من المؤشرات التاريخية للركود العالمي بدأت في إطلاق التحذيرات مسبقاً، مضيفاً أنَّ الاقتصاد العالمي الآن في أشدِّ تباطؤٍ له بعد انتعاش ما بعد الركود منذ عام 1970، «فمع رفع البنوك المركزية لأسعار الفائدة في وقت واحدٍ استجابةً للتضخم، ربما يكون العالم على حافة الركود العالمي في عام 2023».

وإلى جانب الركود، من المرجَّح أن تتضرَّر الاقتصادات بسبب سلسلةٍ من الأزمات المالية في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، حيث عانت ثقة المستهلك العالمي مسبقاً من انخفاضٍ أكثر حدَّة مما كانت عليه قبيل الركود العالمي السابق.

ومن ناحيتها، استمرت البنوك المركزية الكبرى حول العالم في رفع أسعار الفائدة هذا العام بدرجةٍ من التزامن لم تشهدها طيلة الأعوام الخمسين الماضية، ومن المرجَّح أن يستمرَّ هذا الاتجاه لمدة طويلة في العام المقبل، وفقاً لمقالةٍ نشرها موقع «ذا فايننشال إكسبرس» حديثاً.

ولكن ربما لا تكون هذه الزيادات في أسعار الفائدة وغيرها من الإجراءات السياسية كافيةً لإعادة التضخم العالمي إلى مستويات ما قبل الوباء، إذ يتوقع المستثمرون أن ترفع البنوك المركزية أسعار الفائدة العالمية إلى نحو 4% خلال عام 2023، بزيادة تتجاوز متوسطها لعام 2021 بنقطتين مئويتين.

في حال لم تخفَّ حدَّةُ اضطرابات العرض وضغوط سوق العمل، فإنَّ هذه الزيادات يمكن أن تترك معدَّل التضخم الأساسي العالمي (باستثناء الطاقة) عند نحو 5% في العام المقبل، أي نحو ضعف متوسط السنوات الخمس قبل الوباء.

ويمكن أن تحتاج البنوك المركزية إلى رفع أسعار الفائدة بنقطتين مئويتين إضافيتين من أجل خفض التضخم العالمي إلى معدَّلٍ يتماشى مع أهدافها، حيث أشار البنك الدولي إلى أنَّ هذا الارتفاع في الأسعار، إذا صاحبته ضغوط في الأسواق المالية، من شأنه أن يبطئ نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى 0.5% العام المقبل، أي 0.4% من الانكماش من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، ما يمثِّل التعريف الأساسي للركود العالمي.

كما أفاد ديفيد مالباس، رئيس البنك الدولي، بأنَّ «النمو العالمي يتباطأ بشكل حاد، مع احتمال المزيد من التباطؤ بالتزامن مع وقوع المزيد من البلدان في الركود»، مشيراً إلى قلقه حيال «استمرار هذه الاتجاهات، ما يؤدي إلى عواقب طويلة الأمد ومدمرة للأسواق الناشئة والاقتصادات النامية».

أكَّد مالباس كذلك على أنَّ صانعي السياسات يركزون على تعزيز الإنتاج بدلاً من خفض الاستهلاك الذي يمكن أن يحقق معدلات تضخم منخفضة واستقراراً للعملة ونمواً أسرع، مشيراً إلى «ضرورة سعي السياسات إلى توليد استثمارات إضافية، وتحسين الإنتاجية وتخصيص رأس المال اللذين يُعدَّان حاسمَين للنمو والحد من الفقر».

وجاء في التقرير أيضاً أنَّ البنوك المركزية يمكنها السيطرة على التضخم دون المجازفة بحدوث بالركود، ولكن الأمر سيتطلب عملاً منسَّقاً من قِبَل مجموعة متنوعة من صناع القرار السياسي. فبينما ينبغي للمصارف المركزية في الاقتصادات المتقدمة أن تضع في اعتبارها الآثار غير المباشرة عبر الحدود الناجمة عن تشديد القيود النقدية في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، فإنَّ التركيز ينبغي أن ينصبَّ على تعزيز الأنظمة التحوطية على صعيد الاقتصاد الكلي وبناء احتياطيات من النقد الأجنبي.

في الوقت نفسه، سيتعيَّن على السلطات المالية أن تُجري معايرةً دقيقة لسحب تدابير الدعم. علماً بأنَّ تخفيف القيود المفروضة على سوق العمل وتعزيز العرض العالمي للسلع الأساسية وتعزيز شبكات التجارة العالمية تعدُّ من التدابير التي يمكن أن يستخدمها واضعو السياسات الاقتصادية لمكافحة التضخم عن طريق تعزيز العرض العالمي.