الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

الملاذات الآمنة.. هل تبدد التوقعات المظلمة في الأسواق العالمية؟

الملاذات الآمنة.. هل تبدد التوقعات المظلمة في الأسواق العالمية؟

مع انهيار أسعار الأسهم، وتعرض السندات لأكبر خسائر منذ عقود، أدّى ارتفاع أسعار المستهلكين إلى تحويل بعض أركان الأسواق المالية إلى ملاذات مربحة في وقت سابق من هذا العام. ارتفعت أسعار النفط، سلع أخرى فعلت أيضاً. حتى ارتفاع أسعار المنازل والإيجارات دعم القطاع العقاري.

لكن الملاذات الآمنة تختفي بسرعة، ويرجع ذلك إلى أن الزيادة المستمرة في معدلات التضخم الأساسية - التي تستبعد أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة - تستعد لدفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي لمواصلة سلسلة زيادات أسعار الفائدة الأكثر عدوانية منذ عقود. وهذه أخبار سيئة للأصول من جميع المشارب.

وجدت دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة بنسلفانيا وجامعة هونغ كونغ أن الأسهم والسندات والسلع وصناديق الاستثمار العقاري تتعرض جميعها للخسائر عندما يرتفع التضخم الأساسي بشكل غير متوقع، وفقاً للبيانات من عام 1963 إلى عام 2019.

قال نيكولاي روسانوف، أستاذ المالية في كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا الذي شارك في تأليف الدراسة: «في النصف الأول من العام عندما كان تضخم الطاقة والغذاء يرتفع بشكل أسرع من معدله الأساسي، كان أداء السلع رائعاً وبدا وكأنه تحوّط كبير ضد التضخم». «ولكن عندما بدأت أسعار الطاقة في الانخفاض، رأينا أن الارتباط عكسي والسلع بشكل عام لا تسير على ما يرام».

ويضيف هذا التحوّل إلى التوقعات المظلمة في الأسواق المالية العالمية، والتي تضررت بشدة هذا العام مع تشديد البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم للسياسة النقدية، ما يمثل انفصالاً حاداً عن عصر النقود السهلة الذي ساعد الأسهم والسندات على التعافي من الوباء.

يوم الثلاثاء، ذكرت وزارة العمل الأمريكية أن مؤشر أسعار المستهلك الأساسي ارتفع بنسبة 6.3% في أغسطس عن العام السابق، وهو أول تسارع منذ مارس. وقضت الأرقام على آمال المستثمرين في حدوث تباطؤ، وعززت التوقعات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي في 21 سبتمبر سيرفع سعر الفائدة الرئيسي بمقدار ثلاثة أرباع نقطة مئوية للمرة الثالثة على التوالي.

وهذا التضييق العنيف يزيد من مخاطر حدوث تباطؤ حاد في الاقتصاد من شأنه أن يضر بأرباح الشركات والطلب على سلع مثل النفط.

انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بأكثر من 4% يوم الثلاثاء وحده، بعد تقرير التضخم، وانتهى الأسبوع بتراجع قدره حوالي 5%. انخفض مؤشر بلومبيرغ للسلع الأساسية بنسبة 3% منذ الثلاثاء. وارتفعت عائدات الخزانة، الأمر الذي دفع ديون الحكومة الأمريكية إلى خسارة أكثر من 11% هذا العام، وهو الأسوأ منذ بدأ مؤشر بلومبيرغ في عام 1973. كان الدولار الأمريكي من بين النقاط المضيئة القليلة، حيث ارتفعت العملة بسبب ارتفاع أسعار الفائدة.

ويتماشى التحول في أسواق السلع الأساسية مع ما شوهد منذ أوائل الستينيات، وفقاً لروسانوف وزملائه الباحثين. في حين أن السلع الأساسية تعود بنسبة 21% عندما يرتفع تضخم الطاقة بانحراف معياري واحد، فإنها في الواقع تنخفض بنسبة 0.1% عندما يشهد التضخم الأساسي نفس القفزة.

كما وجدت دراسة مماثلة أجراها باحثون من شركة مان جروب المحدودة وجامعة ديوك أن أداء كلٍّ من الأسهم والسندات يميل إلى الضعف خلال فترات التضخم في حين أن السلع هي فئة الأصول الرئيسية الوحيدة التي تتفوق بشكل موثوق عليه عندما يكون التضخم مرتفعاً. لكن التحذير هو أنه بمجرد أن يبدأ التضخم في الانخفاض من ذروته، فإن العائد على فئة الأصول يميل إلى الصفر، وفقاً لأحد المؤلفين.

وذكر مدير محفظة مجموعة مان تيون دراما: «يمر السوق بأكمله والعالم بأسره من هذه الفترة من التضخم المرتفع والمتصاعد، الذي كنا فيه، إلى فترة من التضخم الذي لا يزال مرتفعاً، ولكنه أقل». «نحن على أعتاب هذا التغيير».

ويعمل هذا التحول على تغذية التحرك خارج صناديق السلع الأساسية مع استعداد المستثمرين لتباطؤ النمو الاقتصادي أو الركود. ومن المقرر أن تشهد الصناديق واسعة النطاق المتداولة في بورصة السلع الأساسية سحب مبالغ نقدية لشهر خامس على التوالي في سبتمبر، مع سحب ما يقرب من 17 بليون دولار منذ بداية مايو.

أشار بيتر تشاتويل، رئيس تداول استراتيجيات الاقتصاد الكلي العالمية في شركة ميزوهو الدولية المحدودة: إلى أن «التضخم الأساسي قوي للغاية، وهذا يعني تنفيذ تشديد نقدي عدواني». «هذا من شأنه أن يقلل من الطلب على المدى القريب، ويقلل من أسعار معظم الأصول».