الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

«انحسار جنون الوظائف».. سوق العمالة الأطلسي «يتوقف عن الغليان»

«انحسار جنون الوظائف».. سوق العمالة الأطلسي «يتوقف عن الغليان»

بدأ جنون التوظيف الذي اجتاح الاقتصادات المتقدمة منذ الوباء في الانحسار، حيث يشعر أرباب العمل بالقلق من ارتفاع التكاليف وتراجع الطلب والتوقعات الاقتصادية القاتمة.

ولا تزال معدلات البطالة منخفضة على جانبي المحيط الأطلسي، لكن البيانات المنشورة في الأسبوع الماضي تشير إلى أن الوظائف الشاغرة تنخفض عن المستويات المرتفعة تاريخياً، وأن الشركات أصبحت أكثر حذراً بشأن تعيين موظفين بحسب فاينانشيال تايمز.

وإذا استمرت تلك المعدلات، فإن هذا المزيج يعد أخباراً جيدة لمحافظي البنوك المركزية، الذين يحرصون على تهدئة نمو الأجور في معركتهم مع ارتفاع التضخم، دون التسبب في ارتفاع معدل البطالة.

وقال سايمون ماكادام من كابيتال إيكونوميكس للاستشارات: «في جميع الاقتصادات المتقدمة، نحن في ذروة ضيق سوق العمل»، وأضاف أن سوق الوظائف في الولايات المتحدة على وجه الخصوص يظهر أقوى علامات «الخروج من الغليان».

وتشارك البنوك المركزية على جانبي المحيط الأطلسي في أكثر دورات رفع أسعار الفائدة حدة منذ أوائل الثمانينيات، حيث تحاول مكافحة ارتفاع الأسعار، ويشعر المسؤولون بالقلق من أن التدافع لجذب العمال يمكن أن يؤدي إلى دوامة من ارتفاع أسعار الأجور على غرار السبعينيات، حيث يستمر التضخم لسنوات قادمة.

وفي الولايات المتحدة، أظهرت البيانات الصادرة الأسبوع الماضي، أن الافتتاحيات تراجعت بأعلى معدل لها منذ بداية الوباء، وفي منطقة اليورو، أظهرت استطلاعات مؤشر مديري المشتريات التي تمت مراقبتها عن كثب لشهر سبتمبر أن خلق فرص العمل قد انخفض إلى أدنى مستوى له في 18 شهراً في جميع أنحاء الكتلة، مع توقف التوظيف في الخدمات عن النمو، وفي المملكة المتحدة، انخفضت أعداد الوظائف الشاغرة من مستويات قياسية، وتشير الدراسات الاستقصائية إلى تباطؤ نشاط التوظيف على الرغم من نقص الموظفين.

ويواجه محافظو البنوك المركزية عملية توازن دقيقة، ويجادل بعض الاقتصاديين بأن وتيرة ونطاق التشديد النقدي يخاطران بترك الملايين بدون عمل، ولا سيما في الولايات المتحدة، حيث زاد الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض بمقدار 0.75 نقطة مئوية في كل من اجتماعات السياسة الثلاثة الأخيرة.

قالت كلوديا سام، مؤسسة سهم للاستشارات وخبير اقتصادي سابق في مجلس الاحتياطي الفيدرالي، إن «التضخم يمثل صعوبة كبيرة، مؤكدة أن سوق الإسكان يتباطأ بشكل ملحوظ الآن، وسنرى ذلك في الاقتصاد الأوسع والتضخم خلال العام المقبل».

وأظهرت البيانات الأمريكية المنشورة يوم الجمعة أن الاقتصاد أضاف 263000 وظيفة في سبتمبر، وهي نصف وتيرة نمو الوظائف التي شوهدت على مدار عام 2021، لكنها لا تزال أعلى بكثير من متوسطات ما قبل الوباء.

وفي الوقت نفسه، هبط معدل البطالة إلى أدنى مستوى له قبل انتشار الوباء لسبب غير مرحب به -ارتفاع متجدد في عدد الأشخاص الذين يختارون عدم البحث عن عمل- مما يشير إلى استمرار نقص العمالة، حتى مع وجود عدد أقل من الوظائف الشاغرة.

قال كريس والر، محافظ الاحتياطي الفيدرالي، الأسبوع الماضي، إن زيادة الوظائف في المنطقة البالغة 260 ألفاً ستظهر «أن سوق العمل يتباطأ قليلاً ولكنه لا يزال ضيقاً للغاية»، مما يدعم وجهة نظره بأنه قد يكون من الممكن تقليل الوظائف الشاغرة -وضغوط الأجور- بدون تسريح كبير للعمال.

وقال: «نحن لا نواجه حالياً مقايضة بين هدف التوظيف وهدف التضخم لدينا، لذلك يجب استخدام السياسة النقدية بقوة لخفض التضخم».

ومن المتوقع أن ترسم البيانات المقرر صدورها في المملكة المتحدة هذا الأسبوع صورة مماثلة لسوق العمل المتباطئ، ولكنه لا يزال ضيقاً، حيث يقف العديد من العمال الأكبر سناً على الهامش، ووصف ديف رامسدن، نائب محافظ بنك إنجلترا، هذا الارتفاع في الخمول بين كبار السن من العمال بأنه «أحد أهم موروثات الوباء».

لكن الاقتصاديين يقومون بمراجعة توقعاتهم للبطالة لعام 2023 لمعظم البلدان.

وفي الولايات المتحدة، من المتوقع أن يبلغ معدل البطالة السنوي في العام المقبل 4.2%، ارتفاعاً من 3.5% التي كانت متوقعة في فبراير، وفقاً لشركة كونسنسوس إيكونوميكس، وهي شركة تضع متوسط ​​توقعات القطاع الخاص الرائد.

وقال ريتشارد فلين، العضو المنتدب في شركة الوساطة تشارلز شواب: «من غير المرجح أن يتمكن بنك الاحتياطي الفيدرالي من خفض فرص العمل دون رفع معدل البطالة على خلفية ارتفاع التضخم وتلاشي هوامش الربح وأسعار الفائدة».

وعدل الاقتصاديون توقعاتهم للبطالة الألمانية لعام 2023 بالزيادة بمقدار 0.6 نقطة مئوية إلى 5.5% خلال الفترة نفسها، وساهم ذلك في دفع معدل منطقة اليورو إلى ما فوق 7% في توقعات سبتمبر، مرتفعاً من أقل من 6.8% قبل بضعة أشهر فقط.

وفي المملكة المتحدة، تم تعديل معدل البطالة لعام 2023 إلى 4.5%، مرتفعاً من 4.1 في فبراير، حتى قبل أن ترفع الميزانية «المصغرة» توقعات أسعار الفائدة، ما دفع العديد من الاقتصاديين إلى توقع ركود أعمق.

وتعد توقعات معدل البطالة لعام 2023 الآن أعلى مما كانت عليه قبل بضعة أشهر أيضاً في نيوزيلندا وأستراليا وكندا مع ارتفاع أسعار الفائدة وزيادة مخاطر الركود، بينما تظهر زيادة أصغر من تلك الموجودة في البلدان الأخرى، وتمت مراجعة توقعات معدلات البطالة صعوداً لجميع الأسواق التي تتبعها «كنسنز ايكونامكس»، بما في ذلك كوريا الجنوبية وهونغ كونغ واليابان.