الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

راسينغ الأرجنتيني يستنسخ تقنية «فوتبونوت» لزعامة الكرة اللاتينية

قد لا يفهم القادم إلى الصالة الرياضية الخاصة بأكاديمية نادي راسينغ كلوب الأرجنتيني سر الطلاء الأزرق الغامق الذي تكتسي به جدرانها إضافة إلى العلامات الضوئية البارزة، إلا بعد الجلوس مع مساعد مدير الأكاديمية دييغو هويرتا.

والجواب عند الأخير يكمن في ابتكار طريقة تحاكي تكنولوجيا جديدة لتدريب لاعبي كرة القدم أو ما يعرف بالمدرب الآلي الذي يطلق عليه كذلك اسم «فوتبونوت».

ويبين الأرجنتيني أن التقنية الأصلية ظهرت في عالم المستديرة عبر أكاديمية بروسيا دورتموند الألماني، واصفاً إياها بمستقبل كرة القدم «إنها طريقة تدريب مستقبلية مصممة لتحسين سرعة التفكير ومهارة التنفيذ، حيث يتلقى اللاعبون الكرة من جهاز خاص داخل الغرفة، كل بضع ثوان، ويتعين على اللاعب الدوران والتسديد في المربع المضيء في الوقت نفسه والاستعداد لتلقي التمريرة التالية وهكذا».


إن دورتموند وهوفنهايم هما الناديان الوحيدان اللذان يملكان التقنية في العالم، حيث يعتقد المدربون أن دقيقتين أو ثلاث دقائق داخل


الفوتبونوت يمكن أن يكون لها التأثير نفسه لجلسات التدريب المتعددة، ولكنها مع ذلك ليست متوفرة لارتفاع ثمنها، إذ تقدر تكلفة الآلة الواحدة ما بين 2 مليون دولار إلى 4 ملايين دولار، وتتطلب تحديثات دورية للبرامج التي تعمل بها.

لا شك أن هذا السعر بعيد المنال عن إمكانات راسينغ، ما جعله يتجه للعمل مع مطور برمجيات محلي لبناء آلة مشابهة وفق الموارد المتوفرة، وهو ما يصفه هويرتا بالنسخة الأرجنتينية للآلة الألمانية «يمكننا القول إن هذه هي نسختنا الخاصة».

تاريخ

يدرك النادي الأرجنتيني العريق ضرورة الاستفادة من اسمه، مثل جميع مراكز القوى التقليدية في كرة القدم الأرجنتينية، فلا تكاد جدران الأكاديمية تخلو من صور النجوم السابقين فضلاً عن استعراض إنجازات النادي وقائمة البطولات التي نالها منذ أوائل القرن العشرين حتى نجاحه الأول في كأس ليبرتادوريس عام 1967 عندما أصبح في العام ذاته أول فريق أرجنتيني يفوز بكأس إنتركونتيننتال.

وعلى الرغم من التاريخ الكبير الذي يحظى به، لا يبدو أن القائمين على أمر النادي راضون عن الواقع الحالي، خصوصاً أن راسينغ يدار كمؤسسة اجتماعية محصنة ضد أطماع الشركات الكبرى، وذلك يجعله يبرز كقاعدة للابتكار.

ولم تكن الآلة التدريبية الجديدة مجرد فوتبونوت محلية الصنع فحسب، بل إنها تمثل جزءاً من الدعم الفني الذي تحظى به مجموعة الشبان الذين يعيشون داخل الأكاديمية، وهذا مماثل للدعم الذي يقدمه الأكاديميون والأطباء النفسيون من محبي راسينغ.

روح

لعل تلك الروح هي ما يجعل فريق خافيير وينر المؤلف من أربعة كشافين، بمن فيهم هويرتا، لا يمل من العمل داخل مكتب صغير تحت الأرض في موقف السيارات الخاص بالنادي، بل يحقق إنجازات ضخمة، حيث يتقاسم الجميع المسؤوليات مستخدمين تقنيات التحليل الحديثة في كرة القدم لمتابعة الدوريات الصغيرة والدرجات الدنيا في أمريكا اللاتينية، فضلاً عن الأخبار العالمية عبر وسائل الإعلام المختلفة.

ويعتقد هويرتا أن طريقة عملهم قد تصبح معياراً للكثير من الأندية الصغيرة في أمريكا الشمالية وآسيا

«عادة ما يكون المدرب أو رئيس النادي هو المسؤول عن استقطاب اللاعبين بمساعدة عدد قليل من الوكلاء، وهو ما ينتج عنه قرارات حاسمة من قبل شخص لا يعرف أي شيء عن كرة القدم في بعض الأحيان».

وتابع «نحن مصممون على أن نمثل نوعاً آخر من الأندية، لذا علينا أن نكون مبدعين، كما يجب أن نمتلك شبكة كشافين قوية حتى يتسنى لنا الحصول على لاعبين قبل الأندية الكبرى ريفر بلايت وبوكا جونيورز والتي لا نستطيع منافستها مالياً».

وفاء

يعتبر دييغو ميليتو نجم المنتخب الأرجنتيني السابق أحد أهم الشخصيات في تاريخ النادي، وهو العقل المفكر لنهضة الفريق في الفترة الأخيرة، فرغم الشهرة الواسعة التي يحظى بها مهاجم إنتر ميلان السابق، إلا أنه آثر العودة إلى ناديه الأصلي عقب اعتزاله الكرة كلاعب ليتولى منصب المدير الرياضي للفريق.

ويصف هويرتا الذي لا تزال صورته تزين جدران الأكاديمية الأسطورة ميليتو بالبطل القادم لإعادة أمجاد راسينغ «إنه على أعتاب القيام بذلك، فالفريق يقف أعلى قمة ترتيب الدوري الأرجنتيني لأول مرة منذ لقبه الأخير في 2014، ما يعني أننا اقتربنا أكثر من أي وقت مضى من استعادة اللقب، وذلك بفضل ميليتو الذي عاش معظم حياته الكروية في أوروبا وتعلم كيف يصنعون النجاح هناك».

وحاول ميليتو الاعتماد على التقنيات والكوادر الأوروبية منذ وصوله، فاستعان بخافيير وينر الذي سبق له العمل ضمن وحدة استكشاف متنقلة في العديد من البلدان ولصالح عدد من الأندية الأوروبية، إضافة لهويرتا الصحافي السابق والمتخصص في التحليل عبر الفيديو فضلاً عن إجادته عدداً من اللغات، الأمر الذي شجع مواطنه دييغو على ضمه إلى فريق عمله ليشكل جسراً بين النادي والأندية الأوروبية.

ومن الواضح أن النادي الأرجنتيني يسعى جاهداً لمنافسة الأندية الكبرى المعروفة بتصدير المواهب إلى أوروبا، وهذا ما يؤكده هويرتا باعتبار أن ناديه هو الوحيد في الأرجنتين الذي يرسل الكشافة إلى بطولات الشباب الدولية، ونجح بالفعل في استقطاب لاعبين شبان من كولومبيا وبيرو وفنزويلا، ما يشير إلى أن ثورة ميليتو تسير في الاتجاه الصحيح لبناء مستقبل راسينغ الجديد.