الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

فلورنتينو بيريز يتفوق على برشلونة في تفريخ المواهب الشابة

عاش برشلونة الإسباني حقبة تمتع خلالها بلقب الفريق الأفضل من حيث تفريخ المواهب الشابة في أكاديمية لا ماسيا الأشهر في العالم. الآن يرقب العالم أفضل مواهب برشلونة من الشباب يغادرون كامب نو بحثاً عن فرص أفضل خارج أسوار النادي الكاتالوني. من ناحية أخرى، يبدو أن الطاولة انقلبت إلى الأفضل في استاد سانتياغو برنابيو، من حيث الاعتماد أكثر على الشباب من نجوم اللعبة، بدلاً من الاعتماد الكامل على اتباع سياسة التعاقد مع (الغالاكتيكوس) التي هندسها الرئيس فلورنتينو بيريز. عندما افتتح برشلونة موسمه الجاري، مضت ثمانية أعوام منذ أن نشرت صحيفة (سبورت) الكاتالونية على صفحتها الأولى عنواناً يقول: (كتنتيرا كونترا كارتيرا) وتعني (أكاديمية الشباب ضد محفظة النادي). في ذلك الصيف، فازت إسبانيا على هولندا في المباراة النهائية لكأس العالم، وشارك في ذلك الفوز سبعة لاعبين من تشكيلة برشلونة من خريجي أكاديمية لا ماسيا، وبحلول شتاء العام نفسه، صعد كل من ليونيل ميسي، تشافي هيرنانديز، وأندرياس إنيستا منصة التتويج بجائزة الكرة الذهبية، وكانت المرة الأولى التي يترشح خلالها ثلاثة لاعبين من خريجي الأكاديمية نفسها. وحمل عنوان صحيفة سبورت الكاتالونية إيماءة خفية لريال مدريد. أمضى فلورنتينو بيريز عاماً واحداً في فترته الثانية رئيساً لنادي ريال مدريد، وخلالها تعاقد مع كل من كريستيانو رونالدو، كريم بنزيمة، تشابي ألونسو، كاكا، أنخيل دي ماريا، ومسعود أوزيل. ولم تفرخ أكاديمية ريال مدريد نجماً منذ إيكر كاسياس. كما أدرك الكل ما تعنيه صحيفة سبورت، عندما كان برشلونة يقوم بتفريخ المواهب الشابة، ويعمد الريال إلى شرائهم. رياح التغيير تغيرت الأحوال في الوقت الجاري، ولم تفرخ أكاديمية برشلونة نجماً منذ سيرغيو بوسكيتس، الذي جاءت مشاركته الأولى منذ عشرة أعوام، في الوقت الذي سجل فيه الريال سلسلة من المواهب الإسبانية. ومنذ صيف 2012 أنفق برشلونة 360 مليون جنيه إسترليني على شراء اللاعبين، بينما اقتصر إنفاق الريال على 28 مليون جنيه إسترليني للغرض نفسه، لقد انعكست الأدوار تماماً. امنحوهم فرصة جرى تطبيق السياسات الجديدة بتوجيهات بيريز، الذي اشتهر بأنه مهندس الغالاكتيكوس، ونشأ فلورنتينو وهو يتابع إنفاقات الريال الضخمة خلال حقبة خمسينات وستينات القرن الماضي، وقتها حقق الفريق الفوز بالكأس الأوروبية خمس مرات توالياً، أما الآن فيفضل الاستعانة بالمواهب الإسبانية الشابة على الغلاكتيكوس، أما برشلونة فذهب إلى الاتجاه المعاكس. مفخرة لاماسيا اشتهرت أكاديمية برشلونة بالاعتماد على التكتيك وليس القوة البدنية، وهو أسلوب ساهم في تطوير مستوى عدد من لاعبيه المشاهير، أمثال تشافي هيرنانديز، إنيستا، كارليس بويول، وفيكتور فالديز. ولم يكن بمقدور أي منهم إحداث التطور السريع الذي حدث لولا أن المدرب لويس فان غال أتاح لهم فرصة المشاركة مع الفريق الأول. وتنطبق النظرية نفسها على ميسي، بوسكيتس، وبيدرو، الذين شاركوا لأول مرة خلال تولي فرانك رايكارد وبيب غوارديولا خلال حقبة رئاسة خوان لابورتا، أحد أبطال الأكاديمية. وحتى تزدهر الموهبة، فالمطلوب أن ينداح الإيمان بالشباب ومقدراتهم في قمة الهرم الإداري بالنادي. خلال الحقبة نفسها، كان على المسؤولين عن نادي ريال مدريد مضاهاة برشلونة في الاعتماد على شباب النادي، ولم يجد مدربو الملكي الشجاعة لإشراك الناشئين إلا أحياناً، ومنهم جورج فالدانو الذي دفع بكل من راؤول وغوتي إلى التشكيلة الأساسية منتصف تسعينات القرن الماضي، وبخلاف ذلك تفادى المدربون الآخرون المغامرة بالشباب اليافعين، الذين فضلوا الانتقال إلى أندية أخرى بحثاً عن فرص أوسع للمشاركة. رسالة محفوفة بالمخاطر عندما تقدم غوارديولا باستقالته عام 2012، تولى المهمة من بعده تيتو فيلانوفا، خريج أكاديمية برشلونة، لكن عندما تنحى بعد ذلك بعام بسبب المرض، اختفت العلاقة التي كانت تربط بين الأكاديمية والفريق الأول. وبعد رحيل الرئيس لابورتا عين برشلونة المدرب الأرجنتيني جيراردو مارتينو، ومن بعده لويس أنريكي، وبالرغم من أن كليهما انتهج الأسلوب الهجومي لم يكن الاثنان من خريجي الأكاديمية. وتعرض لويس إنريكي للنقد بسبب إحجامه عن ترفيع شباب الأكاديمية إلى مصاف التشكيلة الأساسية. وخلال الأعوام الثلاثة الأخيرة تحت إدارته، تعاقد برشلونة مع اللاعبين، لوكاس دين، أردا توران، أندريه غوميش، أليكس فيدالو، وباكوألكاسير بمبلغ إجمالي 120 مليون جنيه إسترليني، وتسببت هذه التعاقدات في قطع الطريق أمام شباب النادي في الصعود إلى الفريق الأول، وفشل جميعهم في تحقيق النجاح المطلوب. ولم يكن هؤلاء اللاعبون أفضل من الشباب في أكاديمية برشلونة. هذا الواقع جعل بعض منافسي بارتوميو على مقعد رئاسة النادي الكاتالوني يوجهون له النقد الشديد حول انهيار أكاديمية لاماسيا. ونوه أحدهم، توني فريكسا، بأن عدد اللاعبين الشباب من أبناء النادي تقلص إلى النصف خلال الأعوام الثلاثة، مضيفاً «هذا التصرف مرفوض جعل برشلونة مثل أي ناد آخر». لم يتغير شيء تعاقد برشلونة الموسم الماضي مع باولينو، الذي اعتبره عشاق النادي بمثابة صفعة بالنسبة لأمال لاماسيا. ورحل البرازيلي باولينو الصيف الجاري، ليستبدله البارسا بأرتورو فيدال (31 عاماً)، كانت الرسالة سالبة وواضحة بالنسبة للأكاديمية العريقة، وتواصل رحيل المواهب. وللوهلة الأولى بدت المسألة كأنما هي خسارة بسيطة بالنسبة لبرشلونة، بعد أن فشل الراحلون في الانضمام إلى التشكيلة الأساسية، المشكلة أن المغادرين مؤخراً لم تتجاوز أعمارهم الـ 16 والـ 17. غادر الجناح النجم جوردي مبولا الصيف الماضي إلى موناكو الفرنسي، أما متوسط الدفاع إيرك غارسيا (17 سنة) الذي وصفه النقاد بأنه جيرارد بيكيه الجديد، فالتحق بفريق مانشستر سيتي الإنجليزي، ووكيل أعمال غارسيا هو نجم برشلونة السابق بويول، في إشارة إلى أنه حتى أساطير البارسا ينصحون شباب النادي بالرحيل. الهجرة متواصلة غادر المزيد من شباب الفريق الكاتالوني الصيف الجاري، منهم المدافع الأيسر جويل لوبيز إلى أرسنال، لاعب الوسط روبرت نافارو إلى يوفنتوس، وهو الذي أحرز 200 هدف خلال أعوامه الخمسة في الأكاديمية، والتحق الجناح سيرغيو غوميز(17 سنة) بصفوف بروسيا دورتموند، وتم اختيار غوميز ثاني أفضل لاعب خلال مشاركته في بطولة العالم تحت 17 سنة العام الماضي. الريال على الخط بينما يتواصل نزيف المواهب في صفوف برشلونة، بدأ ريال مدريد في استغلال الموقف والتعاقد مع الشباب، كما قلص بيريز من الإنفاق على شراء النجوم، عمد إلى منح خريجي الأكاديمية أدواراً أكثر فاعلية في التشكيلة الأساسية، بعد أن يمضي كل منهم فترة الإعارة لموسم أواثنين، ومن أبرز الأمثلة على ذلك المدافع الأيمن داني كارفخال. وخلال الأعوام القليلة الماضية كانت تشكيلة الريال الأساسية قوية وليست بحاجة إلى التدعيم، وهو ما أدركه بيريز فعمد إلى جلب المزيد من الشباب. ومنذ العام 2014، تعاقد الريال مع ماركو أسنسيو، أحد المرشحين بقوة لنيل جائزة الكرة الذهبية مستقبلاً، الطريف أنه التحق بصفوف فريق العاصمة بعد أن تخلى عنه برشلونة، رافضاً تسديد قيمته البالغة 3.15 مليون جنيه إسترليني كاملة لفريقه السابق مايوركا. وتعاقد الريال كذلك مع متوسط الدفاع خيسوس فليخو، والمدافع الأيسر ثيو هيرنانديز وصانع الألعاب داني سيبايوس، وأضاف الريال الصيف الجاري المدافع الأيمن ألفارو أودريزولا، وجميعهم شباب يحملون الجنسية الإسبانية. تزيين الكيكة توج فلورنتينوبيريز جهوده (الشبابية) بالتعاقد مع المدرب جوليان لوبيتيغي، الذي كان وراء انتصارات منتخبات إسبانيا تحت 19 سنة وتحت 21 سنة ببطولتي يورو 2012 و2013 توالياً. وعندما غادر لوبيتيغي منصب مدرب منتخب الشباب الإسباني عام 2014، كان مساعده هو ألبيرت سيلاديس الذي لحق كمساعد مدرب لفريق ريال مدريد. الآن يبدو المشهد مثالياً في سانتياغو برنابيو، فيما يخص الإمساك بيد العناصر الشابة الموهوبة وقيادتهم نحو الفريق الأول. وبعد ثمانية أعوام من المانشيت الرئيس لصحيفة سبورت في صفحتها الأولى، اختلفت الأدوار وتغير الحال بين الغريمين التقليديين برشلونة وريال مدريد فيما يخص قاعدة المواهب الشابة لصالح الملكي.