السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

85 مليون درهم كلفة إقالات المدربين سنوياً الإهدار يساوي ميزانيات 11 أكاديمية

اعتاد الشارع الرياضي على انتقاد ظاهرة كثرة إقالة المدربين في دوري الخليج العربي، لكن اقتصرت تلك الانتقادات على جوانب فنية أو مالية، من دون النظر إلى تأثيرها في استراتيجية الأندية فيما يتعلق بصناعة المواهب وتطوير الأكاديميات.

وتشير الأرقام التقريبية إلى أن كلفة إقالات المدربين الموسم الماضي، كانت كافية لتشغيل 11 أكاديمية بمستوى عالٍ.واحتفظت ثلاثة أندية فقط بمدربيها منذ بداية الموسم الماضي، ولم تتجه إلى تغييرهم مثلما فعلت بقية أندية دوري الخليج العربي؛ هم: عبدالعزيز العنبري (الشارقة)، أيمن الرمادي (عجمان) والصربي رازوفيتش (الظفرة)، في حين أكمل أربعة مدربين بقية الموسم مستمرين مع أنديتهم حتى الآن، وذلك بعد أن استعانت بهم أثناء الموسم المنتهي، وهم: الأرجنتيني رودولفو (شباب الأهلي)، والروماني لورينت ريجكامب (الوصل)، والبرازيلي كايو زاناردي (النصر)، والإيطالي فيفياني (كلباء).

وبنهاية الموسم استغنت سبعة أندية عن مدربيها وبدأت البحث عن آخرين، وتعاقدت ستة منها حتى الآن مع مدربين جدد، هي: العين والوحدة وبني ياس وحتا والجزيرة والفجيرة، فيما يسعى نادي خورفكان للتعاقد مع مدرب.


وكان من أبرز تحركات المدربين تعاقد نادي العين مع الكرواتي إيفان ليكو حتى عام 2021، بدلاً من الإسباني خوان كارلوس غاريدو، ولم يجدد الوحدة اتفاقه مع الهولندي تين كات الذي تعلل بأن هناك ظروفاً خاصة به لا تمكنه من مواصلة عمله مع العنابي، الذي تعاقد مع مواطنه موريس شتاين، واختار الجزيرة الاستمرار في المدرسة الهولندية التي نجحت مع الفريق أخيراً مستعيناً بخدمات الهولندي يورغن ستريبل خلفاً لمواطنه داميان هيرتوغ، الذي تسلم الأمور الفنية في الفريق من مارسيل كايزر، الذي تقدم باستقالته منتقلاً إلى تدريب سبورتنغ لشبونة البرتقالي.


العميد الأول في إقالات المدربين

وشهد موسم 2018 – 2019 خروج 12 مدرباً، بعدما استغنت عنهم إدارات الأندية لقناعتها بأنهم لم يحققوا ما تصبو إليه من نجاحات، ليأتي قرار الاستغناء عنهم، سواء بالتراضي أو الإقالة.

ووصل عدد المدربين الذين قادوا أندية دورينا في الموسم المنصرم 24 مدرباً من 14 جنسية تمثل أربع قارات، هي: أوروبا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية وآسيا، سيتواجد من هؤلاء الـ 24 سبعة مدربان فقط الموسم المقبل.

واحتل النصر المركز الأول في ترتيب الأندية التي غيرت مدربيها في الموسم الماضي، فأقال مدربه السابق الصربي إيفان يوفانوفيتش، بنهاية الجولة السابعة، قبل الاستعانة بالبرازيلي كايو زاناردي مؤقتاً، والتعاقد مع الإسباني بينات سان خوسيه، ثم أعاد المدرب البرازيلي كايو زاناردي مرة أخرى لتولي المهمة بعد خسارة الفريق أمام دبا الفجيرة في الجولة 18 لدوري الخليج العربي.

وجاء دبا الفجيرة ثانياً، إذ قاده في بداية الموسم البرازيلي باولو كاميلي، قبل إقالته بنهاية الأسبوع السادس، والتعاقد مع السوري محمد قويض الذي جرى الاستغناء عنه لاحقاً، والاستعانة بمساعده الإماراتي محمد الخديم الذي واصل مع الفريق رغم الهبوط إلى دوري الهواة.

والحال نفسه انطبق على نادي الوصل الذي تعاقد مع الأرجنتيني كنترويس، إلا أن سوء النتائج لم يجعل موسمه يدوم طويلاً، لينتهي في النصف الأول لدوري الخليج العربي، ويحل خلفه مساعده الوطني حسن العبدولي لفترة قصيرة، لتتعاقد إدارة الإمبراطور مع الروماني ريجيكامب بعد إنهاء ارتباطها بالعبدولي.

رواتب المدربين

وكشف وكيل اللاعبين المعتمد لدى اتحاد الإمارات لكرة القدم عمر الصادقي، أن رواتب المدربين في دوري الخليج العربي السنوية تنقسم إلى ثلاث فئات، الأولى وهم المدربون أصحاب الأسماء الكبيرة والمعروفة، وتراوح رواتبهم بين 4 و7 ملايين درهم سنوياً، بينما يتقاضى مدربو الفئة الثانية بين مليونين وأربعة ملايين درهم سنوياً، ومدربي الفئة الثالثة يتقاضون ما يراوح بين المليون والمليوني درهم سنوياً.

وبخصوص الشروط الجزائية المتبعة في حال إقالة المدرب، قال الصادقي «المدربون الكبار يلزمون الأندية بدفع جميع استحقاقاتهم حسب مدة العقد، فإذا كان عامين تدفع له بقية رواتبه الشهرية، بينما تعمل الأندية على استغلال المدربين العرب أو أصحاب القيمة الفنية الأقل من المدربين الكبار، وذلك بمنحهم راتب شهرين كشرط جزائي في حال إنهاء التعاقد قبل المدة الزمنية المحددة، وهذا عمل غير قانوني ويخالف قوانين الاتحاد الدولي (فيفا)، إذ تلزم القواعد الأندية والاتحادات بدفع كامل الاستحقاقات المتبقية في عقد المدرب إذا كان لمدة عامين، وهو لا يفرق بين مدرب مشهور وآخر مغمور ويتعامل معهم بشكل موحد، إلا أن الوضع في دوري الخليج العربي مختلف، إذ يقبل اتحاد الكرة توثيق عقود بشروط هكذا مخالفة لما يطالب به (فيفا).

وتابع: «هناك مدربون حتى الآن يتقاضون رواتبهم شهرياً من قبل بعض أندية دوري الخليج العربي بالرغم من فسخ عقودهم نسبة إلى أن الشروط الجزائية تلزم الأندية بدفعها».

وأوضح الصادقي أن «الأطقم الفنية التابعة للمدربين تكلف الأندية في حدود المليون إلى مليوني درهم، ويكون التعاقد مباشر بينهم وبين الإدارة، رغم ظهور عادة تغيير الطاقم الفني مع رحيل المدرب.

غياب الدراسات

وأرجع الناقد الرياضي عادل حسن درويش، ظاهرة كثرة تغييرات المدربين في دورينا إلى غياب الدراسات الفنية في شركات كرة القدم والمنهجية السليمة عند التعاقد مع الأجهزة الفنية، وهذا ما أدى لحدوث العدد الكبير من الإقالات والإعفاءات للمدربين.

وأشار درويش إلى أن إدارات الأندية، تعتقد عندما تلجأ إلى خيار تغير المدرب وتأتي بآخر بنفس المبلغ الذي كان يتقاضاه المدرب المقال، أنها لم تخسر مالياً، وفعلياً نجدها تخسر كثيراً بداية بالشرط الجزائي الذي ينص عليه عقد المدرب، وكذلك إنهاء خدمات الكوادر الفنية والطبية التي تعمل ضمن الجهاز المعاون للمدرب، إذ يشترط المدرب الجديد أن يأتي بمساعديه، وهذا يعد كلفة إضافية على ميزانيات الأندية، المرهقة أصلاً بفعل الصرف العشوائي.

ويضيف: «تمتد الخسائر إلى الطلبات الفنية التي يطلبها المدرب الجديد لتدعيم صفوف الفريق في أقرب ميركاتو، ودائماً ما يتخذ المدرب الجديد قرارات بتغيير الأجانب والمطالبة بمجيء بعض الأسماء، وجميعها خسائر ناجمة عن قرارات غير صائبة تتخذها الأندية عندما تذهب للتعاقد مع المدربين دون أن يكون لديها معايير واضحة، وإنما تعمل بمبدأ لدينا خانة مدرب شاغرة ونريد ملأها».

وتابع: «أنديتنا تعتمد على الأسماء الجاهزة ولا تعمل على صناعة مدربين جدد في الساحة، وإنما الاستعانة بمن هو متاح، خصوصاً الأسماء المجربة سواء في دورينا أو الدوريات القريبة في المنطقة، لذا نرى أن مدربين بعينهم يتجولون في الأندية أثناء الموسم، إذ يبدأ المدرب الموسم مع فريق وينهيه مع نادٍ ثاني، وهذا لا يحدث في الدوريات العالمية، لذا يظل قصور النظر لدى إدارات أنديتنا يتسبب في أخطاء كارثية نسبة للتخبط الإداري الذي تعيشه الأندية في منظومة عملها بداية بالتعاقدات مع المدربين ومن ثم اللاعبين سواء المحليين أو الأجانب، وهو ما يحتاج إلى إعادة نظر في الأمر وتصحيحه عبر الإتيان بإدارات لديها خبرات علمية وعملية تصحح الأوضاع الحالية.

تحديد الأهداف

ورأى لاعب الوحدة السابق والمحلل الرياضي ياسر سالم، أن الإجابة على سؤال ظاهرة كثرة تغييرات المدربين في الموسم الماضي تحتاج إلى معرفة آلية اختيار المدرب في الأندية ومن يختاره ولماذا وقع عليه الاختيار، وهل الإمكانات المتوافرة في النادي المعني تتناسب مع المدرب القادم، حتى يكون هناك توافق بين الطرفين.

وتابع: «تحديد الأهداف أمر مهم قبل التعاقد مع المدرب، وهذا بالطبع تحدده رؤية إدارات النادي إذا كانت تبحث عن المنافسة أو البطولات، وعليها أن تأتي بمدرب لديه سجل حافل بالبطولات، ليكون شريكاً في وضع خطط النادي مع الإدارة التي يجب عليها ألا تحمله مسؤولية النتائج السلبية في حال إخفاقه وتراجع مستوى الفريق حتى لا يكون ضحية الإدارة للبقاء في مقاعدها».

وشدد سالم على أن الإقالات الكثيرة تتسبب في عدم الاستقرار الفني وترهق ميزانيات الأندية بدفع مبالغ مالية كبيرة للمدربين والأطقم الفنية الخاصة بهم جراء فسخ العقود، وهو ما ينعكس على الفريق سلبياً، فالمدرب القادم يحتاج لوقت لكي يضع بصمته وليس معقولاً أن نطالبه بذلك بين يوم وليلة وأكبر مشاكل أنديتنا هي استعجال النتائج الجيدة، لخوفها من الضغوطات وعدم القدرة على تحملها، فتلجأ إلى الشماعة الدائمة وهي المدرب لتعليق الإخفاقات عليها ومن ثم مغادرته لعمله.

إقالات المدربين تضر بالمستقبل

وكشف مصدر مطلع لـ«الرؤية»، أن متوسط الميزانيات السنوية لأكاديميات كرة القدم بمستوى جيد، التابعة للأندية التي تصرف على قطاع المراحل السنية يقارب ثمانية ملايين درهم، مشيراً إلى أن رصد المبلغ المحدد للأكاديمية تتحكم فيه عدة عوامل، أبرزها رؤية إدارات الأندية وتفهمها لأهمية عمل الأكاديميات، وبناء على ذلك يكون عدد فرق الأكاديمية، التي تلزم لوائح تراخيص الأندية بأن الحد الأدنى لفرق الأكاديمية هو ثلاثة فرق.

وتعد أكاديميات الأندية من أهم المؤسسات تأثيراً في مستقبل كرة القدم، وبالتالي يجب أن تنال اهتماماً أكبر من قبل إدارات الأندية لتطويرها والارتقاء بعملها بدلاً من الوضع الحالي، خصوصاً في ظل توسع القاعدة الكروية في الدولة بعد تفعيل قرار مشاركات الفئات الأربع في المسابقات رسمياً، ما يعني أن أعداد الممارسين لكرة القدم حتماً ستزيد عن المواسم الماضية، وهذا يحتاج بالطبع إلى زيادة ميزانيات الأكاديمية.

وأفاد بأنه لو قدرنا المبالغ المهدرة جراء كثرة تغيير المدربين بـ 85 مليون درهم، فإن هذا يعني إضاعة تشغيل 11 أكاديمية كاملة لمدة عام كامل، وبما أن ميزانيات الأندية محدودة، فهذه التكاليف غير المبررة تأخذ بشكل مباشر من حقوق الأجيال الناشئة، لاسيما وأن التوفير من خلال موازنات الأكاديميات يكون أسهل ودون تركيز إعلامي أو غضب جماهيري.24

مدرباً من 14 جنسية قادوا الأندية في الموسم المنصرم

حسبة بسيطة تكشف أرقاماً مرعبة

رغم عدم وجود الشفافية الكافية في مسألة رواتب المدربين وتكاليف الفرق الفنية، فإنه يمكن التوصل لتكاليف إجمالية لظاهرة إقالة المدربين.

فعلى افتراض متوسط كلفة المدرب الواحد أربعة ملايين درهم في حال إقالته قبل نهاية عقده، وإضافة مليون درهم للطاقم الفني الذي عادة ما يتم الاستغناء عنه، وهي حسبة متحفظة، يكون الإجمالي 5 ملايين درهم للإقالة الواحدة.

ومع اعتبار وجود 17 مدرباً تم خروجهم خلال الموسم، فهذا يعني أن تكاليف كثرة تغيير المدربين تقارب 85 مليون درهم سنوياً، وهذا دون احتساب التكاليف «الخفيفة»، مثل رواتب اللاعبين الذين لم يتم الاستفادة منهم بشكل جيد، نتيجة التعاقد مع مدرب غير ملائم، ولا تكاليف التعاقد معهم أيضاً، ما يجعل الرقم أكبر بكثير.