الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

اتحاد الكرة.. متهم أم برئ في تراجع كرة الإمارات؟

ظل اتحاد الكرة لفترات طويلة الشماعة التي تعلق عليها إخفاقات الكرة الإماراتية، وذلك باعتباره الواجهة التي تطل عبرها كرة الإمارات إلى الخارج ممثلة في المنتخبات الوطنية (الناشئين، الشباب، الأولمبي، المنتخب الأول).

لم تكن نتائج المنتخبات مرضية للجماهير في الفترة الماضية، حيث فشلت جميعها في تحقيق إنجازات تذكر، بل تراجعت للوراء كثيراً، إذ لم تستطع المحافظة على ما كانت تحققه في السابق، ونستدل هنا بمنتخب الشباب الذي فشل في التأهل لنهائيات كأس آسيا تحت 19 عاماً، والتي غاب عن نسختها المقبلة 2020 بعد حضور دام لـ6 نسخ متتالية.

وامتداداً لفشل المنتخبين الأول والشاب، جاءت نتائج الأبيض الأولمبي محبطة في كأس آسيا تحت 23 عاماً، المؤهلة لأولمبياد طوكيو 2020 في تايلاند الشهر الماضي بخسارة قاسية من أوزبكستان بخماسية لهدف.

وتواصلاً لتلك الإحباطات، والسير على النهج نفسه، أتى الظهور الآسيوي الأول لأنديتنا في البطولة القارية محبطاً لجماهير الإمارات، الأمر الذي دفع "الرؤية" لفتح الملف الشائك للبحث عن مشكلة كرة الإمارات.. هل هي إدارية أم فنية؟ وعلى من تقع تحديداً؟ وما هو دور اتحاد الكرة في كل ما يحصل؟


تفاؤل بالمرحلة المقبلة

التغييرات التي شهدها اتحاد الكرة مؤخراً بعد فوز الشيخ راشد بن حميد النعيمي برئاسة اتحاد الكرة بالتزكية، وشروعه حالياً في اختيار الكفاءات للانضمام لفريق عمله في مجلس إدارة اتحاد الكرة جعلت الشارع الرياضي يتفاءل بالمرحلة المقبلة لما تضمه من أفكار ورؤى جديدة تواكب التطورات التي يشهدها عالم كرة القدم.

تشخيص الأزمة



يرى المحاضر في الاتحاد الآسيوي عبدالله حسن أن اللاعبين الذين يمثلون المنتخبات الوطنية أفضل العناصر المتاحة بالنسبة للمدربين، وهم مخرجات المسابقات المحلية وما يقدمونه من أداء مع أنديتهم.

وتساءل حسن عما إذا كانت مسابقاتنا المحلية تنطبق عليها المواصفات والمعايير الدولية التي تتوافر في غيرها من المسابقات العالمية، مشيراً إلى اختفاء ظاهرة المنافسة بين اللاعبين المميزين في الأندية أخيراً، وهو ما كان يساعد مدربي المنتخبات على اختيار الأفضل منهم لتمثيل المنتخب.

وأوضح المحاضر الآسيوي "هذا الأمر مرده الأساسي عزوف المواهب عن الذهاب إلى الأندية في الصغر، نسبة لتواجد امتيازات أخرى تجعله لا يفكر في كرة القدم كلعبة، وفي المقابل نجد أولياء أمور يذهبون بأبنائهم إلى الأندية إلا أن مواهب أبنائهم ضعيفة ولا تبشر بمستقبل واعد، بينما يذهب آخرون بأبنائهم إلى الأكاديميات الخاصة لممارسة كرة القدم للتنفيس عن نفسه فقط، وليس الاستمرار فيها مستقبلاً".

ونوه بأن توجيه الأبناء الصغار إلى الأندية باعتبارها المكان الذي يتعلمون فيه في كرة القدم بشكل صحيح بات غير موجود وإنما يشجعون على الذهاب إلى الأكاديميات التي تتمتع بمغريات ترفيهية غير متاحة في الأندية دون التركيز على تطوير مواهب الصغار.

وأوضح حسن"في السابق لم تكن هناك معاناة في استقطاب الصغار للمجيء إلى الأندية، حيث لم تكن هناك أكاديميات، وهذا التحدي لا يواجه اتحاد الكرة فقط، وإنما جميع الأندية في الدولة، فمهمة البحث عن المواهب الصغيرة الآن شاقة، ولا بد من وضع حلول لهذا الوضع، ومعرفة دور كل محور في تقديم الحلول بداية بالمجتمع، ومروراً بالأندية وصولاً لاتحاد الكرة، ولا بد من معرفة دور كل محور في أطراف معادلة الحل، فدور اتحاد الكرة هو تأهيل المدرب ومناهج التدريب، وتنظيم المسابقات القوية، وعلى الأندية والمجتمع التعاون على الدفع بالمواهب للذهاب إلى الأندية".

مسؤولية جماعية



ذهب الناقد الرياضي عادل حسن درويش إلى أن تحميل اتحاد الكرة مسؤولية تراجع الكرة الإماراتية بنسبة 100% خطأ، موضحاً "المسؤولية جماعية مع اتحاد الكرة الذي يتحمل جزءاً منها، مع إدارات الأندية، واللاعبين، ورابطة المحترفين، والأخيرة دورها مهم باعتبار أن إعداد المنتخبات يأتي عبر تواجد الدوريات القوية، وكلما كان لديك دوري قوي فحتماً ستكون لديك فرق ومنتخبات قوية".

ورمى درويش بالكرة في ملعب الأندية لأن العمل داخلها ضعيف، بداية بقطاع المراحل السنية والأكاديميات الذي يعاني من غياب الخطط والرؤى بعيدة النظرة، وكذلك غياب المشروعات الطموحة، ولهذا فمن الطبيعي ألا نحصل على لاعبين مميزين يرفدون المنتخبات الوطنية بمواهب حقيقية وكذلك الأندية التي دائماً ما تعتمد على اللاعبين الأجانب في المشاركات الخارجية، نتاج هذا الضعف البائن والخلل الواضح في عملية تكوين اللاعبين منذ الصغر.

وأوضح درويش "استكمالاً للضعف في قطاع المراحل السنية، يأتي دور رابطة المحترفين الضعيف هو الآخر في صناعة مسابقات قوية، وهذا الجانب تتداخل فيه أمور عدة من بينها آلية وشكل المسابقة، وكذلك حالة التوقفات الكثيرة التي تعاني منها المسابقة، فالمسافات بين كل جولة وأخرى لا تخلق فرقاً قوية خارجياً، فعندما ننظر إلى الدوريات القريبة وعلى رأسها الدوري السعودي نجد دوريهم لم يتوقف بسبب البطولة الآسيوية مثلما حدث لدورينا المتوقف حالياً 3 أسابيع".

وشدد الناقد الرياضي على أن استمرارية المنافسات تجبر الأندية على عملية التدوير والاعتماد على عناصر متعددة، ولكن عندما تكون التوقفات كثيرة، لن يكون ذلك متاحاً، وتنتج عنه أضرار على مستوى الجوانب البدنية التي تشهد انخفاضاً، فنسبة لعب المباريات غير متطابقة بين لاعبي فرقنا والمنافسين لهم وهذا خلل واضح، فلا يمكنهم مجاراة الخصوم ولا يستطيعون تحمل شراسة المنافسة في دوري أبطال آسيا.

دور اتحاد الكرة

حدد الناقد الرياضي عادل درويش دور اتحاد الكرة في المنظومة الكروية الإماراتية بأنه المصب النهائي لعمل الأندية والرابطة، فهو المنوط به إعداد المنتخبات الوطنية وتجهيزها للمشاركات الخارجية.

وفصّل درويش "عندما يكون عمل الأندية ضعيفاً وكذلك مخرجات مسابقات الرابطة ضعيفة فحتماً سيكون نتاج عمل الاتحاد ضعيفاً للغاية ولا يلبي الطموحات، فهنا تكمن أهمية التسلسل الهرمي للعمل في النشاط الكروي وضعف أي محور يؤثر على الآخرين، والهجوم العنيف الذي يوجه صوب الاتحاد عند الفشل في المشاركات الخارجية يأتي لكونه في قمة الهرم إلا أن الوضع الحقيقي في المعادلة يبدأ من الأندية مروراً بالرابطة ومن ثم الاتحاد".

استراتيجية وطنية

طالب درويش مجلس اتحاد الكرة المقبل باستراتيجية شاملة لعمل المنتخبات الوطنية تبدأ بالمراحل السنية شريطة أن تكون متسقة مع العمل داخل الأندية، حتى يكون هناك انسجام بما يتلقاه اللاعبون في أنديتهم وما يجدونه في المنتخبات، إضافة لضرورة مراجعة مسابقات المراحل السنية لتصبح أكثر فائدة وتسهم في تطوير قدرات اللاعبين الصغار، ومعالجة جميع سلبيات المرحلة الماضية خصوصاً في السنوات العشر الماضية، وأن يكون هناك فريق فني مختص لتكوين منتخبات سنية، يكون عمله مرتبطاً بمسابقات المراحل السنية، عبر إشراكه في إدارتها حتى يتسنى للفريق تحديد الأولوية التي تحتاجها المنتخبات السنية وعلى ضوء ذلك ترسم خارطة المنتخبات.

تحديات المستقبل

لم يكتف درويش بتحديد أوجه القصور والمشاكل في كرة الإمارات وتحديد المسؤولية وعلى من تقع، بل ذهب إلى أبعد من ذلك متطرقاً إلى الصعوبات والتحديات التي تواجه بناء الجيل السادس للكرة الإماراتية بعد انتهاء الجيل الخامس الذي يمثله الثلاثي (عموري، مبخوت، خليل) والآن هم على مشارف نهاية مسيرتهم الكروية.

وأوضح "مؤشرات تكوين الجيل السادس صعبة للغاية في ظل التوسع في إشراك اللاعبين غير المواطنين سواء الأجانب أو المقيمين والمواليد في الدولة، إضافة إلى منح الجنسية لعدد من اللاعبين مؤخراً، ولهذا لا بد من وضع تلك المعطيات على طاولة النقاش مبكراً لبحث الكيفية المثالية والصحيحة التي يتم بها تكوين الجيل السادس لكرة الإمارات ممثلنا في كأس آسيا 2023، وتصفيات كأس العالم 2026، على أن يستصحب تلك المعطيات الجديدة التي طرأت على كرة الإمارات، ولم تكن موجودة في الأجيال السابقة، لا سيما تراجع مستوى المسابقات المحلية وعدد الفرق المساهمة في تكوين المنتخبات التي تراجعت هي الأخرى، وعلى الجهات المسؤولة أن تضع تلك التحديات على رادارها، وتوسع دائرة النقاش حولها حتى تكون الحلول سليمة وصحيحة، وإذا لم يكن العمل منذ الآن على ذلك فحتماً ستكون النتائج السلبية أمراً طبيعياً جداً".

العقلية الإدارية



أكد المحلل الفني حسين المصعبي أن الخلل في المنظومة الكروية الإماراتية سببه الرئيس العقلية الإدارية المتحكمة في شؤون العمل داخل أسوار الأندية، وهي التي تقرر وتشخص وتضع الحلول ولهذا طبيعي أن نشهد التراجع الحالي في ظل تواجد غير المؤهلين إدارياً.

وقال لـ"الرؤية": الجميع مسؤولون عن الإخفاقات التي تشهدها كرة الإمارات سواء الأندية أو المنتخبات الوطنية، مبيناً أن الأندية عندما شاركت في دوري أبطال آسيا في الموسم الحالي والمواسم السابقة لم تقوَ على المنافسة نسبة لضعفها البائن سواء على صعيد المدربين أو اللاعبين الأجانب، فجميع المحترفين في دورينا غير مؤثرين ولا يستطيعون ترجيح كفة أنديتنا وبالرجوع لمن اختارهم نجد أن الإدارات هي التي أتت بهم".

وأشار إلى أن المشاركة في دوري أبطال آسيا تكون عبر خارطة عمل وليس عشوائياً، حيث يكون هناك هدف واضح يجب العمل على تحقيقه وليس المشاركة من أجل المشاركة فقط، وفي حال وضع البطولة الآسيوية ضمن الأهداف فستكون البطولات المحلية هدفاً ثانوياً ولكن في الواقع أنديتنا تضع المسابقات المحلية الهدف الرئيس.

واستطرد المصعبي، "دورينا يعاني من مشكلات عديدة، أبرزها تغيير المدربين وعدم الصبر عليهم، وكذلك استقطاب محترفين أصحاب قدرات محدودة، والدليل في الجولة الآسيوية الأولى الماضية لم يشكل أي محترف الإضافة المطلوبة لجميع الأندية المشاركة، وليس مثل الفرق المنافسة التي استفادت من إمكانات لاعبيها المحترفين، فبطولة آسيا تعتمد على المحترفين المميزين".

ووضع المحلل الفني الحلول للخروج من النفق المظلم، وذلك بالعودة إلى القواعد والعمل بشكل صحيح والابتعاد عن الحلول المؤقتة التي لا تقدم بل تؤخر، وهذا يتطلب تغيير العقليات الإدارية الحالية، ووضع الأمور على نصابها الصحيح، والشروع في وضع استراتيجيات تنهض بقطاع المراحل السنية، متفقاً مع ما ذهب إليه عبدالله حسن وعادل درويش، في أن التطور لن يكون ممكناً في ظل تراجع مسابقات المراحل السنية.

وطالب المصعبي المسؤولين في اتحاد الكرة بإعادة المدربين المواطنين إلى قيادة منتخبات المراحل السنية نسبة إلى النجاحات التي حققت في عهدهم، لافتاً إلى أن آخر إنجاز لمنتخب الشباب كان في عهد المدرب الوطني مهدي علي بالفوز بكأس آسيا للشباب 2009 والمشاركة في أولمبياد لندن 2012، ومنذ ذلك الوقت لم نحقق أي نجاح، متسائلاً "لماذا الإصرار على المدربين الأجانب الذين اثبتوا فشلهم بالرغم من الإمكانات التي توافرت لهم من خلال الاستعدادات والمعسكرات الخارجية والصرف الكبير الذي صرف على المنتخبات السنية والمحصلة صفر كبير، وطالما أن لدينا مدربين مواطنين مميزين لماذا لا يتم منحهم الفرصة؟"