الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

العنصرية تؤرق البريميرليغ.. ووسائل التواصل في قلب العاصفة

لا تكاد جولة في الدوريات الأوروبية الكبرى لكرة القدم تمر حتى تعاود الصحافة الرياضية الحديث عن تعرض نجم أو آخر لهتافات وحوادث عنصرية، تارة من الجماهير داخل الملعب وأخرى من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، لتجتمع سوياً وتشكل عاملاً مؤرقاً لاستمرارية التنافس الكروي، حيث موجة التذمر الواسعة من قبل الأندية والنجوم على حد سواء.

على مرّ الأعوام الماضية ظلت جهود المؤسسات التي تدير اللعبة في العالم منحصرة في كيفية إيجاد الوسيلة الأنجع لمحاربة العنصرية في الملاعب، وهنا تطل على السطح لجنة مختصة شكلها فيفا من لاعبين قدامى لهذا الغرض، قبل أن يفضها قبل سنتين، وبعيداً عن جدلية نجاحها في مهمتها من عدمه، فإن الوضع فيما يبدو بات أكبر من أن تضبطه لجنة، بحسب بي بي سي البريطانية، لجهة تفاقم الأحداث العنصرية تجاه النجوم ذوي البشرة السمراء أخيراً.

ويتمثل الطارئ الجديد في أزمة العنصرية وتفشيها، هو اختيار الجماهير لميدان آخر بخلاف الملاعب العشبية، والمقصود هنا وسائل التواصل الاجتماعي، التي باتت قناة جديدة للجماهير المتطرفة لبث سمومها وتهديد القيم الكروية السامية.


قبل أسبوع اشتكى قائد واتفورد الإنجليزي تروي ديني من تعرضه وعائلته لهجوم عنصري على إنستغرام، بعد قيادته لفريقه إلى نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي على حساب وولفرهامبتون، قبل أن يصف من هاجموه بالقاصرين فكرياً، ويعد بعدم الالتفات لهم وتحقيق مطلبهم، بحسب بي بي سي.


وقبل يومين فقط، أرغى مانشستر يونايتد الإنجليزي وأزبد في بيان له، مهاجماً بعض الجماهير التي تداولت تغريدات عنصرية على موقع تويتر بحق لاعبه أشلي يونغ، عقب خروج الشياطين الحمر من دوري أبطال أوروبا على يد برشلونة الإسباني.

وتوعد النادي بملاحقة المتورطين في الأمر، مشيرة إلى أنها تعمل حالياً على تحديد الأفراد المعنيين، قبل أن تتخذ بحقهم أقوى إجراء ممكن.

وقبل ذلك بمدة كان نجم السيتي رحيم ستيرلينغ ضحية لهتافات عنصرية من قبل جماهير تشيلسي الإنجليزي وأيضاً أخرى على صعيد المنتخب الإنجليزي، كما تكرر الأمر ذاته مع المصري محمد صلاح أخيراً بعد استهدافه من قبل جماهير تشيلسي.

تحوّل

الآن، وبعد الحوادث الأخيرة واتصالها بحوادث متفرقة سابقاً، تحولت الأنظار فجأة إلى مواقع التواصل باعتبارها مهدداً جديداً لاستقرار واستمرارية الساحرة المستديرة، وبدأت وسائل الإعلام وبعض الإداريين في الأندية في المطالبة بضرورة وضع قوانين رادعة للمحتوى العنصري تجاه النجوم.

لكن هل تبدو جميع الأندية راغبة في خوض معركة جدية ضد وسائل التواصل الاجتماعي من أجل حماية نجومها؟ وإن كان ذلك ممكناً فلماذا لم تبدأ في مهاجمة تلك الوسائل وحثها على اتخاذ إجراءات صارمة؟

مدير الرياضة في وكالة سيسيرو المختصة في العلاقات العامة بين رايت كشف المثير عن ما توفره وسائل التواصل الاجتماعي للأندية، قائلاً «القيمة السوقية للاعب تؤثر فيها بشكل كبير حضوره في وسائل التواصل الاجتماعي، إذن، لطالما كانت الأندية مستفيدة من ذلك، فإن عليها بالمقابل التحرك من أجل حماية نجومها».

ويعمل رايت ووكالته مع الكثير من الأندية واللاعبين، بما في ذلك أندية في البريميرليغ والليغا، في إطار تحليل أهم المظاهر المتعلقة بهم في وسائل التواصل الاجتماعي.

ولعل أبرز ما تقدمه الوكالة هي تقارير للأندية عن شخصية نجومها الحاليين أو الراغبة في ضمهم، وذلك بتحليل حضورهم في وسائط التواصل، كما ترفد الأندية أيضاً بنصائح تتعلق بكيفية التعامل مع قضايا الانتهاكات العنصرية ضد نجومها في وسائل التواصل الاجتماعي.

وقال بين رايت في حديث لموقع بي بي سي أمس الأول «بعض الأندية جيدة، وبعضها الآخر ليس كذلك فيما يتعلق بدورها تجاه حماية النجوم، لكن بشكل عام الآن جميع تلك الأندية تسير في الاتجاه الصحيح، ويدركون أنه من واجبهم الانتباه للأمر».

حياد

نفى بين رايت حقيقة شائعة بين الكثيرين مفادها أن حسابات النجوم على وسائل التواصل الاجتماعي تتم إدارتها من قبل مختصين، مستبعداً ذلك بشكل قاطع، وأشار إلى أن جميع عملائه من اللاعبين يشرفون على المحتوى الذي ينشر بأنفسهم.

ورغم ذلك، قطع رايت بعدم تقديم وكالة سيسرو أي مشورة أو وصية لما يجب أن يتم فعله تجاه أي إساءة عنصرية لهم في وسائل التواصل، مبيناً أن ذلك يعتمد على ردة فعل كل منهم أو تقديره للحالة.

وإن كان ذلك صحيحاً، يبدو أن تعامل النجوم مع التغريدات العنصرية يسير بشكل جيد، لكن ذلك لن يمنع من مطالبات الكثيرين لوسائل التواصل الاجتماعي بضرورة التحرك واجتثاث الظاهرة.

وفي هذا الإطار، تبدو ردود أفعال كل من قائد واتفورد تروي ديني وزميله في الفريق كريستيان كاباسيلي ومن قبلهما مهاجم كريستال بالاس الإنجليزي وليفرد زاها الأنسب مع هذا الموقف.

ورأى تروي ديني أن من استهدفوه على إنستغرام قاصرون فكرياً، في حين رفض زميله كاباسيلي اعتبار جميع جماهير وسائل التواصل عنصريين، ولعب على الجانب الدبلوماسي، بإشادته بالجماهير الواعية، قبل أن يدعو في الوقت نفسه الأسر إلى ضرورة تثقيف أبنائها وحضهم على التسامح.

من جهته، قال مهاجم كريستال بالاس ويلفرد زاها، بأن الضحك والسخرية من هؤلاء هي الطريقة الأنسب لمعالجة قضية العنصرية.

جدل

لم يرفض بين رايت الفرضية التي تذهب في اتجاه أن وسائل التواصل متساهلة مع العنصرية، قائلاً «إنها بطئية جداً في تحديدها المحتوي الذي ينم عن كراهية».

ويتلاقى رأي بين رايت مع توجه الحكومة البريطانية بضرورة الضغط على شركات التواصل الاجتماعي وحضها على عدم التهرب من تحمل مسؤوليتها تجاه محتوى الكراهية، بحسب ما أكده الوزير السابق ساج جاويد لبي بي سي.

من جهته، قال الناطق الرسمي لتويتر بأن التحرش والانتهاكات العنصرية، بغض النظر عن ضحيتها، لا مكان لها في منصته، مؤكداً عمل الموقع على حذف جميع التغريدات التي تحض على الكراهية.

لكن تقريراً استقصائياً نشرته وكالة أسوشيتد برس قال إن هنالك محتويات تحمل طابعاً عنصرياً ضد نجوم في البريميرليغ ظلت موجودة رغم نشرها قبل 5 أعوام.

وما بين المطالب وتفاقم أزمة العنصرية، تبقى الأيام المقبلة حبلى بردود الأفعال والقرارات التي يتوقع أن تصب في اتجاه، خفض الظاهرة، خصوصاً بعد دخول رئيس فيفا جياني إنفانتينو ورئيس يويفا ألكسندر تشيفرين على الخط ومطالبتهما بالإبلاغ عن أي واقع عنصرية في ملاعب أو منصات التواصل مستقبلاً.