الأربعاء - 01 مايو 2024
الأربعاء - 01 مايو 2024

لماذا تحول الكالشيو إلى كابوس للنجوم القادمين من البريمييرليغ؟

فاجأت وسائل إعلام إيطالية الكثيرين أخيراً بتناقلها خبر رغبة نادي إنتر ميلان في بيع نجمه الدنماركي كريستيان إريكسن بعد 6 أشهر فقط من شرائه من توتنهام الإنجليزي مقابل 20 مليون يورو، وبدا أن سبب الدهشة ليس فقط سرعة القرار، وإنما في تطبيقه على لاعب يصنف ضمن نخبة النجوم في الفترة الأخيرة.

ولمعرفة قيمة اللاعب بصورة أوضح، ربما يكفي فقط العودة إلى شهر ديسمبر الماضي، إذ كان الدنماركي نجماً مادة دسمة لوسائل الإعلام العالمية، التي ربطته تارة بالانتقال إلى ريال مدريد وتارة أخرى بالانضمام إلى مانشستر يونايتد، ليتحول اللاعب البالغ من العمر (28 عاماً) بذلك إلى نجم ميركاتو الشتاء بلا منازع، قبل أن يخطفه النيراتزوري بتوصية من مدربه أنطونيو كونتي.



ويضاف إلى ذلك كله السجل الرائع للنجم مع توتنهام، إذ ظل لأعوام أحد أهم مفاتيح انتصارات الفريق اللندني، كما كان له دور كبير في وصول السبيرز إلى نهائي دوري أبطال أوروبا في مايو 2019 أمام ليفربول، قبل أن يخسره لصالح الأخير.



وفور انتقاله إلى الإنتر توقع الكثيرون أن يواصل الدنماركي عزفه الكروي المتفرد في سان سيرو، لكن يبدو أن رياح اللاعب الشهير بالتسديدات القوية أتت بما لا تشتهيه سفنه الحالمة بكتابة إنجاز في تاريخ الكالشيو.



ولم يخض إريكسن مع إنتر ميلان سوى 15 مباراة فقط في جميع المسابقات، بإجمالي دقائق لعب 699 دقيقة، سجل خلالها هدفاً واحداً وصنع هدفين، في حين لم يلعب أساسياً سوى 8 مباريات، أكمل منها مباراتين، وخرج مستبدلاً في 6.



وبمقارنة ذلك مع النصف الأول من الموسم مع توتنهام، شارك إريكسون في 20 مباراة في جميع المسابقات، بإجمالي دقائق لعب 1.091 دقيقة، سجل فيها هدفين وصنع مثلهما، وكان أساسياً في 10 مباريات أكمل منها 6، وخرج مستبدلاً في 4.



ورغم السجل الجيد مع توتنهام، رأى محللون، أن إريكسن تأثر كثيراً، وقتها، بتحديد مستقبله مع السبيرز، وجزموا بأن ذلك لم يكن مستواه الطبيعي.



الآن يجد الدنماركي نفسه وسط موجة قاتمة تظلل مستقبله، في وقت أكدت فيه تقارير صحافية أن جماهير إنتر باتت الآن مقتنعة بأن إريكسون أكبر خطأ ارتكبه المدير التنفيذي للنادي بيبي ماروتا منذ توليه المهمة، لتفتح أبواب الوداع على مصراعيها أمام النجم.



ظاهرة متكررة

بعيداً عن حالة التعاطف والإدانة التي تحاصر كريستيان إريكسن حالياً، لا تبدو ظاهرة إخفاق نجوم كبار انضموا للكالشيو من الدوري الإنجليزي الممتاز (بريمييرليغ) جديدة، إذ سبقه إليها نجوم طالما كتبوا إنجازات عظيمة في البطولة الإنجليزية، قبل أن يتحول انتقالهم لإيطاليا إلى كابوس، قضى على بعضهم، في حين لجأ آخرون إلى سلاح الهروب، خشية من أفول نجمهم الكروي بين جنبات المستطيل الأخضر، والاكتفاء بدور المتفرج لا الفاعل في سيرورة التنافس الكروي المحموم هناك.



ومن إيان راش ومرواً بآشلي كول وجوهارت، وأخيراً، إيمري كان وإريكسون، بدا الكاشيو وكأنه مقبرة لأحلام كل لاعب قادم إليه من البريمييرليغ، وتحديداً الذين سبقهم صيتهم إليه، ما يطرح بالتالي سؤالاً إشكالياً عن الأسباب الحقيقية وراء تحول البطولة الإيطالية إلى كابوس يؤرق جميع هؤلاء.



الولاء للتكتيك يتصدر

في سياق البحث عن الأسباب، رأى لاعب يوفنتوس ومنتخب ويلز آرون رامسي أن الولاء الكبير للجانب التكتيكي في إيطاليا، هو أحد أهم التحديات التي تعرقل انطلاق اللاعبين القادمين من البريمييرليغ.



ويعد رامسي أحد نجوم البريمييرليغ الذي فقدوا بريقهم بمجرد الانتقال إلى الكالشيو، إذ لا يزال يبحث عن نفسه مع يوفنتوس منذ انضمامه إليه الصيف الماضي، قادماً من أرسنال في صفقة انتقال حر.



وقال رامسي في حوار لموقع «ذا أثلتيك» نشر أخيراً، وجاء في مطلع رده على سبب فشله وآخرين ممن البريمييرليغ في الدوري الإيطالي: «المشكلة هنا في الكالشيو هو الولع الشديد بالتكتيك، يعتبرونه أمراً مهماً للغاية، عادة ما نقضي تدريباً أو 2 قبل المباراة في ضبط الجانب التكتيكي، كما أن جميع الأندية تلعب أمام الكبار بحرص تكتيكي.. الأمر في البريمييرليغ مختلف.. هنالك الكثير من الحرية في التفكير وطريقة اللعب، وكذلك المساحات».



واتفق مع رامسي في هذا الطرح كل من الألماني إيمري كان الذي فشل مع يوفنتوس أخيراً قبل أن ينتقل إلى بورسيا دورتموند في يناير الماضي، كما سبقهم إليه أيضاً الأرجنتيني كارلوس تيفيز.



وبدوره، حدد أسطورة الكرة الهولندية رود خوليت في حوار سابق مع «الرؤية» سبباً مختلفاً يجعل من الكالشيو صعباً، وهو نمط المدرجات هناك، وقربها الشديد لأرضية الملعب، ما يؤثر في تركيز كل لاعب جديد لم يعتد على هذا الوضع، قبل أن تزيل جائحة كورونا هذا العائق، بإجبارها الجماهير على هجر الملاعب.



نماذج كثيرة للإخفاق



يتصدر أسطورة ليفربول إيان راش قائمة اللاعبين الذين جاؤوا من البريمييرليغ نجوماً وانتهوا إلى أسماء عادية في الكالشيو.



وبعد أن كان ماكينة أهداف لليفربول، انتقل راش إلى يوفنتوس لموسمين 1986 ـ1988، لكنه لم يلعب معه سوى 29 مباراة، سجل فيها فقط 7 أهداف، قبل أن يعيره اليوفي إلى ليفربول مجدداً.



وحديثاً، كان المدافع الإنجليزي آشلي كول أبرز اللاعبين الذين عانوا في الكالشيو، إذ انضم إلى روما في 2014 بعد مسيرة حافلة بالمجد مع أرسنال وتشيلسي، لكنه لم يظهر مع روما سوى في 11 مباراة فقط طوال موسمين، قبل أن يغادر في 2016 إلى أمريكا.



ويعد حارس إنجلترا ومانشستر سيتي السابق جو هارت أبرز الذي ضلوا طريقهم في الكالشيو، إذ أمضى موسماً واحداً فقط مع تورينو، قبل أن يعود إلى إنجلترا.



وانضم إليه أخيراً كل من آرون رامسي وإيمري كان مع اليوفي وكريستيان إريكسون وزميله في إنتر التشيلي ألكسيس سانشيز.

وفي السياق ذاته، لا يمكن تجاهل نجوم آخرون لم ينجح الكالشيو في تفجير طاقاتهم، قبل أن يذهبوا إلى البريمييرليغ بعد ذلك، ويكتبوا التاريخ، ومن أبرز هؤلاء أسطورة أرسنال الفرنسي تيري هنري الذي فشل مع يوفنتوس، ومواطنه وزميله فيما بعد في أرسنال باتريك فييرا مع ميلان، وفيليب كوتينيو ودينيس بيركامب اللذان فشلا مع إنتر ميلان، ونجحا مع ليفربول وأرسنال بالترتيب.



وبمقابل هؤلاء جميعاً، نجحت أسماء انضمت إلى الكالشيو من البريمييرليغ أخيراً في تحقيق نجاح جيد، وأبرز هؤلاء كريس سمولينغ، لوكاكو وقبلهم كولاروف ودجيكو، لكن الملاحظ هو أن جميعهم انضموا إلى الكالشيو خلسة، إذ لم يكن غالبيتهم نجوماً من الصف الأول في أنديتهم الإنجليزية، ليبدو الأمر وكأن أزمة الكالشيو الكبرى هي عداوته الشديد تجاه القادمين إليه محملين بلواءات الشهرة والود الشديد مع الألقاب والحب الجماهيري اللامحدود.