الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

يورو 2020.. «سياسة ناعمة وأموال طائلة» على ملعب 4766 كم

يورو 2020.. «سياسة ناعمة وأموال طائلة» على ملعب 4766 كم

ترقب عالمي لانطلاق يورو 2020. (غيتي)

«يورو 2020» لن يكون حدثاً واعداً بالمتعة الكروية، ويترقبه الملايين حول العالم فحسب، بل إن النسخة الحالية أكبر بكثير من كرة القدم، حيث تقام في 11 دولة للمرة الأولى في تاريخ أي حدث كروي قاري أو عالمي، حيث لم يسبق أن شهدت أي بطولة تنظيماً يمتد إلى 11 دولة.

الأمر على هذا النحو يجعل يورو 2020 حدثاً كروياً يبدو وكأن ملعبه تبلغ مساحته 4766 كم، وهي المسافة بين إشبيلية الإسبانية في أقصى الغرب، التي تستضيف بعض المباريات، وباكو في أذربيجان أقصى شرق القارة العجوز، وتحظى باستضافة بعض المواجهات أيضاً، وما بينها ملاعب ومدن ودول أخرى على رأسها إيطاليا وألمانيا وإنجلترا وهولندا والدنمارك والمجر، وغيرها من الدول والمدن والملاعب التي تحتضن النسخة الـ16 لأمم أوروبا.

وفي ظل إقامة البطولة في 11 دولة، يتبادر إلى الأذهان السؤال حول سبب ذلك، حيث يعود القرار إلى 30 يونيو 2012، حينما أعلن الفرنسي ميشيل بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم آنذاك، عن أن بطولة يورو 2020 ستكون بمثابة «النسخة الرومانسية» التي تشهد الاحتفال بمرور 60 عاماً على إقامة أمم أوروبا، منوهاً بأنها سوف تقام في 12 وربما 13 مدينة، وتم الاستقرار على تنظيم الحدث الكروي الكبير في 11 مدينة، احتفالاً بالذكرى الـ60 لانطلاقة أمم أوروبا لكرة القدم.

مليارات تنافس اقتصادات

بالنظر إلى القيمة السوقية لمنتخبات البطولة البالغ عددها 24 منتخباً، والتي تصل إلى 10.5 مليار يورو، فإنها تتفوق على اقتصادات وميزانيات بعض الدول، فهناك ما يقارب 150 دولة حول العالم، لا تتجاوز الميزانية السنوية لكل منها هذا الرقم، ما يشير إلى القيمة الكبيرة لمنتخبات يورو 2020، وللنجوم الذين يستعرضون مهاراتهم في الفترة من 11 يونيو إلى 11 يوليو 2021.

وفي الإطار المالي والاقتصادي للبطولة أيضاً، فإن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) قرر رفع قيمة الجوائز المالية إلى 456 مليون يورو، توزع على جميع المنتخبات، بناء على مشاركتها في البطولة، وتقدمها في الأدوار من المجموعات وصولاً للنهائي، على أن يكون سقف المنتخب البطل المتوج باللقب 34 مليون يورو، وهي مبالغ كبيرة قياساً بما أحدثته أزمة كورونا من خسائر مالية مباشرة في عالم كرة القدم.



السياسة تأخذ بيد الساحرة المستديرة

تشهد نسخة 2020 من بطولة الأمم الأوروبية تناغماً كبيراً بين السياسة وكرة القدم، فالعلاقة بينهما هذه المرة أفضل ما يكون، حيث أتاحت فكرة «قارة بلا حدود»، وهي الفكرة السياسية التي قام على أساسها الاتحاد الأوروبي، فرصة ذهبية لإقامة البطولة في 11 دولة، فالجماهير سوف تتحرك بين هذه الدول دون عوائق أو حواجز.

من المعلومات الرقمية الطريفة، أن المشجع السويسري في حال قرر ملاحقة منتخب بلاده في كافة الملاعب طوال البطولة، فإنه سوف يقطع 20 ألف كم، إذا بلغ منتخب سويسرا المباراة النهائية، والأمر هنا لا يشكل عبئاً أو إرهاقاً، بقدر ما هي رحلة ممتعة تمتزج فيها السياحة والترفيه، مع حضور ومشاهدة المباريات ودعم منتخب الوطن.

مهاجرون.. موهوبون

كان لفرنسا السبق في الاستفادة من الموهبة المهاجرة، ونجح الفرنسيون في الفوز بمونديالي 1998 و2018 وكذلك يورو 2000 ببصمة النجوم أصحاب الأصول الأفريقية والعربية، وفي الوقت الراهن فإن قائمة المنتخب الفرنسي المشارك في يورو 2020 تضم 80% من العناصر المهاجرة، وهم ليسوا بالضرورة أبناء الجيل الأول ممن هاجروا إلى فرنسا.

كما تضم غالبية المنتخبات الأوروبية نسبة كبيرة من المهاجرين، وهو مؤشر آخر على هذا التناغم الكبير، والغزل المتبادل بين السياسة وكرة القدم، أو بالأحرى بين السياسة والرياضة بشكل عام، فقد كانت أوروبا دائماً مقصد المهاجرين الذين أتوا إليها من كافة قارات العالم تحت وطأة ظروف سياسية أو اقتصادية معينة، وفي المقابل نجح هؤلاء النجوم بما يملكون من موهبة كروية خاصة، في جعل القارة العجوز أكثر شباباً وبريقاً من الناحية الكروية.