الاثنين - 06 مايو 2024
الاثنين - 06 مايو 2024

الآثار الاقتصادية للتغيب عن كأس العالم

الآثار الاقتصادية للتغيب عن كأس العالم

كأس العالم (غيتي)

تعكس بطولة كأس العالم، التي تعتبر المسابقة الأبرز في اللعبة، مدى شعبية الرياضة ونموها المتزايد بشكل كبير، وهو ما يجعل منها أيضاً عاملاً اقتصادياً مهماً في كل دول العالم، إذ بات الفشل في ضمان بطاقة المشاركة في النهائيات ليس فشلاً رياضياً فقط بل اقتصادياً أيضاً.

أقيمت أول بطولة لكأس العالم في عام 1930، بمشاركة 13 منتخباً. وتضم كأس العالم الآن 32 منتخباً، وهي زيادة بمقدار 3 أضعاف تقريباً، وأعلن «فيفا» عن قراره بتوسيع كأس العالم إلى 48 منتخباً، انطلاقاً من نسخة 2026.

ومبدئياً يعني الفشل في التأهل إلى كأس العالم بالنسبة للاعبين الدوليين، والمدربين، والإداريين، والمشجعين والمعلقين، والجهات الراعية، والعديد من الأطراف المهتمة الأخرى، عدم لعب المنتخب لأي مباراة ذات أهمية لمدة عامين تقريباً. وستكون العواقب الاقتصادية لهذا الفشل كبيرة وطويلة الأمد.

في حين أن زيادة عدد المنتخبات المشاركة في كأس العالم، يقلص الفوائد الاقتصادية لكل منتخب مؤهل للنهائيات، إلا أن الفوائد تبقى كبيرة للعديد من الأطراف.

ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن عائدات الاتحاد الأمريكي لكرة القدم قد ارتفعت من حوالي 76 مليون دولار إلى 102 مليون دولار في عام 2014، وهي زيادة ترجع إلى حد كبير إلى «عائدات مباريات المنتخب الوطني للرجال، والرعاية والترخيص، المرتبطة مباشرة بالمشاركة في كأس العالم 2014».

ويشير نفس المصدر إلى أن الخسائر الأولوية لكل منتخب يفشل في الوصول إلى كأس العالم، تقدر بنحو 12.5 مليون دولار، وتشمل الخسائر في إيرادات التذاكر للمباريات الاستعدادية لكأس العالم، وعائدات حقوق البث التلفزيوني لهذه المباريات. كما يخسر كل منتخب عشرات الملايين من الدولارات من صفقات الرعاية المحتملة، ومبيعات البضائع، وتراخيص النقل التلفزيوني.

وهناك تداعيات سلبية إضافية محتملة لا يمكن تحديدها كمياً. الفشل في الوصول لكأس العالم يمكن أن يؤثر على سمعة كرة القدم في البلاد، والقيمة السوقية للاعبين الدوليين، وسيقلل من قدرة الاتحادات على برمجة مباريات ودية مربحة مع منتخبات وطنية ذات تقييم عالٍ مثل فرنسا، الأرجنتين، البرازيل، أو ألمانيا.

بالإضافة إلى ذلك، قد يكون اللاعبون ذوو الجنسية المزدوجة، أقل ميلًا إلى ربط أنفسهم بمنتخب ليس لديه الجودة الكافية لبلوغ كأس العالم، البطولة التي تقام كل 4 سنوات.

وكمثال للاعب من ذوي الجنسية المزدوجة، اختار تمثيل منتخب على حساب آخر، بسبب الاحتمال الكبير بأنه سيتأهل لجميع نهائيات كأس العالم على مدار مسيرته الكروية. اختار الآيسلندي أرون جوهانسون المولود في الولايات المتحدة، تمثيل منتخب أمريكا على حساب آيسلندا، وهو القرار الذي أثار غضب اتحاد كرة القدم الآيسلندي. على الرغم من الجدل الدائر في آيسلندا، بدا اختيار جوهانسون وكأنه خطوة مهنية قوية في ذلك الوقت. وكما كان متوقعاً، تأهلت الولايات المتحدة لكأس العالم 2014، ولم تتأهل آيسلندا.

وعادة ما يكون اللاعبون مزدوجو الجنسية بقيمة سوقية وتأثير إعلامي كبير، وخسارتهم، تعني تكبد الاتحادات للمزيد من الخسائر الاقتصادية.

وسيتكبد عدد لا يحصى من الشركات، والشركات الصغيرة، والأفراد، أيضاً خسائر اقتصادية مهمة من فشل منتخب البلاد في الوصول لكأس العالم.

وفي مقال نشرته صحيفة «بلومبيرغ»، قال أحد السياسيين الإيطاليين، موضحاً التأثير المروع لفشل منتخب إيطاليا في التأهل إلى كأس العالم 2018، وهو ما قد يتكرر مرة أخرى، بعدما فشل الآزوري في ضمان بطاقة التأهل المباشرة إلى كأس العالم 2022: «الفشل في التأهل لكأس العالم، لا يتعلق فقط بمبيعات الإعلانات الضائعة، وحقوق البث التلفزيوني، والترويج المتعلق بالحدث. هناك ما هو أكثر من ذلك بكثير، بما في ذلك خسائر شركات الطيران التي تنقل المسافرين لمشاهدة الحدث، ناهيك عن خسائر شركات المراهنات، والمقاهي، والمطاعم في جميع أنحاء البلاد خلال المباريات».

وكمثال على التأثير الكارثي لفشل المنتخبات الوطنية في التأهل لكأس العالم، على الشركات، والشركات الصغيرة، والأفراد، تم شراء أكثر من 200 ألف تذكرة من قبل سكان الولايات المتحدة الأمريكية للسفر لمشاهدة منتخب بلادهم في كأس العالم 2014 بالبرازيل، وحققت المطاعم تقريباً أرباحاً بنحو 270 ألف دولار، من الحضور لمشاهدة المباريات، وتعدت الأرباح حاجز 500 ألف دولار في بؤرة كرة القدم الأكثر اكتظاظاً بالسكان مثل بروكلين، وبورتلاند، وواشنطن العاصمة. وهي أرباح انعدمت في عام 2018، عقب الفشل في الوصول إلى مونديال روسيا.

وتتمتع كأس العالم بالقدرة على تكوين النجوم، إذ إن المشاركة في المسابقة بسن مبكر، قد يكون له أثر السحر على مسيرة اللاعبين الصاعدين، حيث سيعرضون مهاراتهم أمام كشافة أبرز الأندية في العالم، ما يوفر لهم فرصة العمر للاحتراف، بعرض مهاراتهم على المسرح العالمي، بعيداً عن ظل الدوريات المحلية، خاصة المتواضعة منها، وهو ما يعني أرباحاً اقتصادياً ورياضية كبيرة لمنتخب البلاد مستقبلاً.