الأربعاء - 01 مايو 2024
الأربعاء - 01 مايو 2024

دارتس.. لعبة عريقة تبحث عن اعتراف أولمبي

تزايدت شعبية لعبة «رمي السهام» بشكل كبير في السنوات الأخيرة، والتي تعرف بمسميات عديدة أبرزها «دارتس»، «الخِزَاقَة»، و«السهام المريشة»، وهي رياضة تنافسية يقوم فيها لاعبان أو أكثر برمي سهام صغيرة حادة الرؤوس، على هدف دائري يُعرف باسم «دارتبوارد».

وتعد لعبة «دارتس»رياضة رماية احترافية، ولعبة تقليدية انطلقت ممارستها في الحانات في المملكة المتحدة، وجمهورية أيرلندا، قبل أن تتوسع بشكل كبير وتصبح لعبة يتم الاستمتاع بها بشكل ترفيهي في جميع أنحاء العالم، كما تملك اتحادات رسمية في عدد كبير من الدول.

تاريخ نشأة اللعبة

تشير بعض المصادر إلى أن مخترع لعبة «دارتس» هو نجار من مدينة «لانكشاير» غرب إنجلترا، يدعى براين جاملين في عام 1896. في حين تدعي مصادر أخرى أن تاريخ اختراع لعبة «دارتس» يعود إلى أبعد من ذلك بكثير. بدأت اللعبة كهواية عسكرية نشأت في إنجلترا خلال حقبة القرون الوسطى في العقدين الأولين من القرن الـ14.

ويقدر عمر اللعبة الافتراضي بنحو 700 عام، لكنها كانت موجودة بشكل أو بآخر لفترة أطول جداً. هناك روايات مختلفة للقصة، لكن معظم المؤرخين يتفقون على بعض الحقائق.

أولاً، نشأ تطوير لعبة «رمي السهام» في إنجلترا خلال حقبة القرون الوسطى، في القرن الـ13 ميلادي. والحقيقة الثانية التي تتفق عليها معظم الروايات التاريخية هي أن لعبة السهام بدأت كهواية عسكرية.

تقول الحكاية إنه بين المعارك، كان الجنود يكسرون مللهم في الخنادق بالتنافس عبر رمي الأشياء الحادة على براميل النبيذ. وفي الواقع، شجع المسؤولون الجنود على لعبها لأنها كانت طريقة فعالة لممارسة التصويب ومهارات الرمي.

ومع انتشار التسلية بين الجنود، بدؤوا في اختراع قوانين في محاولة لإثبات قوتهم. بعد فترة، تحول الجنود من استخدام براميل النبيذ كهدف، إلى استخدام جذوع الأشجار المقطعة بشكل دائري كأهداف.

في هذه المرحلة، بدأت تتبلور قواعد اللعبة. سمح استخدام جذوع الأشجار المقطعة كأهداف بإظهار المنافسين لمهاراتهم بشكل أكبر من خلال توفير أقسام مختلفة لاختبار قدراتهم على الرماية بدقة أكبر.

تمتلك جذوع الأشجار خطوطاً فاصلة للأهداف بشكل طبيعي رغم أنها غير منظمة، ما ساهم في النهاية في ظهور ألواح رمي السهام الرياضية الحديثة.

تغيرت لعبة السهام تدريجياً على مدى مئات السنين حتى مطلع القرن الـ19، عندما بدأت تتحول إلى اللعبة المنشرة في كل بقاع العالم حالياً.

قواعدها البسيطة ساهمت في انتشارها

نمت شعبية لعبة السهام بمعدل مذهل. لا ينبغي أن تكون هذه الحقيقة مفاجأة لأي شخص سبق له أن رمي سهماً من قبل، ويعود ذلك بشكل رئيسي لقواعدها البسيطة.

يمكن لأي شخص بغض النظر عن شكله البدني، ومستويات لياقته البدنية المشاركة بشكل مباشر في اللعبة.

تم استخدام أنظمة تسجيل نقاط مختلفة خلال بدايات اللعبة، ولم تظهر بعد قواعد معيارية حتى القرن الـ19، حيث جاءت موجة من الابتكار وفي هذا الوقت بدأت أنظمة الترقيم الأولى في التطور. ويبقى مخترع الترقيم الحديث للعبة غير معروف وله العديد من المطالبين.

يتم تقسيم اللوحة الدائرية التي يتم رمي عليها السهام على الشكل التالي (بدءاً من الأعلى):

(20ـ1ـ18ـ4ـ13ـ6ـ10ـ15ـ2ـ17ـ3ـ19ـ7ـ16ـ8ـ11ـ14ـ9ـ12ـ5)

على الرغم من أن هذا الترتيب المحدد قد يبدو عشوائياً، إلا أنه في الواقع ترتيب تم اختياره بدقة، ويعطي للعبة عمقاً لا يُصدق، ودرجة من الإنصاف استفادت منها بشكل كبير.

هناك عبقرية خفية وراء هذا الترتيب المعين الذي يكذب العشوائية الظاهرة. من خلال دراسة متأنية، يمكننا أن نلاحظ بسرعة أن الأرقام القريبة عددياً، على سبيل المثال، 20 و19، هي أبعد ما يمكن عن بعضها البعض.

يقلل اختيار التصميم هذا بشكل كبير من احتمالية «الطلقات المحظوظة»، ويقلل بشكل كبير من عنصر الحظ في اللعبة. هناك حاجة إلى المهارة والدقة لتحقيق أفضل الدرجات. في الواقع، يمكن لهذا الترتيب أن يكون مكلفاً كثيراً لصاحب الرميات غير الدقيقة.

على سبيل المثال، لنفترض أنك رميت للحصول على درجة عالية، تبلغ 20. هنا يعني أنه إذا أخطأت، فهناك احتمال كبير أن تصيب إما 1 أو 5.

لعبة رمي السهام في القرن الـ20

شهد القرن الـ20 جدلاً بشأن قانونية لعبة السهام. تشير السجلات التاريخية إلى أنه في عام 1908، تمت محاكمة صاحب حانة في مدينة ليدز لسماحه لعملائه بلعب اللعبة في حانته.

كانت الحجة أن لعبة رمي السهام كانت لعبة حظ، وهو أمر كان غير قانوني في ذلك الوقت. تقول القصة إن صاحب الحانة أحضر أحد أشهر اللاعبين في ذلك الوقت إلى المحكمة، وفي يده سهام ولوح، وكان يدعى ويليام أناكين.

كان السيد أناكين معروفاً بأنه أفضل لاعب سهام في المدينة، وقبل أن يشرع القضاة في المحاكمة، قام أناكين برمي وإلصاق 3 سهام في ترقيم 20، وهو أعلى ترقيم في اللوح، وبعدها طلب من أحد القضاة محاكاة العمل، لكنه لم ينجح في إلصاق سوى سهم واحد باللوحة، ليقرر القضاة رفض القضية، بعدما تأكد لهم جلياً أن اللعبة ليست لعبة حظ وبالتالي فإنها قانونية 100%.

لعبة رمي السهام الحديثة

حدث أول انقسام تنظيمي كبير لهذه الرياضة في عام 1992 عندما انفصلت منظمة السهام البريطانية عن العديد من اللاعبين البارزين الذين لم يكونوا راضين عن الطريقة التي كانت تُدار بها البطولات الوطنية.

أدى هذا الانقسام إلى تأسيس مجلس السهام العالمي أو مؤسسة السهام المحترفة كما تُعرف اليوم.

لقد قامت كلتا الهيئتين التنظيميتين بعمل هائل لتحويل اللعبة إلى رياضة معترف بها. وتقام حالياً المنافسات عالية الجودة سنوياً، بما في ذلك بطولة العالم.

تتمتع رياضة «رمي السهام» الآن بشعبية لا تصدق، ويتم بث بطولاتها المرموقة على الهواء مباشرة في جميع أنحاء العالم، وتجني أرباحاً بملايين الدولارات من الرعاة.

تضم منظمة السهام البريطانية 70 دولة عضواً، ويلعب الملايين من الناس رمي السهام كل يوم. هناك حديث حتى عن إمكانية إضافة اللعبة إلى الألعاب الأولمبية. بلا شك، لقد قطعت لعبة «رمي السهام» شوطاً طويلاً منذ بداياتها المتواضعة في العصور الوسطى.