الاحد - 19 مايو 2024
الاحد - 19 مايو 2024

300 مليون دولار حجم مبيعات عملات المشجعين

300 مليون دولار حجم مبيعات عملات المشجعين
في الثاني عشر من يناير الماضي، كان الآلاف من مشجعي برشلونة على أعصابهم، ليس فقط بسبب خوض فريقهم مباراة نصف نهائي كأس السوبر الإسباني أمام الغريم التقليدي ريال مدريد في السعودية، وإنما بسبب خسائر محتملة يمكن أن تحدث لهم في سوق العملات المشفرة، بحال تعرض البرسا لهزة جديدة تضاف إلى خيبات أخرى مر بها هذا الموسم.

ويعود سبب الترقب والشد بين الجماهير، إلى إعلان غير متوقع لمنصة سوسيوس العملاقة في مجال العملات الرقمية والتي أصدرت ما اصطلح عليه عملات المشجعين (Fan Tokens)، والتي جذبت الآلاف من مشجعي برشلونة، إذ أكدت المنصة تغذية رصيد المتداولين لعملة برشلونة الرقمية بنحو 20 ألف عملة، في حين يمكن أن تكبد هزيمته ووداعه البطولة لخسارة المتداولين نحو 40 ألف عملة، وهو السيناريو الذي تحقق فعلياً بعد خسارة البرسا 3 ـ 2 من الريال الذي توج باللقب لاحقاً.

يعد برشلونة أحد أشهر أندية كرة القدم الناشطة في مجال عملات المشجعين، إذ يمتلك عملة رقمية باسمه ويرمز لها بالرمز (BAR)، ويبلغ إجمالي المعروض منها 40 مليون عملة، تم توزيع 600 ألف عملة، في حين يحتفظ النادي ببقية العملات، لأنشطة مستقبلية.

وبلغت أعلى قيمة وصلت إليها عملة النادي الكتالوني 53.64 دولار في 15 مارس 2021، بحسب الموقع الرسمي للنادي، في حين يبلغ سعرها الحالي 6.19 دولار.

ما هي عملات المشجعين؟

هي عملات رقمية تمنح مشتريها إثباتاً للملكية أو حتى نيل العضوية في النادي إلى جانب ميزات أخرى، وتقوم هذه العملات الرقمية على نظام البلوكتشين (نظام سلسلي لسجل إلكتروني مشترك، آني، ومشفر، وغير مركزي لمعالجة وتدوين المعاملات المالية، والعقود، والأصول المادية، وغيرها).


أما عن الكيفية التي تعمل بها عملات المشجعين، فهي تبدأ بدخول الأندية في شراكات مع تشيلز (نظام بلوكتشين مشهور)، وذلك لإطلاق رموز المشجعين أو الأصول الرقمية على منصة سوسيوس، قبل أن يقوم المشجع بداية بشراء عملة CHZ (العملة الرقمية المقبولة على منصة سوسيوس)، ومن ثم يستخدمونها لشراء عملات المشجعين، والتي يمكن تداولها على منصات تداول العملات الرقمية وعلى تطبيق سوسيوس الشهير.

حجم السوق

أكدت تقارير متطابقة أن عدد الأندية الأوروبية التي اقتحمت مجال إصدار عملات للمشجعين بلغ 24 نادياً أوروبياً، وبحسب بيان لمنصة سوسيسوس، فإن إجمالي مبيعات عملات المشجعين بلغ العام الماضي 300 مليون دولار، دون أن يفصح البيان عن فوائد الأندية الفعلية منذ ذلك.

وبحسب تقرير نشرته صحيفة ماركا الإسبانية، الثلاثاء، فإن عملات المشجعين مرشحة لكي تصبح ثاني أعلى مصدر دخل للأندية في غضون السنوات الخمس المقبلة، كما قدر التقرير وجود نحو 60 نادياً حالياً يعمل في مجال «تعدين الجماهير» عبر عملته الرقمية المطروح في المنصات المختلفة.

ويعد نادي باريس سان جيرمان الفرنسي أول أندية كرة القدم إصداراً لهذا النوع من العملات حدث ذلك في 2019، في وقت تبلغ فيه القيمة السوقية لعملات المشجعين الخاصة بالنادي نحو 45 مليون دولار بحسب صحيفة الغارديان البريطانية.

إقرأ أيضاً: كامب نو يعود لاستقبال الجمهور بسعة كاملة أمام أتلتيكو مدريد

أسباب الإقبال

رأى الخبير والمختص في الاقتصاد الكروي والأستاذ في جامعة ليفربول كيران ماغواير أن الأسباب الحقيقية لتركيز أندية كرة القدم على الاستثمار في العملات المشفرة يعود بالأساس إلى تراجع المداخيل في عصر كورونا، إلى جانب إدراك المختصين في تلك الأندية لصعوبة جني نفس (أو أكثر من) أرباح ما قبل الجائحة.

وقال ماغواير في تصريحات للغارديان: «كرة القدم العالمية أدركت تماماً أنها الآن تعيش العصر الذهبي في مجال مداخيل البث التلفزيوني، وذلك في ظل إحجام القنوات حالياً عن الدوريات الكبيرة».

واستطرد: «رأينا بعض القنوات تجدد عقودها لبث بطولات، لكن إما بالأسعار القديمة، أو بزيادات طفيفة للغاية، وهذا ما دفع الأندية للبحث عن مدخل جديد لجني أموال، وهو ما أتاحته لها العملات المشفرة، لتبدأ بتعدين مشجعيها».

وبحسب الخبير ماغواير أن الرهان على زيادة العوائد من الجماهير عن طريق الخدمات وبيع القمصان والطرق التقليدية لم يعد مجدياً، وضرب مثالاً بنادي مانشستر يونايتد والذي رغم زعمه بأنه يمتلك نحو 1.2 مليار مشجع حوال العالم، فإن مداخيله لموسم 2019 ـ 2020 بلغت فقط 488 مليون استرليني، وهو مبلغ بسيط مقارنة مع ما يدعيه من زخم الولاء الجماهيري عالمياً.

المشجعون وجدل الاستغلال

ما إن يسمع البعض عن العملات المشفرة، حتى يذهب ذهنهم في اتجاه إمكانية جني هؤلاء المشجعين لأموال ضخمة أسوة بما يحدث لمشتري عملات مثل البيتكوين في فترة سابقة، لكن لا يبدو الأمر في عالم عملات المشجعين بهذه الطموحات والآمال.

وبحسب بيدرو هيريرا المختص في تحليل البلوكتشين وتطبيقات التداول في تصريحاته للغارديان البريطانية، فإن المشجع يقوم بشراء هذه العملات من أجل تحقيق ميزات اجتماعية بالأساس وليست مالية.

ومن أبرز ما يحصل عليه المشجع جراء شرائه هذه العملات، مشاركته في اتخاذ قرارات صغيرة متعلقة بالنادي، من قبيل اختيار الأغنية التي يتم تشغيلها بعد إحراز فريقه هدفاً، إلى جانب دخوله مباشرة على قرعة تمكن الفائز بها من الحصول على توقيعات من نجوم ناديه على قمصان يشتريها هو، في وقت تعرض فيه الأندية على أكثر المشترين للعملات عضوية النادي.

وبدورها، تقوم منصة سوسيوس المختصة بتوزيع أرباح ضئيلة للغاية على المشجعين أحياناً، وهي أرباح لا تضاهي ما يصرفه المشجع، ما يجعل منه بالتالي حقلاً لتعدين المداخيل للأندية.

مطالب

في هذا السياق، بدأت الكثير من الجهات المختصة في توجيه سهام النقد للأندية، ورأت أن الأمر يُعدّ بمنزلة لعبة خطرة، ينبغي أن تقنن عبر تمليك المشجعين كل الحقائق، أو تتوقف نهائياً.

وبدوره، قال كيران ماغواير: «المشكلة تكمن في إمكانية تعرض الجماهير المشترية لهذه العملات للخداع عبر تمليكهم معلومات مضللة من قبل المروجين عبر سوشيال ميديا.. يمكن أن يكون الأمر مقبولاً جداً في إطار دعم المشجع لناديه، بشراء عملة معدنية أو رمزية، لكن الخطر هنا هو إقحامه (المشجع) في منصات رقمية للتداول، بدون كثير معلومات».

مصالح مزدوجة

في الوقت الذي ينصّب فيه التركيز على الفوائد المالية المتوقعة لأندية كرة القدم من علاقتها مع منصات تداول العملات الرقمية، إلا أن الأخيرة تبدو أيضاً مستفيدة من كرة القدم، إذ توفر لها الساحرة المستديرة زخماً ترويجياً يصعب الحصول عليه في مجالات أخرى.

وشكل العام الماضي ظاهرة في تحول تلك المنصات نحو الإعلان على قمصان أندية كرة القدم، وكانت البداية بتطبيق «كريبتو دوت كوم» الذي أصبح راعياً للدوري الإيطالي، في وقت باتت فيه منصة سوسيوس راعياً لقميص إنتر ميلان الإيطالي. وبدورها، امتلكت منصة إي تورو لتداول العملات الرقمية، صفقات رعاية مع نصف أندية الدوري الإنجليزي الممتاز تقريباً، بحسب ما نقلت الغارديان.

ساوثهامبتون والدفع بالبيتكوين

عرض نادي ساوثهامبتون الإنجليزي بداية الموسم الحالي على لاعبيه دفع حوافز الانتصارات عن طريقة عملة البيتكوين، وذلك في سياق عقد النادي مع مجموعة كونيغام التي تعمل في هذا المضمار، والبالغ 7.5 مليون استرليني سنوياً.

أما الإسباني دافيد بارال فدخل التاريخ في يناير من العام الماضي، عندما أصبح أول لاعب يتم دفع رسوم تسجيله عن طريق عملة البيتكوين الرقمية، وذلك عندما انتقل من نادي «ألبيت» المشارك في الدرجة الثالثة الإسباني إلى نادي إنترناشيونال دو مدريد.