الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

تألق زياش مع «تشيلسي» يعيد جدل تواضع النجوم المغاربة مع أسود الأطلس إلى الواجهة

أعاد التألق الكبير للدولي المغربي، حكيم زياش، مع ناديه الجديد «تشيلسي» الإنجليزي، النقاش مجدداً في المغرب، حول أسباب تميز زياش وزملائه في أنديتهم الأوروبية، مقابل تواضع مستوياتهم مع أسود الأطلس، وهو أمر بدا في نظر البعض بمنزلة ظاهرة تستحق الدراسة والنقد بغرض المعالجة.

ولم يتأخر زياش، الملتحق بـ«البلوز» خلال موسم الانتقالات الصيفية الأخير قادماً من أياكس أمستردام الهولندي، في افتتاح حصيلته التهديفية مع ناديه الجديد، إذ سجل في أول مباراة رسمية له كأساسي مع «تشيلسي» في شباك «كراسنودار» الروسي، في إطار منافسات دوري أبطال أوروبا لكرة القدم. واستمر زياش، بعد باكورة أهدافه، في التسجيل وصناعة الأهداف مع «تشيلسي»، ما جعله ينال رضا فريقه إدارة وجمهوراً، وهو الأداء نفسه الذي كان يقدمه رفقة ناديه السابق «أياكس أمستردام» الهولندي.



وعلى عكس ذلك، يقدم زياش أداء باهتاً داخل صفوف المنتخب الوطني، ما ضاعف من غضبة المغاربة عليه في أكثر من مناسبة، كان آخرها عندما ظهر بمستوى ضعيف في المباريات الأربع، التي لعبها المغرب في كأس الأمم الإفريقية الأخير (مصر/2019)، قبل خروجه على يد منتخب بنين في ثمن النهائي، بعد إهدار زياش لضربة جزاء في الدقيقة 92 من المباراة.



وبحسب محللين ونقاد في مجال كرة القدم تحدثت إليهم «الرؤية»، فإن الأمر مستمر منذ سنوات ولا يتعلق بزياش وجيله فقط، انطلاقاً من جيل مروان الشماخ، الذي لعب في أندية كبيرة ضمنها بوردو الفرنسي وأرسنال الإنجليزي، وحمل قميص المنتخب ما بين 2003 و2014، مروراً بجيل المهدي بنعطية الذي لعب لأندية كبيرة مثل روما وبايرن ميونيخ الألماني ويوفنتوس الإيطالي، كما لعب للمنتخب المغربي ما بين 2008 و2019، وصولاً إلى جيل حكيم زياش وفيصل فجر، لاعب سيفاس سبور التركي، ويوسف النصيري، مهاجم إشبيلية الإسباني، الذين يلعبون حالياً في صفوف المنتخب.



هذه المفارقة تجعل المغاربة يتساءلون، في كل بطولة كروية قارية أو دولية يشارك فيها المغرب، «لماذا لا يقدم المحترفون المغاربة مع المنتخب المغربي أداء كذلك الذي يقدمونه مع الأندية الأجنبية التي يلعبون في صفوفها؟» ويطالبون بالاستعانة بشكل أساسي بلاعبي البطولة الوطنية، الذين قال عنهم مدرب المنتخب المغربي، الفرنسي-البوسني وحيد خاليلوزيتش، «إنهم ضعفاء بدنياً مقارنة مع مستوى اللعب في أوروبا».



غياب التناغم

من جهته، قال النجم السابق للمنتخب الوطني المغربي لكرة القدم، عزيز بودربالة، «السبب الأساسي وراء ذلك، يعود إلى غياب التناغم بين لاعبي المنتخب الوطني المغربي، فمثلاً في منتخبات فرنسا وألمانيا والبرتغال، نجد أن اللاعبين قد لعبوا الكثير من المباريات إلى جانب بعضهم البعض مع منتخباتهم. كما أنهم لعبوا في نوادٍ في دولهم الأصلية، قبل أن يحترفوا في نواد أوروبية، ولذلك يقدمون أداء جيداً، عكس لاعبي المنتخب الوطني المغربي، الذين نشؤوا في أوروبا، وبدؤوا لعب كرة القدم وسطع نجمهم فيها هناك».



وأضاف الدولي المغربي السابق، في حديث مع «الرؤية»: «يجب علينا أن نصبر قليلاً على لاعبي المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم الحاليين، لأننا في مرحلة انتقالية، فأغلب لاعبي المنتخب الذين قضوا فيه سنوات طويلة قد اعتزلوا دولياً، من بينهم المهدي بنعطية، ومبارك بوصوفة، وكريم الأحمدي».



كما أوضح المتحدث نفسه، الذي يشغل حالياً منصب المدير الرياضي لفريق الدفاع الحسني الجديدي بالمغرب، «أن الأسماء التي ذكرها واجهت أيضاً مشكل غياب التناغم في بداياتها مع المنتخب الوطني المغربي، لكن تم تجاوز ذلك بعد لعبهم الكثير من المباريات إلى جانب بعضهم البعض، ومشاركتهم في 3 دورات لبطولة كأس الأمم الإفريقية (كَانْ) بقميص المنتخب، وهو ما اتضح بشكل جلي في كأس العالم 2018 بروسيا، الذي قدم فيه أسود الأطلس أداء مشرفا»، مبرزاً «أن تجاوز المشكل بيد مدرب المنتخب المغربي، الفرنسي-البوسني وحيد خاليلوزيتش».



التحليل الذي قدمه بودربالة لـ«الرؤية»، سايره المدرب السابق للمنتخب الوطني المغربي لكرة القدم، حسان مومن، إذ أفاد «بأن عدد الساعات التي تدرب فيها حكيم زياش مع نادي تشيلسي الإنجليزي، الذي التحق به في يوليو المنصرم، أكثر من عدد الساعات التي تدرب فيها زياش رفقة لاعبي المنتخب الوطني المغربي منذ أن التحق به سنة 2015».



وفي السياق ذاته، أقرَّ مومن، في حديثه لـ«الرؤية»، «بأن المنتخب الوطني المغربي يتوفر في كتيبته على لاعبين بتكوين عالٍ وذكاء كبير، ويلعبون بشكل رسمي في أنديتهم. وأن انسجامهم يظل بيد المدرب والأيام، لكي يتقربوا أكثر من بعضهم البعض، ويذوبوا الفوارق الموجودة بينهم، ويكونوا علاقات عاطفية».

كما أبرز مدرب المنتخب المغربي ما بين 2009 و2010 «أن هذا المشكل لم يواجه فقط زياش أو لاعبي المنتخب الحاليين، بل واجه قبلهم مروان الشماخ، والحسين خرجة، ويوسف حجي، الذين حملوا قميص أسود الأطلس في وقت سابق».



مشكلة عامة

من جانبه، قال المدرب السابق لنادي الوداد الرياضي المغربي، فخر الدين رجحي، «إن الأمر لا يخص فقط المنتخب المغربي، بل جميع منتخبات دول شمال إفريقيا وإفريقيا جنوب الصحراء، كالسينغال، ونيجيريا، والكاميرون»، مضيفاً: «مثلاً عندما تشاهد ساديو ماني يلعب مع نادي ليفربول الإنجليزي، ثم تشاهده يلعب بقميص منتخب بلده السينغال، تتساءل هل هو نفس اللاعب؟!».



وعن أسباب هذه المفارقة، أوضح رجحي «أن مدربي الأندية الأجنبية يفرضون على أولئك اللاعبين اللعب بطريقة معينة، في حين يأتي هؤلاء إلى المنتخب المغربي متعالين، ويقررون اللعب بالطريقة التي تناسبهم، بل إنهم يرفضون حتى أن يتم استبدالهم وسط المباريات، وبالتالي فنحن في حاجة إلى مدرب سلطوي». واستثنى رجحي أشرف حكيمي، لاعب فريق إنتر ميلان الإيطالي، من هذا التقييم، إذ يرى «أنه يقدم نفس الأداء الجيد الذي يقدمه في الخارج مع المنتخب».



كما أرجع المتحدث السبب أيضاً، في حديث مع «الرؤية»، «إلى الخوف الذي يدفع لاعبي المنتخب الوطني المغربي المحترفين إلى تقديم أداء جيد رفقة الأندية الأجنبية التي يلعبون في صفوفها، لكي لا يتم استبدالهم أثناء المباراة، أو وضعهم في دكة الاحتياط باستمرار، وبالتالي ضياع مستقبلهم في عالم كرة القدم».