الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

مطالب العمال تشكل ضغوطاً إضافية على الاقتصاد العالمي.. كيف ذلك؟

مطالب العمال تشكل ضغوطاً إضافية على الاقتصاد العالمي.. كيف ذلك؟

الشحن البحري يستحوذ على 80% من حركة التجارة العالمية

في الوقت الذي فرض فيه الوباء ضغوطاً غير مسبوقة على سلاسل التوريد العالمية، حافظ العمال على تشغيل هذه الأنظمة في ظل ظروف صعبة، إلا أن الفترة الأخيرة تظهر أن الكثير منهم قد اكتفى.وحسب تقرير لوكالة بلومبيرغ، يهدد تصاعد الإضرابات والاحتجاجات العمالية الأخرى الصناعات في جميع أنحاء العالم، خاصة تلك التي تنطوي على نقل المسافرين وشحن البضائع والطاقة. وظهرت الاحتجاجات من عمال السكك الحديدية والموانئ في الولايات المتحدة إلى حقول الغاز الطبيعي في أستراليا وسائقي الشاحنات في بيرو، إذ يطالب الموظفون بوضع أفضل حيث يؤثر التضخم على أجورهم.

سلاسل التوريد لا تزال هشة

وذكر التقرير، أن وظيفة العمال مهمة للغاية بالنسبة للاقتصاد العالمي في الوقت الحالي، مع سلاسل التوريد التي لا تزال هشة وأسواق العمل ضيقة، لذلك يتمتع هؤلاء العمال بالنفوذ على طاولة المفاوضات. وتابع التقرير: «أي اضطرابات ناجمة عن الخلافات العمالية يمكن أن تزيد من النقص وارتفاع الأسعار الذي يهدد بإحداث ركود».

من جانبها، قالت كاتي فوكس هوديس، محاضرة في علاقات العمل في كلية إدارة جامعة شيفيلد في المملكة المتحدة، إن مخاوف الركود هذا يشجع الموظفين في مجال النقل والخدمات اللوجستية -والتي تمتد على كل شيء من المستودعات إلى النقل بالشاحنات- للوقوف في وجه رؤسائهم. وأضاف فوكس: «سلاسل التوريد العالمية لم تكن مستعدة للتعامل مع أزمة مثل الوباء، وقد أظهرت هذه الأزمة الأهمية الاستراتيجية للعمال».

من جانبهم، كان محافظو البنوك المركزية قلقين بشأن حصول العمال على رواتب أكثر من اللازم، حتى لا يؤدي إلى ارتفاع مستويات الأجور مثل تلك التي أدت إلى تسارع التضخم في السبعينيات. وذكر تقرير بلومبيرغ: «ليس هناك الكثير من الدلائل على ذلك، حيث تتخلف مكاسب الأجور عموماً عن الأسعار، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن العمل المنظم أقل قوة بشكل عام مما كان عليه في ذلك الوقت».

هزات جديدة في أسواق الغاز الأوروبية

وأفاد التقرير، أن الكثير من التضخم ينبع من نقاط اختناق محددة، مضيفاً: «يمكن أن يكون للاضطرابات العمالية في تلك الصناعات الرئيسية تأثيرات مضاعفة أوسع على الأسعار».وأدى إضراب مهدد من قبل عمال الطاقة النرويجيين، على سبيل المثال، إلى حدوث هزات جديدة في أسواق الغاز الطبيعي الأوروبية في وقت سابق من هذا الشهر. ولفت التقرير إلى أن هناك أيضاً خطراً على إعادة توازن الاقتصادات في ظل الوباء، حيث اشترى الناس المزيد من السلع على حساب الخدمات مثل تذاكر الطائرة أو غرف الفنادق، ما أدى إلى الضغط على سلاسل التوريد وإذكاء التضخم.وأضاف أن التوقع بأن عادات الإنفاق ستعود إلى طبيعتها، مع رغبة المستهلكين في القيام برحلة مرة أخرى، لكن الإضرابات التي قام بها موظفو المقصورة في رايان إير، أو عمال المطار في باريس ولندن، تزيد من اضطرابات السفر التي قد تؤدي إلى إبعاد السياح المحتملين.

النقاط الساخنة للاضطرابات

في الولايات المتحدة، حيث تظهر الحركة العمالية المتراجعة منذ فترة طويلة علامات على الصحوة، حيث إن النقابات تؤسس موطئ قدم في شركات مثل ستاربكس وأمازون، فإن بعض أكبر الخلافات تدور في صناعة النقل، يلوح في الأفق سلاسل التوريد المنهارة بالفعل في البلاد والتهديد بإضراب بالسكك الحديدية الذي يمكن أن يشل حركة البضائع.فبعد عامين من المفاوضات غير الناجحة مع أكبر خطوط السكك الحديدية في البلاد، أنشأ الرئيس جو بايدن هذا الشهر لجنة لحل خلاف عميق بين 115 ألف عامل وأصحاب عملهم. وقال الأستاذ المساعد بجامعة كورنيل إيلي فريدمان: «هناك سوق عمل ضيقة للغاية، ما يضع العمال في وضع يتراكم فيه الكثير من المظالم ويشعرون بالقوة».

وشهدت الولايات المتحدة 260 إضراباً وخمسة عمليات إغلاق شملت حوالي 140 ألف موظف في عام 2021، ما أدى إلى حوالي 3.27 مليون يوم إضراب.

في المملكة المتحدة، يقول سائقو القطارات إنهم سيضربون في 30 يوليو، كما تخطط نقابتان أخريان للمواصلات للإضراب على مدار 24 ساعة الأسبوع المقبل. بينما شهدت كندا إضرابات على السكك الحديدية أيضاً، وهي جزء من أكبر موجة من الصراع العمالي في البلاد منذ عقود، كما ترك عشرات الآلاف من عمال البناء وظائفهم في وقت سابق من هذا الصيف.في العديد من البلدان، كان سائقو الشاحنات الذين يحتجون على ارتفاع كلفة الوقود في طليعة الاضطرابات العمالية.

كما ينظم سائقو الشاحنات في بيرو إضراباً على مستوى البلاد هذا الشهر، فيما استمرت حواجز الطرق من قبل السائقين في يونيو لمدة أسبوع في الأرجنتين، ما أدى إلى تأخير حوالي 350 ألف طن من المحاصيل، ما يقرب من 10 شحنات سفن صغيرة.

فوضى السفر الجوي

ورصد التقرير، أن النزاعات العمالية ساهمت في فوضى السفر الصيفية في أوروبا، حيث تعاني شركات الطيران والسكك الحديدية بالفعل من نقص في الموظفين بعد الضغط الوبائي على أسواق العمل.وشهدت شركات الطيران، بما في ذلك رين إير وإيزي جيت و«إس أيه إس» الإسكندنافية، تعطل جداولها بسبب الإضرابات. كما اضطر الإضراب في مطار شارل ديغول خارج باريس إلى إلغاء الرحلات الجوية، وبدا مطار هيثرو بلندن في خطر التعرض لمصير مماثل، قبل أن يتم إلغاء الإضراب المقترح يوم الخميس، بعد تلقي المحتجين عرضاً محسّناً بشكل مستدام لزيادة الأجور.