السبت - 04 مايو 2024
السبت - 04 مايو 2024

زراعة القطن «المستدام» رافد جديد للاقتصاد البرازيلي

زراعة القطن «المستدام» رافد جديد للاقتصاد البرازيلي

تبدو حقول القطن من بعيد وكأنها غطاء ثلجي، يمتد على مساحات واسعة على جانبَي الطريق المؤدية إلى كريستالينا في ولاية غوياس الريفية وسط البرازيل.

ويعكس هذا المشهد في منطقة عُرفت بحقول الذرة وفول الصويا، توجهاً جديداً للزراعة البرازيلية، وداعماً للاقتصاد، يتمثل في إنتاج القطن الذي يوصف بأنه «مستدام»؛ لأنّ زراعته تتسم بالإقلال من استخدام المبيدات، لإرضاء فئة جديدة من المستهلكين.

وتُعتبر البرازيل ثاني أكبر دولة مصدّرة للقطن في العالم بعد الولايات المتحدة، بينما تحتل المرتبة الأُولى في إنتاج القطن الذي يوصف بـ«المستدام»؛ إذ إن نسبة 84% من الكمية المنتجة تحظى بشهادة مطابقة لمعايير الاستدامة من مبادرة «بيتر كوتون إنيشاتيف» غير الربحية. ويُباع هذا النوع من القطن بأسعار تفوق بـ10% تلك الخاصة بالقطن العادي.

وتقول كريستينا شيتينو، وهي عالمة حشرات من جامعة برازيليا ومتخصصة في زراعة القطن، لوكالة فرانس برس، إنّ «المزاج العام تغيّر، ولم يَعُد الناس يرغبون في استهلاك منتجات لا تحترم دورات الطبيعة».

ويسعى الأشخاص الذين يعوّلون على هذا القطن المصنف بـ«مستدام» إلى تحسين صورة البرازيل في الخارج، بعدما شُوّهت منذ وصول الرئيس اليميني المتطرف جايير بولسونارو إلى السلطة؛ إذ زادت وتيرة قطع أشجار الغابات في البرازيل منذ توليه الحكم في يناير.

وتتمتع زراعة القطن بسمعة سيئة؛ إذ ترتبط تاريخياً بالعبودية المُمارسة في حق العمال داخل مزارع كبيرة في الولايات المتحدة، في حين تُوجَّه إليها الانتقادات اليوم لحاجتها إلى كميات كبيرة من المياه ومبيدات الحشرات.

وقد وضع اتحاد منتجي القطن البرازيليين (أبرابا) سنة 2015 بروتوكولاً يوجه المزارعين لاعتماد ممارسات إيجابية، كتدريبهم على إدارة استخدام المياه والمبيدات الحشرية بطريقة تكون فاعلة في الزراعة وبكميات غير كبيرة، بالإضافة إلى إيلاء الأولوية للأسمدة الطبيعية.

ويقول رئيس الاتحاد مارسيو بورتوكاريرو، إنّ البروتوكول هو عبارة عن «عملية إعادة تأهيل، إذ كان المزارعون أساساً يسعون لتحقيق أقصى نسبة ممكنة من الأرباح. أمّا اليوم فنشرح لهم أنّ الإنتاج المستدام يؤدي بشكل قاطع إلى تدفق الطلب على القطن».

وتضم كريستالينا الواقعة على بعد 130 كيلومتراً من العاصمة برازيليا، مزرعة باملونا التي تديرها شركة «إس إل سي أغريكولا»، وتُعد إحدى أهم مزارع القطن في البرازيل.

ووسط 27 ألف هكتار من الأراضي الزراعية، تبرز مجموعة من المباني بمثابة قرية صغيرة وسط الحقول.

وتضم المزرعة كذلك حديقة للأطفال، وملعباً لكرة القدم، ومرافق ترفيهية أُخرى مخصصة للموظفين المقيمين فيها.

ويؤكد منسق الإنتاج في المزرعة دييغو غولدشميت أنّ الهدف من وسائل الراحة المُتاحة للعمال هو استمرارهم في العمل طويلاً في المزرعة وتجنب تغيير الموظفين بصورة دائمة.

وتجري خلف غولدشميت عمليات تغليف حزم ضخمة من القطن ووضع رمز شريطي عليها يوفر كل المعلومات عن المنطقة التي زُرع فيها المنتج والشروط المُعتمدة في زراعته.

ويشير غولدشميت إلى أنّ هذه الكمية «مُباعة أصلاً»، لافتاً إلى أنّ 99% من الإنتاج يُخصص للتصدير، أما السنة الفائتة، فصدّرت المزرعة 600 ألف طن من القطن.