الاحد - 28 أبريل 2024
الاحد - 28 أبريل 2024

الهند لا تواجه خطر التضخم.. ماذا تعرف عن استراتيجيتها الاقتصادية؟

الهند لا تواجه خطر التضخم.. ماذا تعرف عن استراتيجيتها الاقتصادية؟

بينما تواجه الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي ضربةً مزدوجة من التضخم والنمو السلبي، تبرزُ مدرسةٌ فكرية تزعم أنَّ السياسة المالية التي تنتهجها الهند آتت ثمارها، فخلال فترة 2022-2023، سيبلغ متوسط النمو في الهند 7%، ما يعدُّ النموَّ الأقوى بين أكبر الاقتصادات، ويسهم بنسبة 28% في النمو الآسيوي، و22% في النمو العالمي، وفقاً لتقرير «مورغان ستانلي».

تعدُّ الهند في أفضل وضع داخل آسيا لتلبية الطلب المحلي، حيث تدعم العواملُ الهيكلية انتعاشَها الدوري، إذ تشير «مورغان ستانلي» إلى أنَّ التدفُّق القويَّ الأخير للبيانات يؤكِّدُ أنَّ الهند في وضع جيِّدٍ لتلبية الطلب المحلي، والذي سيكون مهماً بالتزامن مع تسرُّب ضَعف نمو الأسواق المتقدمة إلى الطلب الخارجي لآسيا.

يجادل بعض المراقبين بأنَّه رغم أنَّ الحرب في أوكرانيا أسهمت في أزمة الغرب، فإنَّ تلك الأزمة بدأت مع كوفيد-19 حين زادت نفقات الحكومات لإعطاء حافز اقتصادي، ما فاقمَ التضخُّمَ في وقتٍ كان فيه النموُّ يتباطأ.

كما يزعم هؤلاء المراقبون أنَّ من يُطلق عليهم خبراء الاقتصاد كانوا «يدفعون» الهندَ إلى سلوك المسار نفسه الذي سلكته البلدان الغربية، حيث يضغط علماء الاقتصاد الدوليون البارزون أيضاً على الحكومة الهندية لإنفاق 5 أو 10 أو حتى 15% من الناتج المحلي الإجمالي بأكمله كحافز، فيما قدَّم خبراء اقتصاديون آخرون مبالغَ أُخرى متفاوتة وكبيرة لتوزيعها دون القلق بشأن التضخُّم، وفقاً لمقالةٍ نشرها موقع «ذي إكونوميك تايمز» حديثاً.

ولكن على الرغم من الضغوط المتكررة من الاقتصاديين، كانت الحكومة الهندية حكيمةً من الناحية المالية، حيث كانت على علمٍ بالمخاطر التي يمكن أن يسبِّبها التضخُّم غيُر المنضبط على الاقتصاد الهندي. لذلك أعطت الحكومةُ الأولويةَ مراراً للإنفاق الدقيق للغاية، واستهدفت التحفيز للقطاعات التي تطلَّبت ذلك بشدَّة فقط.

ومن ناحية أُخرى، يجادل المراقبون بأنَّ الهند الآن هي البلد الكبير الوحيد الذي لا يواجه أدنى خطر للتضخم فحسب، بل سجَّل أيضاً نمواً بنسبة 13% في هذا الربع من السنة، حيث حافظت الحكومة المركزية على موقف الحصافة المالية وتوفير الحوافز لتعزيز الاقتصاد في «الوقت المناسب» و«للمجموعات المناسبة». علماً بأنَّ المراقبين أكَّدوا أنَّ هذه الاستراتيجية أثمرت إلى حدٍّ كبير.

كما يرى الخبراء أنَّه مع مرور الوقت، يظهر المزيد من الأدلة والآراء المتوافقة حول أنَّ الحوافز الطائشة ألحقت المزيد من الضرر على المدى الطويل حتى في الاقتصادات الكبيرة التي كانت فائضة مالياً أو متقدِّمة للغاية قبل الوباء.

أما «مورغان ستانلي» فتشير إلى أنَّ التغيير الرئيس في القصة الهيكلية للهند يكمن في التحوُّل الواضح في تركيز السياسة نحو رفع القدرة الإنتاجية للاقتصاد، إلى جانب تبنِّي صنَّاع السياسات سلسلةً من الإصلاحات التي من شأنها أن تحفِّزَ صعود دورة رأس المال الرأسمالي الخاص، ما يساعد على إطلاق دينامية إنتاجية قوية ويؤدي إلى بداية دورة جيدة.

وعلى نحو دوريٍّ، بدأ الاقتصاد في الانطلاق بعد فترة مطولة من التكيُّف، حيث يشير التقرير إلى أنَّ الخلفية الإيجابية للموازنات، إلى جانب زيادة ثقة الشركات، تبشِّرُ بالخير بالنسبة لتوقُّعات الاستثمار في الأعمال التجارية. لكنَّ التحدي الأكبر الذي يمكن أن تواجهه الهند يتجلى في الارتفاع الحاد في أسعار النفط والسلع الأساسية التي أثقلت كاهل استقرار الاقتصاد الكلي.

ومع ذلك، يرجِّح الخبراء عودة مؤشرات الاستقرار الكلي إلى منطقة الراحة بالتزامن مع انخفاض أسعار النفط والسلع الأساسية بنسبة 23-37% منذ ذروة 22 مارس، ففي ظل هذه الخلفية، يتوقَّع الاقتصاديون أنَّ بنك الاحتياطي الهندي لن يحتاج إلى إبطاء نمو الطلب المحلي للتحكم في مؤشرات الاستقرار الكلي.