الاحد - 28 أبريل 2024
الاحد - 28 أبريل 2024

«الثقة تتبخر في الاقتصاد».. لماذا يهاجر الأرجنتينيون من أوطانهم؟

«الثقة تتبخر في الاقتصاد».. لماذا يهاجر الأرجنتينيون من أوطانهم؟

يغادر الأرجنتينيون البلاد في موجات كبيرة، حيث دفعت أزمتها الاقتصادية المتفاقمة الآلاف إلى الهجرة لأول مرة منذ جيل.

تاريخياً، اجتذب البلد الواقع في أمريكا اللاتينية المهاجرين من أماكن أخرى، وفي أواخر القرن التاسع عشر، وصل إليها الناس من أوروبا، وبعد ذلك بوليفيا وباراغواي، ومؤخراً الفارون من الاضطرابات الاقتصادية في فنزويلا.

ولكن يبدو أن فرص العمل السيئة، والتضخم المتصاعد، والحكومة التي تكافح من أجل استعادة ثقة الجمهور تعمل على عكس هذا الاتجاه ببطء، حيث يختار المزيد من الأرجنتينيين الهروب من الموارد المالية المضطربة في البلاد.

واستقبلت إسبانيا 33600 مواطن أرجنتيني المولد العام الماضي، وهو أكبر عدد منذ عام 2008، وثلاثة أضعاف ما قبل ست سنوات، وفقاً لمعهد الإحصاء الوطني الإسباني، وقال مسؤولو الهجرة إن هذه الأرقام تعتبر أقل من الواقع، حيث يحمل العديد منهم جوازات سفر أوروبية حسب النسب.

وسجلت طلبات الحصول على الجنسية الإسبانية أو الإيطالية رقماً قياسياً العام الماضي؛ حيث تم بين يناير وسبتمبر 2021، تقديم أكثر من 55000 طلب للحصول على شهادة «عدم التجنس» الصادرة عن الدائرة الانتخابية في الأرجنتين، وهو مطلب إلزامي عند التقديم، وتجاوز هذا أعلى ذروة للأزمة الاقتصادية السابقة 2001-2002، عندما تم تقديم 39000 طلب.

وفي تشيلي وأوروغواي المجاورتين، وصل عدد طلبات الإقامة التي قدمها الأرجنتينيون منذ عام 2020 إلى مستويات جديدة. وأصدرت أوروغواي تصاريح إقامة لـ1656 أرجنتينياً العام الماضي، وهي أعلى تصاريح منذ ما يقرب من عقد.

وأصبح ما لا يقل عن 10000 أرجنتيني مقيمين في تشيلي منذ عام 2017، ما يشكل سادس أكبر مجموعة مهاجرين في البلاد.

وتبخرت الثقة في الاقتصاد الأرجنتيني، وتكافح الحكومة البيرونية اليسارية لتمويل نفسها من خلال كومة متزايدة باستمرار من الديون المحلية والاحتياطيات الدولية الصافية المنخفضة بشكل غير مستقر، حيث بدد الاقتتال السياسي قبل انتخابات العام المقبل أي آمال بشأن قدرة الحكومة على رعاية الإصلاحات لخفض التضخم.

وتعمل الضوابط الصارمة على صرف العملات على ردع الاستثمار الأجنبي، كما أن التدهور السريع في المعنويات وصعوبة تمويل الحكومة لنفسها يثير مخاوف محللي البنوك من أن التعافي الاقتصادي سيستغرق سنوات.

ووفقاً لبحث أجرته «ستاتيستا»، فإن الحد الأدنى للأجور في الأرجنتين هو الأدنى من حيث الدولار، بعد فنزويلا، من بين تسعة اقتصادات رئيسية في أمريكا اللاتينية.

وعلى الرغم من انخفاض مستويات الفقر الإجمالية -بشكل طفيف- إلى 37% في الربع الأول من هذا العام، من 40 % في أوائل عام 2020، فقد كانت هناك زيادة كبيرة في الفقر المدقع والفقر بين الأطفال، وفقاً لتقرير في سبتمبر نشرته وكالة الإحصاء الوطنية.

ويعد التشاؤم والمزاج العام عاملين كبيرين يدفعان التحركات في الخارج، وقال روي هورا، المؤرخ والمحقق في، مجلس البحث العلمي والتقني في البلاد «كونسيت»: «قد لا تكون الأرقام عالية جداً بالضرورة، لكن الفكرة التي قد تكون أفضل حالاً في مكان آخر تنمو وتتردد».

وأضاف هورا إنه من الصعب الحصول على إحصاءات الهجرة الصادرة عن السلطات في الأرجنتين، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن أعداد المهاجرين كانت غير مهمة تاريخياً، وفي مرحلة ما في مطلع القرن العشرين، فاق عدد الأجانب في بوينس آيرس عدد المولودين في الأرجنتين، وبالتالي لم يكن لدى الحكومات المتعاقبة سوى القليل من الحوافز لنشر الأرقام الرسمية؛ حيث إن مجموعات صغيرة من المهاجرين لم تكن تستحق المراقبة.

وخلال الوباء وحده، تم جمع بعض الأرقام كجزء من متطلبات الهجرة الخاصة بكورونا بين سبتمبر 2020 وأكتوبر 2021، حيث ذكر نحو 50000 أرجنتيني أنهم سيغادرون للانتقال إلى بلد آخر، بمعدل 3500 شهرياً.

وقال هورا: «هناك تدفق كبير من المبدعين والأثرياء الذين يغادرون»، ويمكن أن يتسارع ذلك؛ نظراً لكيفية رفع معظم قيود السفر المتعلقة بالوباء إلى المدن الكبرى في جميع أنحاء العالم.

وزادت الطلبات المقدمة من الأرجنتين إلى وكالة الهجرة الخاصة بها في مدريد بنسبة 40% على مدار الاثني عشر شهراً الماضية ويغادر الناس بشكل لم يسبق له مثيل.

وتشير التقديرات إلى أن 26000 أرجنتيني كانوا يعيشون في المملكة المتحدة العام الماضي، بزيادة 6000 عن عام 2020 والأعلى منذ عقد على الأقل، وفقاً لمكتب الإحصاء الوطني في المملكة المتحدة.