الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

هولندا.. ارتفاع الحد الأدنى للأجور يخلق «الراحة الحذرة» لأصحاب الدخول المنخفضة

هولندا.. ارتفاع الحد الأدنى للأجور يخلق «الراحة الحذرة» لأصحاب الدخول المنخفضة

بعد شهور من الكفاح من أجل تغطية نفقاتهم، جاءت ميزانية الشهر الماضي بمثابة راحة لعامل البريد الهولندي ريتشارد هويسجينغ.

وتعهدت الحكومة بفرض زيادة في الحد الأدنى للأجور بنسبة 10% اعتباراً من يناير لمواجهة الزيادة الهائلة في كلفة المعيشة بعد أن أدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى ارتفاع تكاليف الطاقة والسلع الأخرى.

لكن هويسجينغ، الذي يكسب ما يزيد قليلاً على الحد الأدنى الحالي، يخشى أن حتى هذا لن يكون كافياً لتغطية فواتيره.

وقال: «أسعار المواد الغذائية ترتفع، والطاقة أيضاً». مع عدم وجود معالين، يقول إنه يستطيع إدارته الآن ولكنه «يخاف على المستقبل».

ومنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا في أواخر فبراير، ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية، وتضاعفت زجاجة زيت عباد الشمس سعة ثلاثة لترات وهي ضرورية في معظم المنازل الهولندية إلى 10 يوروهات في غضون بضعة أشهر.

وانعكست أزمة كلفة المعيشة في هولندا، حيث بلغ التضخم 17% في العام المنتهي في سبتمبر الماضي، على خلفية ارتفاع أسعار الطاقة، في جميع أنحاء أوروبا.

وسنوياً، ارتفعت الأسعار بنسبة 10% في منطقة اليورو، وفي دول البلطيق الثلاث، كان التضخم أكثر من ضعف هذا المبلغ، وتم رفع أجور العمال الأشد فقراً في 21 دولة من دول الاتحاد الأوروبي التي تطبق قوانين الحد الأدنى للأجور.

هذه الجولة من الزيادات في الأجور لا ترضي الجميع، ومع ذلك، فقد أدت إلى اشتباكات بين مجموعات العمال والشركات.

وقال الاتحاد الأوروبي لنقابات العمال، إن القيمة الحقيقية للحد الأدنى للأجور قد انخفض بنحو 5% في المتوسط، ونحو 20% في بعض الدول الأعضاء.

وقالت إستر لينش، نائبة الأمين العام للاتحاد الأوروبي لنقابات العمال، إن «الأزمة الحالية لها تأثير أكبر حتى من الأزمة المالية على ذوي الأجور المنخفضة». «بغض النظر عن مدى جودتك في ميزانيات الأسرة، فلن تكون قادراً على تغطية نفقاتك».

ورفض تور إلزينجا، رئيس نقابة FNV، الميزانية ووصفها بأنها شائكة. وقال هويسجينغ إنه «لم يتم عمل أي شيء هيكلي لمعالجة الأسباب الأساسية لاختلال التوازن في المجتمع، فقد أصبحنا أكثر ثراء فقط كدولة، لكن الأموال لا تزال في جيوب محدودة».

وتريد FNV الحد الأدنى للأجور - الآن بين 10.14 يورو و 11.46 يورو اعتماداً على عدد ساعات العمل - لتصل إلى 14 يورو في الساعة.

وتعتقد الشركات أن الحكومة الهولندية تمضي أبعد مما ينبغي وبسرعة كبيرة. وقالت VNO، وهي هيئة أرباب العمل الهولندية، إن الحكومة يجب أن ترفع مزايا العمل بدلاً من إجبار الشركات التي تتعرض لضغوط شديدة على دفع المزيد.

وقال خيرت جان كاستلين، الذي يمتلك متجرا للأزياء تديره عائلة بالقرب من مدينة ماستريخت الجنوبية، إنه سيكافح لتوفير الزيادة. وعلى الرغم من أن عدداً قليلاً فقط من موظفيه البالغ عددهم 25 يتقاضون الحد الأدنى للأجور، إلا أنه قال إنه اضطر إلى رفع جميع الرواتب للحفاظ على الاختلافات بين درجات الأجور.

ولحسن الحظ، قام في العام الماضي بتثبيت تكاليف الطاقة الخاصة به حتى عام 2026، لكنه لا يزال يريد تقليل الاستهلاك. وقال كاستلين: «أريد أن أستثمر في كفاءة الطاقة وفي تطوير الموظفين». لا يمكننا رفع أسعارنا بنسبة 10% والعملاء يؤجلون بالفعل عمليات الشراء".

وقال إن الزيادة السريعة في الأجور تجعل من الصعب وضع الميزانية. ويتعين عليه سداد قرض طارئ بقيمة 224 ألف يورو من الدولة بسبب فيروس كورونا على مدى السنوات الخمس المقبلة. وقال: «يمكن أن تكون لدينا حلقة مفرغة، مع ارتفاع التضخم والأجور معًا كما رأينا في السبعينيات».

وحذر اقتصاديون، بمن فيهم واضعو أسعار الفائدة في البنك المركزي الأوروبي، من أن العمال يجب أن يتوقعوا خفضاً في الأجر الحقيقي لتجنب «دوامة أسعار الأجور»، حيث يظل التضخم مرتفعاً لسنوات متتالية ويؤدي إلى تآكل مستويات المعيشة.

قال فيليب لين، كبير الاقتصاديين في البنك المركزي الأوروبي، الشهر الماضي: «من أجل العودة إلى انخفاض التضخم، نحتاج إلى إدراك أن ربحية الشركات ستنخفض لفترة من الوقت، وأن الأجور لن تواكب التضخم بشكل كامل لفترة أيضاً».

لكن المسؤولين في أماكن أخرى يقولون إنه يجب تعويض العمال ذوي الأجور المتدنية في سوق العمل بشكل عادل.

ووافق توجيه من الاتحاد الأوروبي مؤخراً على طلبات لرفع متدرج للحد الأدنى للاجور يصل إلى مستوى 60% من الدخل الإجمالي، وسيحصل نحو 25 مليون عامل على زيادة بنسبة 20% إذا اتبعت الدول الأعضاء ذلك، وفقاً لأعضاء البرلمان الأوروبي الأخضر.

وقال ستيفانو سكاربيتا، مدير التوظيف والعمل والشؤون الاجتماعية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، في سبتمبر إن آليات التحديث التلقائي المعمول بها في بلدان مثل فرنسا وبلجيكا «طريقة فعالة للحفاظ على القوة الشرائية لأصحاب الأجور المنخفضة». وأضاف سكاربيتا أنه تلقائي أم لا، سيكون من «المهم تعديل الحد الأدنى القانوني للأجور بانتظام في السياق الحالي للتضخم المرتفع نسبياً».

ومع تشديد سوق العمل، ليس من المتوقع أن يؤدي ارتفاع الحد الأدنى للأجور إلى قيام الشركات بفصل العديد من العمال، وتشير تجربة المملكة المتحدة منذ عام 2015 إلى أن الأجور المرتفعة لا يجب أن تأتي على حساب الوظائف: «فقد ارتفع الحد الأدنى للأجور بسرعة على مدى 5 سنوات ليصل إلى 60% من متوسط الدخل، ما يجعلها واحدة من أعلى المعدلات في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، دون ارتفاع معدلات البطالة».

بالعودة إلى هولندا، كان التوظيف وفيراً لدرجة أن هويسجينغ قرر عدم انتظار الحكومة لتقديم الدعم، وبدأ وظيفة جديدة هذا الشهر في متجر DIY الذي يدفع 13 يورو في الساعة.