الاحد - 28 أبريل 2024
الاحد - 28 أبريل 2024

اليونان تتقدم ببطء نحو اعتماد تقنيات الزراعة الذكية

اليونان تتقدم ببطء نحو اعتماد تقنيات الزراعة الذكية

يطّلع اليوناني سوتيريس مورنوس بواسطة هاتفه المحمول على بيانات الطقس المحلي التي تجمعها محطة للأرصاد الجوية وجهاز لقياس الرطوبة مثبتان في حقله الواقع بسهل إيماثيا الزراعي شمال اليونان.

ويستخدم هذا المُزارع منذ عامين تطبيقاً لإدارة الحقول الزراعية، سعياً منه إلى تحسين قدرته الإنتاجية من القطن والفاكهة.

إلاّ أن اليونان التي يُعرّف عن مواطنيها تعلقهم الشديد بالتقاليد، لا تزال تتقدم ببطء نحو اعتماد تقنيات الزراعة الذكية الهادفة إلى تحسين الإنتاج وضمان استدامته باستخدام الابتكار التكنولوجي والرقمي.

ويتولى جهاز الرصد المُثبّت خلف أشجار التفاح والخوخ الممتدة على هكتارات، تسجيل المعطيات والمعلومات كلّها لحظة بلحظة، مما يتيح تحليل الظروف المناخية ومدى تأثيرها على مزرعة القطن التي تبلغ مساحتها عشرة هكتارات.

ويقول مورنوس (25 عاماً) الذي تخلّى عن دراسته الجامعية ليتفرّغ لأراضي عائلته: «بفضل هذه الأدوات الحديثة، نجحنا في زيادة مردود المزرعة».

ومن خلال قياس الرطوبة أو معدل النيتروجين في التربة يتجنّب المزارعون استخدام الأسمدة بكميات مفرطة ويحدّون أيضاً من كميات المياه المُعتمدة.



تصحّر

وقد يشكل تطوير التقنيات الذكية في الزراعة حلّاً للتصحر الذي يطال الأرياف.

وخلال العقود الأخيرة، خسرت اليونان -التي تُعدّ بلداً زراعياً في الأساس- عدداً كبيراً من العاملين المتخصصين في هذا القطاع، وأصبحت الزراعة التي لاقت إهمالاً لصالح قطاع الخدمات وتحديداً السياحة، تمثل حالياً 5% فقط من الناتج المحلي الإجمالي.

ويقول سوتيريس مورنوس إنّ «غالبية الأشخاص من الفئة الشابة في قريتي يفضلون ممارسة وظائف في مهن أخرى ويتخلّون عن العمل في الحقول».

وفي قرية بلاتي التي يتحدر منها، يُمثّل هذا المزارع استثناءً عن البقية، إذ لا يزال زملاؤه المزارعون متعلّقين جداً بالأساليب التقليدية للريّ والتخصيب المتكرر والرش الوقائي.

أما العقبات الأبرز التي تحول دون تطوير الزراعة الرقمية فتتمثل في المساحات الصغيرة للمزارع والتي لا تتعدى عشرة هكتارات في المتوسط، وعمليات المسح المتغيرة نتيجة التضاريس الجبلية التي تتميز بها اليونان، فضلاً عن عدم رغبة المزارعين الأكبر سنّاً وغير المنخرطين بالتكنولوجيا باعتماد الحداثة في القطاع.

وفي كيوركا التي تبعد نحو ثلاثين كيلومتراً شمال أثينا، يأسف مزارع المنتوجات العضوية ثودوريس أرفانيتيس لعدم اهتمام زملائه بالتقنيات الحديثة لأنهم «غير مثقفين بما يكفي ويعتقدون أنّهم يتمتعون بخبرات كافية».

ويضاف إلى ذلك «عدم وجود روحية للتعاون، وهي مشكلة شائعة»، بحسب المهندسة الزراعية في جامعة العلوم الزراعية بأثينا أيكاتيريني كاسماتي.

ويؤكّد مدير التسويق في شركة «نوروبابليك» المتخصصة في الزراعة الرقمية فاسيليس بروتونوتاريوس أنّ عدم اعتماد هؤلاء المزارعين التقنيات الحديثة في الزراعة جعل اليونان في أسفل ترتيب البلدان الأوروبية التي تستخدم هذه الأنظمة المتطوّرة.

تحديات بيئية

إلا أنّ الضغوط المتأتية من تكاليف الإنتاج والتحديات البيئية المرتبطة بالتغير المناخي تدفع باتجاه تطوير هذه الأساليب الحديثة في إدارة المزارع.

وتقول المهندسة الزراعية ومؤسسة شركة «أغروأبس» الناشئة ماكي سيميونيدو: «نلاحظ تدهوراً مستمراً للحقول وانخفاضاً في إنتاجها»، لافتةً إلى مسألة «ارتفاع كُلفة المياه».

إلا أن المهندسة الزراعية ترغب في إظهار تفاؤل بهذا الموضوع، وتقول: «نحن لسنا في الولايات المتحدة أو هولندا (حيث تنتشر هذه الأنظمة بصورة كبيرة)، لكنّ استخدام هذه الأدوات والتقنيات يتزايد تزامناً مع تكنولوجيا تصبح أبسط وأرخص سعراً».

ولتعزيز قطاع الزراعة، تروّج وزارة التنمية الزراعية للزراعة الرقمية من خلال تخصيصها مبلغ 230 مليون يورو ستُؤمّن كاملة بحلول عام 2025، وهي متأتية بصورة أساسية من برامج تطوير السياسة الزراعية المشتركة للاتحاد الأوروبي.

وفي اليونان كما في أي بلد آخر، تُظهر الحرب الأوكرانية التي أضرّت بالأمن الغذائي العالمي أنّ «زراعة الإنتاجات الغذائية محلياً تصبح ضرورية بصورة متزايدة»، وفق ما تؤكد أيكاتيريني كاسماتي.