الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الإمارات وضعت خارطة عمل ترسي نموذجاً لمنهجيات التمويل المستدام

الإمارات وضعت خارطة عمل ترسي نموذجاً لمنهجيات التمويل المستدام

قال يونس حاجي الخوري وكيل وزارة المالية، إن دولة الإمارات العربية المتحدة وضعت خارطة عمل واضحة لتحقيق نموذج واعد لمنهجيات التمويل المستدام بهدف بناء مستقبل أكثر استدامة، وذلك عبر تطوير العديد من الاستراتيجيات وتنفيذ المبادرات الوطنية والأنشطة والمشاريع المستدامة، ولعل أبرزها المبادرة الاستراتيجية للحياد المناخي 2050، التي أطلقتها حكومة دولة الإمارات لتكون الدولة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تعلن عن هدفها لتحقيق الحياد المناخي.

وأوضح الخوري في تصريحات له أن ذلك يأتي تماشياً مع أهداف «اتفاق باريس للمناخ» لتحفيز الدول على إعداد واعتماد استراتيجيات طويلة المدى لخفض انبعاث الغازات الدفيئة، والحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض دون الدرجة والنصف مئوية إلى درجتين مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية.. واصفا المبادرة بأنها تتويج لجهود الإمارات للمساهمة الإيجابية في قضية التغير المناخي، والعمل على تحويل التحديات في هذا القطاع إلى فرص تضمن مستقبلاً مشرقاً للأجيال القادمة.

وأضاف: «تضطلع دولة الإمارات بدور كبير على مستوى العالم في مكافحة التغير المناخي، حيث تعمل على استثمار أكثر من 600 مليار درهم في الطاقة النظيفة والمتجددة حتى عام 2050، وذلك لضمان تحقيق التوازن بين الاحتياجات الاقتصادية والأهداف البيئية.. وتكتسب الآليات الذكية والجديدة أهمية بالغة للاستفادة من رأس مال القطاع الخاص، بما يتماشى مع المعايير البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات. وبلغ حجم سوق أدوات الدين المستدامة الصادرة في عام 2021 وحده أكثر من 1.6 تريليون دولار في الوقت الذي بلغت فيه القيمة الإجمالية للسوق المحلي لإصدارات الصكوك والسندات والقروض الخضراء ما يقارب 17 مليار دولار في الإمارات العربية المتحدة، والذي قدر حجمه عالمياً بنحو تريليون دولار في عام 2020. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير الذي ينبغي القيام به، وقد بدأت دولة الإمارات مسيرة الاستثمار لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ودعم الجهود لتحقيق الاقتصاد الخالي من الكربون مع الاستفادة من التأثير الإيجابي لأسعار السلع المرتفعة نسبياً لخلق الجاهزية المستقبلية وجني الفوائد الاقتصادية للتحول الأخضر».

وأضاف أنه: «ووفقاً لذلك، تم تأسيس مجموعة عمل التمويل المستدام في دولة الإمارات بهدف دعم جهود تطوير قطاع التمويل المستدام في الدولة وتعزيز التعاون التنظيمي بين السلطات الإماراتية بشأن الممارسات والأطر الرامية إلى تمكين القطاع المالي من تحقيق هذا الهدف، كما تحرص وزارة المالية على تعزيز العمل المشترك مع الهيئات المحلية والمؤسسات الدولية، بما في ذلك مشاركتها الفاعلة في أعمال مجموعة العشرين، والمساهمة في وضع التدابير اللازمة للحفاظ على الاستقرار المالي العالمي وتعزيز الاستدامة المالية على المدى البعيد، علاوة على وضع سياسات من شأنها تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة بما يتماشى مع التطلعات الوطنية».

وأكد أنه لما يقارب عقداً من الزمن، نفذت دولة الإمارات سلسلة من الاستراتيجيات الرامية إلى دعم مسيرتها نحو تحقيق اقتصاد أكثر استدامة وشمولية، من أبرزها رؤية الإمارات 2021، والأجندة الوطنية الخضراء 2015-2030، والخطة الوطنية للتغيّر المناخي 2017-2050، والمبادرة الاستراتيجية للحياد المناخي 2050، والتي تساهم مجتمعة في ضمان النمو الاقتصادي المستدام للدولة، وتقديم نموذج يُحتذى للعمل والتعاون في سبيل بناء مستقبل أفضل للبشرية.

وأضاف: «مع أن التمويل المستدام يشكل أداة لتخفيف وإدارة المخاطر الحالية والمستقبلية المرتبطة بالمخاطر الاجتماعية والبيئية والمناخية، فإنه ينطوي في الوقت ذاته على مجموعة من المخاطر التي يجب إدارتها بشكل فاعل، كمخاطر الاستقرار المالي المتعلقة بقاعدة المستثمرين المختلفة مقارنة بالمستثمرين التقليديين، والحساسية العالية المحتملة للظروف المالية العالمية. وقد ركزت أجندة الاستدامة في دولة الإمارات على تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي من شأنها تمكين الوصول إلى الطاقة النظيفة والحصول على الغذاء الكافي بأسعار معقولة، وتوفير التعليم الجيد والرعاية الصحية،والعمل على تحقيق نمو اقتصادي مستدام وأنظمة بيئية سليمة وزيادة كفاءة الموارد، حيث ترتبط جميع هذه القضايا مع بعضها البعض بشكل كبير في دولة الإمارات، ويجب العمل على تحقيقها معاً، مع الأخذ بعين الاعتبار في الوقت الحالي وجود فجوة تمويل في الدول العربية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة وتقدر بـ230 مليار دولار سنوياً».

وتجسد الاستثمارات الخضراء في دول مجلس التعاون الخليجي فرصةً كبيرة، إذ يمكنها أن تساهم في الدخل الوطني لدول المجلس بأكثر من 2 تريليون دولار بحلول عام 2030، وتوفير أكثر من مليون فرصة عمل بفضل الاستثمار الأجنبي المباشر في سوق التمويل المستدام الواعد. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للشركات التي تمتلك أسساً واعدة في تطبيق أعلى المعايير في مجال الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة، أن تدعم جذب المواهب والمحافظة على استمراريتها وتطورها، والتي يمكن أن تسهم بشكل غير مباشر في تحسين الأداء بنحو 3%. لذا، فمن الضروري اعتماد الاستراتيجيات الصحيحة وبناء القدرات اللازمة للاستفادة من هذه الفرص، إذ تعد دولة الإمارات إحدى أبرز الدول الملتزمة باتباع سياسات الاستدامة والتنويع الاقتصادي من أجل بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.