الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

الجفاف يهدد صادرات الحبوب في الأرجنتين للعام الثالث

الجفاف يهدد صادرات الحبوب في الأرجنتين للعام الثالث

يستلقي والتر مالفاتو، (59 عاماً)، على كرسيه في مزرعته، وذراعاه متقاطعتان وهو يحدق من النافذة، حيث تتشكل الغيوم في السماء، لكن الآمال في ما قد تجلبه تتلاشى مع مرور الوقت.

يقول مالفاتو مستسلماً ليوم آخر جاف «إنها لن تمطر اليوم»، حيث يُزرع مالفاتو مع زوجته 770 هكتاراً في براغادو، على بعد 220 كيلومتراً جنوب غرب بوينس آيرس في قلب الأرجنتين الريفية.

وأضاف: «في هذا الوقت من العام، يجب أن أكون في الهواء لأعتني بمحاصيلي»، مشيراً إلى أن الأمر وصل إلى طريق مسدود بسبب ندرة الأمطار، «لقد مر ما يقرب من 5 أشهر حتى الآن مع القليل من الأمطار، وهو أمر لم يحدث من قبل، حتى والدي، البالغ من العمر 86 عاماً، لم يتذكر أن مثل هذا قد حدث من قبل».

وأكد لفاينانشيال تايمز أن هذا العام، فقد محصول القمح بالكامل بسبب الجفاف، ويخشى أن يصيب الذرة وفول الصويا مصير مشابه، ولن يزرعهما حتى يأتي المطر، «أنا لا أخاطر بعد الآن».

في مناطق بامباس، وهي مساحة شاسعة وخصبة من الأراضي التي تعد شريان الحياة للاقتصاد الزراعي في الأرجنتين، هناك العديد من الحالات مثل حالة مالفاتو، حيث أفاد العديد من المزارعين بأنهم فقدوا محاصيلهم بسبب استمرار جفاف الطقس، والذي استمر لمدة 3 سنوات متتالية وازداد ضرراً بشكل خاص هذا العام، وهو ما يعرض قدرة البلاد على إمداد أسواق الغذاء العالمية للخطر ويزيد من الضغط على الاقتصاد الهش ذي الاحتياطيات الأجنبية المنخفضة.

وتعد الأرجنتين لاعباً رئيسياً في سوق المواد الغذائية العالمي، ففي العام الماضي، شكلت منتجات الأرجنتين 8% من صادرات القمح العالمية، و18.5% من صادرات الذرة و40 % من صادرات زيت فول الصويا والوجبات، لكن التأثير الواسع النطاق للجفاف هذا الموسم أدى إلى تخفيضات حادة في التقديرات، حيث تتوقع وزارة الزراعة الأمريكية الآن إنتاجاً يبلغ 15.5 مليون طن، بينما تتوقع البورصات المحلية أقل من 11.8 مليون طن.

وقال كريستيان روسو، مهندس زراعي في بورصة روزاريو: «يستعد القطاع لواحدة من أسوأ سنوات المحاصيل في العشرين عاماً الماضية، احتياطيات المياه مثل الوقود لهذه المحاصيل، ونحن نبدأ عام المحاصيل بخزان فارغ».

في وقت سابق من هذا العام، وصف الرئيس ألبرتو فرنانديز صادرات الأعمال الزراعية في البلاد كحل محتمل لمشكلة الغذاء في العالم، ولكن في كثير من الحالات، يتم التخلص من القمح ذي النوعية الرديئة أو إطعامه للحيوانات، بينما يؤخر الطقس الجاف زراعة المحاصيل الحرجة الأخرى.

وقال إنريكي إيريز، الذي يقود شركة الاستشارات الزراعية «نوفيتاس»: لقد تجاوز محصول القمح في الأرجنتين الانتعاش الآن، ما هو الآن على المحك هو الذرة وفول الصويا، والتوقعات ليست جيدة.

لمدة ثلاث سنوات متتالية، واجهت البلاد ظروفاً جافة بشكل غير عادي مرتبطة بتأثير «النينيا» الثلاثي، حيث يتم تحديد نمط المناخ العالمي من خلال الرياح القوية التي تهب من مياه المحيط الهادئ الدافئة بعيداً عن أمريكا الجنوبية، مما يؤدي إلى طقس أكثر جفافاً وبرودة.

ويشعر المزارعون بالإحباط بشأن ضياع فرصة لخدمة الأسواق العالمية، وقال فرناندو ريفارا، الذي يزرع في مقاطعة بوينس آيرس ورئيس اتحاد شركات تخزين الحبوب في البلاد: «ضاعت هذه الفرص».

بالإضافة إلى الجفاف، يقول المزارعون إن هناك نقصاً في السياسات الاقتصادية طويلة الأجل لمساعدة الصادرات، ومن بين شكاواهم، وجود رسوم للتصدير بنسبة 12% على القمح والذرة و33% على فول الصويا، بالإضافة إلى ذلك، يقول المزارعون إن الفجوة بنسبة 80% بين سعر الصرف الرسمي للعملات للمصدرين وسعر السوق السوداء تعيق الاستثمار.

وفي سبتمبر، فتحت الحكومة نافذة مدتها 26 يوماً لمنتجي فول الصويا لتصدير المخزون بمعدل أفضل، مما أدى إلى مبيعات ضخمة، لكن تم في ما بعد إغلاقه.

وقال ريفارا: «بمحصول جيد، تقدم الحكومة حجة لتحصيل المزيد من ضرائب التصدير»، «ولكن عندما يخسر المزارعون المال، يكون الأمر أشبه بالصراخ في وسط الصحراء».

وأعلن وزير المالية سيرجيو ماسا الشهر الماضي عن دعم يصل إلى 20 ألف بيزو للهكتار لمنتجي فول الصويا والذرة الصغار للإنفاق على البذور والأسمدة، وقال: «إننا نواجه حالة جفاف فريدة من نوعها مع انخفاض مستويات المياه لمدة 3 سنوات عمّا اعتدنا عليه، وهو ما يخلق مخاطر وعقبات أمامنا».

وقال متحدث باسم الحكومة إنه على الرغم من أن المسؤولين «يدركون أن تدبيراً واحداً لا يكفي»، فإنهم يأملون أن يساعد المزارعين على زيادة الاستثمار.

ووفقاً لفرناندو باير، الخبير الاقتصادي في شركة كوانتوم للاستشارات، هناك «درجة عالية من الهشاشة» في الاقتصاد حيث تنخفض الاحتياطيات، وسيؤدي مزيج الأسعار العالمية والإنتاج الأصغر إلى حصاد قمح بقيمة 5.5 مليار دولار، بانخفاض 36% من 8.6 مليار دولار في الموسم السابق.

وأدخلت ماسا ضوابط على الواردات للحفاظ على الدولارات الشحيحة؛ لا يعلن البنك المركزي عن صافي الاحتياطيات الدولية لكن التقديرات الخاصة تقدرها بنحو 5 مليارات دولار بحسب فاينانشيال تايمز.

ويخشى الاقتصاديون من أنه إذا امتدت ظروف الجفاف إلى صيف الأرجنتين، فقد تؤثر على تلك المحاصيل أيضاً.

وقال بول هيوز، كبير الاقتصاديين الزراعيين في ستاندرد آند بورز، إن هناك موسماً طويلاً لنمو فول الصويا، لكن الطقس الجاف يؤخر الزراعة وقد يؤدي إلى مساحة أصغر.

وفي براغادو، يسحب مالفاتو الشعير من الأرض، وتنزلق الأرض الجافة من يديه، حيث يمتلك 70 طناً من بذور الصويا.

وقال مالفاتو في الأيام القليلة الماضية، أعادت بعض الأمطار في المنطقة إشعال الآمال في أن وتيرة البذر يمكن أن تنتعش قريباً، «كنا نعتقد أن هذا الموسم سيكون فرصة، لكن على الرغم من كل شيء، لدي إيمان بالمناخ أكثر من إيماني بحكوماتنا».