السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

ضغوط الأسعار العالمية تجبر البنوك المركزية على «خيار التشدد»

ضغوط الأسعار العالمية تجبر البنوك المركزية على «خيار التشدد»

لا تزال ضغوط الأسعار الأساسية تتصاعد في معظم الاقتصادات المتقدمة الرئيسية، على الرغم من الانخفاضات الأخيرة في التضخم الرئيسي، ما يشير إلى أن البنوك المركزية سوف تضطر إلى مواصلة تشديد السياسة في الأشهر المقبلة.

ويتسارع التضخم الأساسي - الذي يستثني التغيرات في أسعار الغذاء والطاقة، وينظر إليه واضعو الأسعار على أنه مقياس أفضل لاستمرار ضغوط الأسعار - في أجزاء كثيرة من العالم، وفقاً لتحليل الإحصائيات الرسمية من قبل فاينانشيال تايمز.

وكانت المعدلات الأساسية لا تزال ترتفع في نوفمبر في غالبية البلدان الـ33 التي تتبعها فاينانشيال تايمز، ولا تزال أعلى بكثير من مستوى التضخم البالغ 2% الذي يستهدفه معظم محافظي البنوك المركزية.

وبدأت نسبة البلدان التي يرتفع فيها التضخم الأساسي في الانكماش في الأشهر الأخيرة، لكنها لا تزال أكثر انتشاراً بكثير من التضخم الكلي. وشهد ثلث الدول فقط ارتفاعاً في الأسعار الرئيسية بين أكتوبر ونوفمبر.

وقالت سوزانا ستريتر، كبيرة محللي الاستثمار في مدير الأصول هارجريفز لانسداون: «لا تزال هناك احتمالية لحدوث الكثير من الألم في المستقبل، حيث تستمر الأسعار المرتفعة بشكل كبير في إحداث صداع شديد للاقتصادات». ولا يزال تضخم الخدمات -وهو مقياس آخر لاستمرار ضغوط الأسعار- قريباً من أعلى مستوياته منذ عدة عقود في العديد من الاقتصادات الرئيسية، بما في ذلك المملكة المتحدة ومنطقة اليورو والولايات المتحدة.

ورفع صنّاع السياسة أسعار الفائدة بشكل كبير هذا العام؛ استجابةً للزيادة في المقاييس الرئيسية للتضخم، لكنهم بدؤوا مؤخراً في تقليص حجم الزيادات.

وفي الأسبوع الماضي، اختار كلٌّ من الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا تحويل استراتيجيتهم الخاصة بمكافحة التضخم من النمط الأخير لارتفاع أسعار الفائدة بمقدار 0.75 نقطة مئوية إلى نصف نقطة، وذلك استجابةً للذروة الواضحة للتضخم العام في دول عدة.

وقالت كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، إنَّ التشديد النقدي في منطقة اليورو «لا يزال أمامه طريق طويل»، وإن واضعي أسعار الفائدة يخططون لمواصلة رفع تكاليف الاقتراض بزيادات قدرها 50 نقطة أساس في الأشهر المقبلة.

كما أقرَّت لاجارد أيضاً أن ضغوط الأسعار الأساسية قد تعززت، وستستمر «لبعض الوقت» - وهي الرسالة التي رددها رئيس الاحتياطي الفيدرالي جاي باول ومحافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي.

وأدَّى ارتفاع أسعار الطاقة والسلع - نتيجة للحرب في أوكرانيا والاضطرابات الشديدة في سلسلة التوريد أثناء الوباء - إلى الارتفاع الأصلي.

ومع ذلك، فقد أصبح ارتفاع التكاليف منذ ذلك الحين أوسع نطاقاً، مع الإبلاغ عن ارتفاع التضخم في جيوب الاقتصاد التي أثبتت لسنوات عديدة أنها محصنة ضد ضغوط الأسعار.

ومع استقرار أسعار السلع الآن، انخفض معدل التضخم بشكل حاد في العديد من الاقتصادات، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ومنطقة اليورو.

ولم تحذُ مقاييس التضخم الأساسي حذوها، وقالت سيلفيا أرداجنا، كبيرة الاقتصاديين الأوروبيين في بنك باركليز، إنَّ صانعي السياسة في البنك المركزي الأوروبي «سيكونون قلقين من أننا لا نشهد أي تخفيف لديناميكيات التضخم على المستوى الأساسي».

ففي الولايات المتحدة، لا يزال تضخم الخدمات عند أعلى مستوى له منذ 40 عاماً، على الرغم من انخفاض بنسبة 2 نقطة مئوية في التضخم العام منذ الصيف.

وقال بن ماي، مدير أبحاث الماكرو العالمية في أكسفورد إيكونوميكس: «سيكون تضخم الخدمات حاسماً في تحديد مسار معدلات السياسة».

وأقرَّ صانعو السياسة في الاحتياطي الفيدرالي، الأسبوع الماضي، بأن التضخم الأساسي سيثبت أنه أكثر ثباتاً مما كان متوقعاً، حيث قاموا بمراجعة تقديراتهم للعام المقبل إلى 3.5%، من 3.1% في سبتمبر.

كما ظل تضخم الخدمات في المملكة المتحدة مرتفعاً، حيث ظل عند أعلى معدل له منذ 20 عاماً في نوفمبر، على الرغم من تخفيف المعدل الرئيسي إلى 10.7% من 11.1% في أكتوبر. وقال بنك إنجلترا إنَّ استمرار تضخم الخدمات «يبرر المزيد من استجابة السياسة النقدية القوية».

وقالت جينيفر ماكيون، كبيرة الاقتصاديين العالميين في كابيتال إيكونوميكس: «لا يزال أمام البنوك المركزية في الأسواق المتقدمة المزيد من العمل للقيام به».

وأشار ستريتر إلى أنه: «ربما وصل التضخم إلى ذروته، لكن هذا لا يعني بالضرورة أنه سيتخذ عاجلاً مساراً هبوطياً».