الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

«العويس الثقافية» تستدعي سيرة «البردوني» في 48 ساعة

بصوت الفنان الإماراتي حبيب غلوم، في قراءات شعرية تخللت جلسات تحليلية ونقدية، استدعت مؤسسة العويس الثقافية بدبي، جوانب من إبداعات الشاعر اليمني الراحل عبدالله البردوني، ليعيش الحضور تفاصيل ثرية في فضاءات قصيد «الشاعر البصير». الندوات التي اختتمت مساء أمس، بعد أن استمرت على مدى يومين متتاليين، قادت لحقيقة أثبتها النتاج الشعري للبردوني نفسه، وهي أن البصيرة قد تكون أكثر قوة من البصر، لا سيما إذا امتزجت بقلب ينضح إنسانية وعقل يثمر إبداعاً. وحسب التحليل الذي تعاقب عليه باحثون ونقاد، فإن بصيرة الشاعر النافذة العابرة للجغرافيا والزمن وشاعريته الفذة صنعتا منه شاعراً مُجيداً فبات ملكاً لناصية البلاغة والبيان. وتميز الأسلوب الإبداعي للشاعر الراحل، حسب حصاد ندوة «البردوني الشاعر البصير» بعدد من السمات التي منحته الفرادة عن غيره من الشعراء، يأتي على رأسها لغته الشاعرية المستوحاة من البيئة اليمنية الغارقة في المحلية والتي جاءت في سياق نص فصيح، يحمل دلالات إنسانية تمنح القصيد ثراءً بفضل المضامين والصور والخيالات التي جاءت هي الأخرى في غاية الحداثة والإبداع. وتناولت الندوة مداخلات واسعة لنثرية وشعرية البردوني، وعلاقته بالسرد والغنائية، وتحدثت عن المآثر التي تركها فيما يتعلق بتحميل الشعر العربي الكلاسيكي التقليدي حداثية حقيقية. وتطرقت كذلك للعناصر المرتبطة بنصوصه النثرية والإبداعية المرتبطة بالآداب الشعبية في اليمن، والحضور الديني المتقد، وعلاقته بالثقافة الشفاهية، وثقافة إعادة إنتاج المفاهيم الكلية المرتبطة بالآداب والفن. نفحات شعرية واستحضرت الندوة مختارات من شعر عبدالله البردوني جاءت بصوت الفنان القدير الدكتور حبيب غلوم، كما وقّع الدكتور همدان دماج كتاب «وجع السكوت» المتضمن 400 قصيدة مختارة منشورة من شعر البردوني. وتوقف دماج في ورقته النقدية «حياة البردوني وتعدد السمات الأسلوبية في شعره» عند محطات بارزة في حياة الشاعر، بينما قدم الروائي والناقد فيصل خرتش في دراسته «حياة وشعر عبدالله البردوني» مقارنة بطه حسين والمعري. حداثة تحافظ على بنية القصيدة من جهته، أوضح الشاعر الإماراتي الدكتور عبدالحكيم الزبيدي أن أهم ما يميز شعر البردوني أنه حافظ على بناء القصيدة بشكلها التقليدي، فكل أشعاره موزونة ومقفاة، لكنها حديثة من حيث مواضيعها، معانيها، وتناولها. بدوره، أوضح الروائي اليمني الدكتور همدان دماج أن تجربة البردّوني الشعرية، الممتدة لأكثر من نصف قرن، استطاعت بما تخللها من تنوع وتجريب على الصُّعد والأوجه كافة، أن تجذب إليها عدداً كبيراً من القراء، وأن تلامس ذوائقهم الشعرية على اختلافها. قراءة بانورامية وقدمت الندوة قراءة بانورامية لبعض جوانب حياة البردّوني، وبخاصة طفولته، وعلاقته بالهمِّ الاجتماعي والسياسي في اليمن والوطن العربي. وسلطت الضوء على بعض السمات الأسلوبية والحداثية المميزة لتجربته الشعرية، بما في ذلك توظيفه للسرد بتقنياته وأدواته المختلفة، واستخدامه المكثف للمفارقات والسخرية والأسئلة المتكررة، ورؤيته الشعرية الخاصة حداثية الشكل والمضمون. 3 مراحل إبداعية وأوضح الكاتب السوري فيصل خرتش أن كلّ من يتناول فرضية تبدل الأزمان وخلود المبدعين، وتقنيات ما أبدعوه، لا يمكنه أن ينسى الشاعر والناقد والمؤرخ البَردُّوني. ويمكن متابعة مراحل التجربة الشعرية عند البّردُّوني على ثلاث مراحل؛ الأولى؛ تجربته وهو في الثالثة عشرة، حيث تميّز عن أقرانه بقدرته على نظم الشعر الموروث، الثانية؛ انتقاله إلى صنعاء، وهي مرحلة التأثر، الشكوى والحنين إلى القرية، وفي المرحلة الثالثة اختياره دواوين القدماء، إذ أقبل عليها يلتهمها ويحفظها، وهي مرحلة «النضج الشعري». سيرة شاعر ولد البردوني في قرية «بردون» في محافظة ذمار عام 1929، وأصيب بالجدري وهو في الخامسة من عمره حتى أفقده الوباء بصره كلياً، وغادر الحياة في 30 أغسطس 1999. أطلق على البردوني لقب الرائي المبصر ومستبصر العرب، حيث تحكي أشعاره عن الواقع بتجرد. أصدر البردوني خلال مسيرته الأدبية ثماني دراسات، و12 ديواناً، هي: «من أرض بلقيس»، «في طريق الفجر»، «مدينة الغد»، «لعيني أم بلقيس»، «السفر إلى الأيام الخضر»، «وجوه دخانية في مرايا الليل»، «زمان بلا نوعية»، «ترجمة رملية لأعراس الغبار»، «كائنات الشوق الآخر»، «رواغ المصابيح»، «جواب العصور»، و«رجعة الحكيم بن زائد».