الاحد - 19 مايو 2024
الاحد - 19 مايو 2024

كأنه يغنّي لليلى!

- أفقٌ يلوح في شَعره الأبيض القصير، ونظرة شاردة كظبيةٍ في قفار بعيدة، وكأن هذه الصورة تجذب من أقاصي الذاكرة البعيدة قول المتنبي: أتوك يجرون الحديد كأنما .. سروا بجيادٍ ما لهنّ قوائمُ - كأنه يغنّي لليلى، وكأن سعاد لم تبن، وهجسٌ صاخب يُلح للقول: وكأن ناقة اليشكري تحب بعيراً يرعى حطب السنوات الطوال في ذاكرة المسن. - ذاكرته مُثقلة بزحام صاخب من الحزن العتيق، وقليلاً من ضحكات سريعة متفرقة كحبات عرق عشوائية، وأنا أغرق بتساؤل : ماذا لو هوت سياط ذكرياته على صفحات التاريخ؟! - المسنون يرتدون النظارات الطبيّة ليس لرؤية الأشياء بشكل أوضح، هم يحملون الأشياء بداخلهم، ويرتدون نظاراتهم كي لا تهرب تلك الأشياء من أعينهم وتغرق ذاكرة الحاضر، النظارة سياج لطيف أحياناً، وسدود عظيمة أحياناً أخرى! - وكأنه يريد أن يهوي بما يحمل على الفضاء الثقيل أمامه، يهمّ بفعل ذلك، لكنه ربما لا ينوي أن يفعل، فرغم هدوء ملامحه وأبوتها إلا أنك تشعر بأن داخلي يغلي، هو أشبه بعصف ذهني يسبق فكرة خالدة، فاضرب الأرض تنبثق منها ألف فكرة شاردة!