السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

ترويض قطر اقتصادياً

الزلزال الاقتصادي الذي ضرب قطر بعد أن قطعت ثماني دول علاقاتها الدبلوماسية معها، سيجبر الدوحة على إعادة التفكير في الكثير من سياساتها الداخلية والخارجية وشبكة تحالفاتها الدولية. ورغم أنه قد يكون من المبكر لأوانه معرفة الأثر الحقيقي لتأثير الإجراءات المطبقة بحق الدوحة في الاقتصاد القطري، إلا أنه من المؤكد أن التأثير الأكبر سينصب على قطاع الغاز الطبيعي، حيث تعد قطر أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم. وبنهاية عام 2016، صدرت قطر نحو 78.8 مليون طن متري من الغاز الطبيعي لعملائها في أوروبا وآسيا، أي ما يعادل 30 في المئة من إمدادات الغاز الطبيعي المسال في العالم، والتي بلغت نحو 257.8 مليون طن متري في الفترة ذاتها. وتتزايد محنة قطاع الغاز القطري بالنظر إلى أن الإجراءات التي فرضتها الدول التي قطعت علاقاتها الاقتصادية مع الدوحة، أغلقت الموانئ أمام حركة السفن القطرية ومن بينها ناقلات الغاز الطبيعي المسال ما يعني أن قطر لن تكون قادرة على الوفاء بالعقود طويلة المدى المرتبطة بها. وهذا التطور لن يدفع عملاء الغاز القطري إلى تنويع مصادر إمداداتهم فقط، ولكنه سيؤدي أيضاً إلى تقليص حصة قطر من السوق العالمي للغاز الطبيعي وبالتالي الحد من قدرتها على التحكم في الأسعار ما يلقي بدوره على عائدات صادرات الغاز القطرية وقدرة الميزانية القطرية على تحقيق التعادل دون اللجوء إلى الاقتراض من أسواق المال الدولية. وما يزيد الطين بلة، أن الكثير من الدول التي شاركت في القطع الجماعي لعلاقتها الدبلوماسية مع قطر هي من مشتري الغاز القطري أصلاً مثل الإمارات ومصر، ولكن الأهم من ذلك هي أن هذه الدول تحديداً تمتلك البنية التحتية البحرية التي تحتاج إليها سفن الغاز القطرية للوصول إلى الأسواق الدولية. وبطبيعة الحال، فإن تأثيرات الزلزال الاقتصادي الذي ضرب قطر لن تقتصر فقط على قطاع الغاز، وإنما ستمتد لتشمل قطاعات الاقتصاد القطري كافة، فعلى سبيل المثال فإن قطر تعتمد على استيراد الغالبية العظمي من احتياجاتها الغذائية سواء عن طريق البر أو البحر، ما يعني إمكانية تعرضها لنقص شديد في المواد الغذائية، ولا سيما إذا ظلت الإجراءات العقابية مطبقة لفترة طويلة. وبالفعل فإن هناك مؤشرات أولية على أن القطريين والعمالة الوافدة في قطر بدأوا في شراء كل ما هو متاح في المحال لتخزينها، ما جعل الأرفف تبدو خالية. أما القطاع الثالث الذي من المرجح أن يتضرر بشدة من الإجراءات المطبقة بحق قطر فهو قطاع التشييد والبناء والذي يعتمد على الاستيراد المكثف لمكونات البناء كافة بدءاً من الحديد ومروراً بالأسمنت وانتهاء بمواد الطلاء. وسيؤدي النقص المتوقع في قطاع مواد البناء إلى ارتفاع كبير في أسعار مواد البناء وتأخير في تسليم المشاريع العقارية في مواعيدها، وهذه النقطة تكتسب أهمية كبيرة في ظل الدور الحيوي الذي يلعبه القطاع العقاري في الاقتصاد القطري.