الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

تبخر ودائع قطر الأجنبية

أسفرت الإجراءات التأديبية التي فرضتها الدول الداعية لمحاربة الإرهاب على قطر عن تبخر ثمانية في المئة من إجمالي الودائع الأجنبية في النظام المصرفي القطري في أقل من شهرين فقط، بحسب إحصاءات مصرف قطر المركزي. وبرغم ملايين الدولار التي ضخها المصرف وجهاز الاستثمار القطري للتغلب على جفاف السيولة الذي تعاني منه البنوك القطرية، والتي تعد أكثر قطاعات الاقتصاد القطري تضرراً من الأزمة، إلا أن النظام المصرفي القطري يواجه مصيراً مجهولاً. وفي ظل غياب الأفق السياسي لحل الأزمة فإن أسئلة حرجة تطرح نفسها وأولها: كم من الوقت يستطيع النظام المصرفي القطري الصمود أمام العاصفة إذا كانت ثمانية في المئة من ودائعه الأجنبية تبخرت في شهرين فقط؟ وما هو المصير الذي ينتظر البنوك القطرية في حال طبقت الدول الداعية إلى مكافحة الإرهاب مزيداً من الإجراءات لوقف التدفقات المالية بالكامل؟ وإلى أي مدى يمكن لتراكم الخسائر بوتيرة متسارعة أن يؤدي إلى تغير الموقف السياسي، لقطر لوقف نزيف الخسائر الاقتصادية والخروج من المأزق. وتحتاج الإجابة على هذه الأسئلة إلى دراسة تشريحية لهيكل النظام المصرفي القطري ومعرفة مدى كفاية قاعدة رأس مال البنوك، وقدرتها على تحمل الإجهاد المالي الذي تتعرض له، وتأثير ذلك في مدى توافر السيولة وفرص النمو والربحية على المدى الطويل. وبحسب تقديرات صندوق النقد الدولي فإن معدل النمو الاقتصاد القطري في عام 2017 سيتراجع إلى 1.2 في المئة فقط مقارنة مع التقديرات السابقة، والتي كانت تشير إلى تحقيق معدل نمو 1.8 في المئة، وهذا المعدل المنخفض من النمو مرشح للاستمرار في عام 2018. ويخلق تراجع معدل النمو الاقتصادي بيئة مالية متوترة ينخفض فيها الإنفاق الحكومي بشدة وتقود اعتبارات حتمية قواعد الكفاءة المالية إلى تراجع معدلات النمو في القطاعين العام والخاص. ويعرض تدهور البيئة الاقتصادية ونموذج الأعمال القطري الكثير من الشركات القطرية للإفلاس، وفي حال عجزت الحكومة القطرية عن التدخل لإنقاذها بضخ مليارات الدولار فإن انكشاف النظام المصرفي على خسائر الشركات سيكون هائلاً. وحتى ولو تدخلت الحكومة لإنقاذ الشركات فسيؤدي ذلك إلى تشوهات جسيمة في التمويل العام، ما ينعكس على أوضاع البنوك التي تمتلك الحكومة حصة كبيرة في أغلبها.