السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

«أدمغة مصغرة» تبقى على قيد الحياة 9 أشهر لمواجهة الزهايمر والشلل

قبل أربعة أعوام، نقلت سيارة الإسعاف أحد المرضى إلى مجمع بحثي وطبي شهير في الولايات المتحدة الأمريكية، كان المريض مُصاباً بنوع من النزيف الدماغي، أجرى له الأطباء الإسعافات اللازمة، وبقى المريض على قيد الحياة، إلا أنه عاد إلى منزله بكرسي مُدولب، بعد أن أصيب بشلل في الأطراف جراء ذلك النزيف.

وقبل نحو عامين، حصل المجمع البحثي ذاته على ضوء أخضر لعمل مجموعة خاصة من التجارب على المرضى المصابين بالنزيف الدماغي، في إطار مشروع يدعى «العلاج التجديدي»، وفيه يتم استخدام الخلايا الجزعية لتوليد خلايا عادية يُمكن أن تستخدم في ترميم الخلايا المريضة، وعلاج الأشخاص المصابين بأمراض دماغية، كالزهايمر، خرف الشيخوخة والشلل الناجم عن تلف مراكز محددة في الدماغ.

وأخيراً، نجح خبراء «مايو كلينك» في تحويل الخلايا الجذعية إلى مجموعات كبيرة من العصبونات الدماغية، مجمعة داخل أنبوب اختبار، وتشبه مُخاً صغيراً، يُمكن العمل عليه في تجارب تستهدف علاج الأمراض الدماغية المختلفة.


وقد تبدو تلك الأدمغة وهي محفوظة في أنابيب الاختبار وكأنها مشهد من فيلم خيالي مُرعب، إلا أن العلماء يستخدمونها لفهم أمراض قاتلة كالزهايمر والشلل الرعاش.


ويُمكن لتلك الأدمغة أن تبقى على قيد الحياة مدة تسعة أشهر على الأقل، حين تُزرع في مزيج من البروتينات، ويُعد ذلك إنجازاً كبيراً، فعادة ما يكون طول عمر العقول الاصطناعية قصيراً، لكن تلك الأدمغة الوليدة تسمح للعلماء بمراقبة تطور الأمراض العصبية في مجموعات من الخلايا حتى يتمكنوا من تحديد أولى علامات ظهور الأمراض التنكسية.

وبشكل أوضح، هدف تلك «الأدمغة المُصغرة» ليس استبدال العقل البشري، بل فهم كيفية عمله، ومعرفه طريقة علاج الأمراض العصبية. علاوة على تجربة أدوية جديدة دون محاذير أخلاقية، والتي تنشأ غالباً مع اختبار تلك الأدوية على كائنات حية.

وتتمتع تلك الأدمغة بميزة البقاء طويلاً على قيد الحياة، كما تُظهر قدرة على بدء نشاط كهربي، إلا أنها بالطبع ليست واعية بالطريقة التي تعي بها الأدمغة الحية الطبيعية.

ما هي الخلايا الجذعية التى تم استخدامها لصناعة العصبونات الدماغية؟ يُعرف الموقع الرسمي لمؤسسة مايو كلينك الخلايا الجذعية بكونها «المواد الخام بالجسم التي تتولد منها جميع الخلايا الأخرى ذات الوظائف المتخصصة»، وهي خلايا بنوية حين تنقسم تُنتج خلايا متخصصة تتمايز وتختلف عن بعضها بعضاً، إذ تُصبح خلايا دماغية أو عضلة قلب أو عظم أو خلايا الدم، وتعد الخلايا الجذعية هي الخلايا الوحيدة في الجسم التي لها هذه القدرة الطبيعية على توليد أنواع جديدة من الخلايا، وفي ظل الظروف المناسبة في الجسم أو المعمل، تنقسم الخلايا الجذعية لتشكل مزيداً من الخلايا.

وطيلة السنوات الماضية، عمل الفريق العلمي التابع لمايو كلينك على اكتشاف طُرق معملية يُمكنها أن تحول الخلايا الجذعية إلى هياكل معقدة وحساسة كتلك، التي يتألف منها الجهاز العصبي ـ المخ والحبل الشوكي والأعصاب المحيطية ـ في محاولة لفهم مجموعة من الأمراض التنكسية التي تشمل الزهايمر والتصلب المتعدد والتصلب الجانبي الضموري والشلل الرعاش.

ولسوء الحظ، وبسبب تعقيد الدماغ والحبل الشوكي، يحدث القليل من التجديد التلقائي أو الإصلاح أو الشفاء للخلايا العصبية المتضررة، وبالتالي، فإن تلف الدماغ في الغالب يكون دائماً، وغير قابل للإرجاع.

وبحسب أستاذ الأمراض العصبية ومدير مركز الطب التجديدي العصبي في مايو كلينك، الدكتور جيو جين بو، فإن العصبونات الدماغية المُولدة من خلايا جذعية ستساعد على فهم أكبر للأمراض التنكسية، كما أنها ستعالجها أيضاً في المستقبل القريب.

وأشار في تصريحات لـ «الرؤية» إلى أن استخدام تلك العصبونات لتنشيط الجهاز العصبي «اتجاه جديد في مجال الطب التجديدي الذي تنتهجه مايو كلينك».

ويرى «جيو» أن العصبونات الجديدة المُشتقة من الخلايا الجذعية يُمكن أن تُحسن من الاستجابة الترميمية للخلايا العصبية المصابة أو تلك التي تعاني خللاً وظيفياً، وهو الأمر الذي سيسهم في إصلاح عطب الجهاز العصبي.

إلا أنه يعود ويؤكد أن الأبحاث «لا تزال في مهدها»، مشيراً إلى أن الآمال «معقودة» والخلايا الجذعية قد تكون «الطريق الأمثل للشفاء من الأمراض .. كل الأمراض».