السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

خبراء: هدم «عش الدبابير» بسوريا والعراق ينشر الإرهاب في شرق آسيا

رغم القضاء على «خلافة» تنظيم داعش الإرهابي المزعومة على الأرض في العراق وسوريا، فإن سلسلة التفجيرات التي استهدفت كنائس ومنشآت سياحية في سريلانكا وأوقعت 360 قتيلاً قبل أسبوعين تدل على أن التنظيم المتطرف لجأ إلى «استراتيجية» مختلفة لتنفيذ مخططاته الإرهابية في مناطق يصعب التنبؤ بشن عمليات إرهابية فيها، معتمداً على المنتسبين للتنظيم الموجودين في خلايا منتشرة في دول العالم.

وفي خضم الكشف عن نتائج تحقيقات هجمات سريلانكا، كشفت أجهزة الاستخبارات البريطانية عن تلقيها معلومات بشأن مخططات لتنظيم داعش، بهدف تنفيذ هجمات في بريطانيا وأوروبا عبر ما يعرف باسم «خلايا التماسيح».

وتدرس الاستخبارات البريطانية خطط هذه الخلايا التي تتكون من عناصر «نائمة» تتبع التنظيم الإرهابي، وتنفذ أوامره.


وتأتي التحقيقات البريطانية عقب الكشف عن أن قائد الجماعة المتطرفة التي نفذت الهجوم الدامي في سريلانكا أخيراً، عمل بناء على أوامر تلقاها من إرهابيين بريطانيين موجودين في سوريا، بمن فيهم الداعشي المعروف باسم جون.


ويعتقد مسؤولو الاستخبارات البريطانية أن الانتحاري عبداللطيف جميل محمد تدرب في سوريا على أيدي إرهابيين بريطانيين، وأرسل إلى سريلانكا لتنفيذ مهمته الانتحارية. وأكد خبراء أمنيون أن عملية سريلانكا تشير إلى أن إرهابي داعش تحولوا إلى «العائدون من سوريا والعراق» على غرار «العائدون من أفغانستان» والذين عادوا في تسعينات القرن الماضي عقب مشاركتهم في الحرب ضد السوفيت، وشكلوا خطورة إرهابية على مناطقهم، لافتين إلى أن الدواعش هم أكثر خطورة، لأن أسلوب التوحش لدى التنظيم تجاوز أية جماعات إرهابية سابقة، كما أن عناصر التنظيم العائدين أصبحت لديهم طرق أسهل في التواصل والتنفيذ، اعتماداً على الإمكانيات الإلكترونية المتوافرة، إضافة إلى لجوئهم إلى ضرب المناطق الرخوة، والاعتماد على مجموعات محلية، تتأثر بفكر التنظيم. ورجح الخبراء أن البيئة الخصبة في دول جنوب شرق آسيا، والتي تعيش فيها أقليات دينية وعراقية متعددة، تجعلها منطقة استهداف للتنظيم الإرهابي في الفترة المقبلة.

ويفسر الباحث في شؤون الحركات المتطرفة أحمد بان ما شهدته سريلانكا بـ «ردة عكسية»، على إنهاء «الخلافة» المهزومة في سوريا والعراق، خصوصاً أن آلاف الإرهابيين الذين انهارت أمامهم أوهام «الخلافة» يسعون حالياً للرد على حالة الإحباط، بإثبات أن لهم وجوداً، وأنهم قادرون على إحداث الدمار.

وأضاف بأنه طبقاً للمعلومات والوثائق المسربة لدي قيادات داعش ما قبل السقوط، فإنها وضعت تكتيكاً لتنفيذ عمليات إرهابية في مناطق غير متوقعة، وليست على خريطة التنظيم، في إطار ما أطلقت عليه «إعادة التموضع والانتشار».

وتعد مناطق جنوب شرق آسيا بيئة خصبة لتحركات داعش، خصوصاً أنها تعد من المناطق الرخوة، والتي تنتشر فيها المذاهب الدينية المختلفة، بحسب الباحث أحمد بان الذي أكد أن ذلك يفسر اختيار التنظيم الإرهابي لتفجير كنائس في سريلانكا، رغم أن المسيحية تعد أقلية دينية في بلد يحتل فيه البوذيون الأغلبية ومن ثم المسلمون.

وأشار إلى أن التنظيم الإرهابي يهدف من وراء عمليته الأخيرة إلى إحداث أكبر قدر من الدعاية له، وخصوصاً في دول الغرب.

الدواعش العائدون

أكد الباحث في الحركات الإرهابية بمركز المسبار للدراسات عمر البشير الترابي أن «العائدون من داعش» سوف يشكلون خطورة في بلادنهم مثل «العائدون من أفغانستان»، خصوصاً في المناطق الرخوة. وأشار الترابي إلى أن خطورة هذه العناصر تزيد في المنطقة التي يعاني فيها المسلمون من كونهم أقلية، وتتحول تلك العناصر إلى نماذج تستطيع أن تستقطب عناصر جديدة، أو تجذب إليها جماعات موجودة لاستقطاب الزخم الإعلاني.

ويشير الباحث في شؤون التنظيمات الإرهابية سعد الدين حسن إلى أن العملية الأخيرة في سريلانكا تحمل بصمات داعش في التنفيذ، رغم أنه على الأرجح التي نفذتها مجموعة محلية، وهو ما يوضح أن هناك حالة من الاستقطاب للتنظيم المتطرف في هذه المنطقة، نتيجة عوامل عدة، منها أزمات الأقلية، وكذلك تأثر البعض في هذه المناطق بالخطاب الدعائي للتنظيمات الإرهابية.

ويرى حسن أن العملية لا تعد من الهجمات المباشرة لداعش، بل يمكن أن تكون نفذتها خلية عنقودية للتنظيم، خصوصاً أنه بعد هدم «عش الدبابير» في سوريا والعراق، بدأت العناصر تهرب إلى مناطق صراع أخرى، فيما سيعود آخرون إلى مناطقهم ومنها دول شرق آسيا في محاولة للثأر من انهيار «الخلافة» المزعومة.