السبت - 04 مايو 2024
السبت - 04 مايو 2024

اعتقالات وتعذيب وتكميم أفواه.. خطايا أردوغان تغلق باب أوروبا أمام تركيا

اعتقالات وتعذيب وتكميم أفواه.. خطايا أردوغان تغلق باب أوروبا أمام تركيا
منذ عقود تحاول تركيا الحصول على عضوية الاتحاد الأوربي، لكن سلطات أنقرة عكست عقارب الساعة، بحملات اعتقالات واسعة وتلاعب في نتائج الانتخابات والإصرار على اعتقال الصحفيين والنشطاء وأصحاب الرأي، وسجلت السجون آلاف المعتقلين على ذمة قضايا سياسية، وبتهم تصفها بعض المنظمات الحقوقية الدولية بأنها «ملفقة بالكامل».

الديكتاتورية في أنقرة دقت أجراس الإنذار في الاتحاد الأوربي، خاصة مع تولي أردوغان رئاسة البلاد وتعديله الدستور، وحملات اقتحام الصحف وحبس الكتاب وملاحقة حتى أعضاء البرلمان وضباط في الجيش والشرطة والتدخل في القضاء، فضلاً عن اهتزاز الاقتصاد التركي بسبب تحكم أردوغان في مسار البنك المركزي، ومغامراته في سوريا والعراق، إضافة لتحرشاته العسكرية والسياسية بقبرص واليونان، الدولتين العضوتين في الاتحاد.

حملات القمع التركي، جاءت بردود فعل عكسية تماماً في الاتحاد الذي بات بابه مغلقاً أمام إلحاح أنقره.


وقال جان باتيست لوموين سكرتير الدولة لدى وزير أوروبا والشؤون الخارجية جان إيف لودريان لإذاعة «سود راديو» الفرنسية «حالياً هذه العملية مجمدة لأن الدول الأوروبية تنتظر من أنقرة خطوات محددة بشأن عناصر مرتبطة بالحريات الأساسية».


وأضاف «بالتالي يتعين أن تقوم تركيا بمبادرات ملموسة جداً ليكون بالإمكان بحث بعض الملفات».

تركيا كان لها تاريخ طويل في التشدق بالحريات وتطبيق القانون على الجميع وحيادية القضاء وحريته، وغيرها من الشعارات التي تفعل عكسها تماماً، وأشهر من كان يفعل ذلك هو قائد انقلاب 12 سبتمبر عام 1980 كنعان إفرين، والذي كان ينفذ المحاكمات العسكرية لمعارضيه، ويُخضعهم لشتى أنواع التعذيب، وكانت أعداد كبيرة منهم تفارق الحياة، تحت وطأة التعذيب داخل المعتقلات، وعلى الرغم من ذلك كان يخرج ليتحدث عن تطبيق القانون واستقلالية القضاء.

واليوم يكور رجب طيب أردوغان ورجالاته التجربة الكنعانية، وهو ما ظهر في حديث نائبة رئيس حزب العدالة والتنمية لشؤون حقوق الإنسان ليلى شاهين أوسطا، والتي قالت «عندما تُذكر انتهاكات حقوق الإنسان في تركيا فإنني لا أتذكر واقعة واحدة أو اثنتين تأكد حدوثها بالفعل؛ لذلك يمكن اعتبار أن الحديث عن هذا الأمر لا يعدو كونه مجرد مجال يحاول البعض استغلاله ضدنا، بنشر العديد من المفاهيم والتصورات الخاطئة».

وزادت نائبة الحزب «الحقيقة أن تركيا أصبحت تتبوأ في الفترة الراهنة مكانة متقدمة في مجال حقوق الإنسان، تخطت بها أمريكا والكثير من الدول الأوروبية، التي دأبت على وصف نفسها بأنها الدول الأكثر تقدماً في مجال الحريات، وحماية حقوق المواطنين لديها».

وتابعت:«نشبّه من يتحدث عن وجود انتهاكات لحقوق الإنسان بتركيا بمن ينفخ في الرماد، لأن القانون يُطبق في تركيا على الجميع دون استثناء».

هذه التصريحات الغريبة، جاءت مناقضة بالكامل، للبيانات والأرقام التي تكشف الوجه الدموي للاستبداد في تركيا، إذ كشفت بيانات صادرة عن مؤسسة حقوق الإنسان في تركيا والعديد من المنظمات الأخرى أن أكثر من 47 ألفاً و910 أشخاص تعرضوا لأنواع مختلفة من انتهاكات حقوق الإنسان خلال الفترة من 2002 حتى 2018، حيث تعرَّض 22 ألفاً و224 شخصاً منهم لجرائم تتعلق بطبيعة عملهم، و14 ألفاً 960 شخصاً لجرائم ذهبت ضحيتها النساء، فضلاً عن 4003 أطفال تعرضوا لانتهاكات حقوقية في تركيا.

البيانات الصادمة، ذكرت أيضاً أن نحو 21 ألفاً و325 شخصاً تعرَّضوا للتعذيب والمعاملة السيئة خلال الفترة بين 2002-2018، في الوقت الذي لم تتجاوز فيه أعداد الذين تعرضوا للتعذيب في عام 2002، عندما تولى حزب العدالة والتنمية السلطة، 988 شخصاً، وأنه على الرغم من أن هذه الأعداد قد انخفضت في السنوات التالية لتولي الحزب الحاكم، إلا أنها عاودت الارتفاع مرة أخرى، بشكل كبير، اعتباراً من عام 2014، فارتفعت هذه الأعداد في هذا العام من ألف و39 شخضاً تعرض للتعذيب، لتصل إلى خمسة آلاف 671 ضحية في عام 2015، ثم خمسة آلاف و606 في عام 2016، ثم ألفين 278 في عام 2018.

وسجلت نسبة الذين وجهت إليهم اتهامات في مجال حقوق الإنسان ارتفاعاً بنسبة 43 في المئة؛ ففي حين لم تتعد فيه أعداد الذين وجهت لهم الاتهامات وفق المادة 301، التي كانت تتحين الدولة الفرصة لإقحامها من أجل قمع حرية الفكر المعارض 526 في عام 2006، وارتفع هذا العدد بعد التعديلات الدستورية والقانونية إلى 754 عام 2017؛ ما يعني أن إجمالي أعداد الذين تعرضوا لانتهاكات حرية الرأي في الفترة بين 2006-2017 بسبب المادة رقم 301 بلغ أربعة آلاف و21 مواطناً.

وفي حين لم يتعد عدد الذين وُجِّهت إليهم تهمة «الإساءة لرئيس الجمهورية» 109 أشخاص في الفترة بين 2003-2006، نجد أن هذا الرقم قد ارتفع في الفترة بين 2007-2014 إلى 895 حالة، ليبلغ الذروة خلال عامي 2015 و2017 بتسجيل 12 ألفاً 168 حالة.

وأعلنت لجنة حماية الصحفيين الدولية في تقريرها السنوي أن ما يزيد على 262 صحفياً تعرضوا للسجن حول العالم اعتباراً من عام 2017، ووضعت تركيا على رأس أكثر ثلاث دول سجناً للصحفيين، حيث يقبع في السجون التركية وحدها ما لا يقل عن 141 صحفياً وعاملاً بالإعلام، فيما صنَّفت منظمة «فريدم هاوس» الأمريكية تركيا في تقريرها عام 2018 ضمن «الدول المُقيدة للحريات»، استناداً على ما تمارسه السلطات من قمع للحقوق السياسية وفرض قيود على حرية الأفراد في التعبير عن آرائهم، وبالتالي لم يكن مُستغرباً أن يشير التقرير إلى فقدان تركيا 34 مركزاً في هذه القائمة خلال السنوات العشر الأخيرة، لتتذيل قائمة الدول الأكثر حرية في الوقت الراهن.