السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

لماذا تتفاوت معدلات وفيات كورونا بين بلدان وأخرى؟

لماذا تتفاوت معدلات وفيات كورونا بين بلدان وأخرى؟

أحد المصابين بكورونا في إيران - رويترز

تكشف أرقام الوفيات والإصابات الناجمة عن فيروس «كورونا» المستجد عن منحى يبدو أكثر فتكًا في بعض البلدان منه في بلدان أخرى.

فمنذ تفشي أزمة الفيروس التاجي المعروف بـ «كوفيد-19» في العالم، تظهر كل يوم معلومات جديدة وصادمة عن هذا الوباء، وكان اللافت هو أن هناك اختلافاً وتفاوتاً بين مختلف البلدان في نسب الوفيات.

ففي إيطاليا، توفي نحو 10% من الأشخاص المصابين، وفي إيران وإسبانيا تزيد نسبة الوفيات على 7%، أما كوريا الجنوبية فكانت نسبة الوفيات أقل من 1,5، وفي ألمانيا 0,5%.


فما سبب ذلك؟


يرجح العلماء أن الإجابة تستند على 3 عوامل، وهي عدد الأشخاص الذين يجرى لهم فحص الكشف عن الفيروس، وعمر السكان المصابين، ومستوى النظام الصحي في كل دولة واهتمام نظامها السياسي بهذا القطاع.

وبحسب موقع NPR يقول الدكتور ستيفين لورانس خبير الأمراض المعدية وأستاذ مساعد في كلية الطب بجامعة واشنطن، إن معدلات الوفيات مربكة للغاية، وإن الأرقام قد تبدو مختلفة حتى لو كان الوضع الفعلي هو نفسه.

لذلك، من المحتمل أن يكون الاختلاف الواضح بين وفيات ألمانيا وإيطاليا مبنياً على معلومات مضللة، وسيتقلص هذا الاختلاف مع حصول العلماء على المزيد من البيانات، بحسب لورانس.

وأحد الأسباب الأخرى هو الطريقة التي تراقب بها البلدان الوباء، ويشير لورانس إلى أن معدلات الوفيات ستنخفض مع مرور الوقت، والسبب هو عندما يظهر مرض جديد، تتركز الاختبارات عادة على الأشخاص المصابين بأعراض شديدة، والأكثر عرضة للموت.

وبعد ذلك من المرجح أن تشمل الاختبارات الأشخاص الذين يعانون من أعراض أخف والأقل عرضة للوفاة.

وهذا السيناريو يذكرنا بفيروس غرب النيل الذي ظهر في الولايات المتحدة في عام 1999.

وفي بدايته عندما عرف العلماء معلومات عن عشرات الحالات فقط، ظهر أن معدل الوفيات كان أعلى من 10%، لكن مع توسعة الاختبارات كانت النتيجة في نهاية المطاف، تبين أن مئات الآلاف من الأشخاص أصيبوا بالمرض ولم تظهر عليهم أعراض شديدة ليتم تشخيصها، وأظهرت الإحصاءات أن ما يقارب 3 ملايين أمريكي أصيبوا بالعدوى، و1% فقط كانت أعراضهم شديدة.

وإذا انطبق هذا النمط على فيروس «كوفيد-19»، فمن المرجح أن تشهد إيطاليا التي اعتدت آلية اختبار المصابين فقط، انخفاض معدل الوفيات الحالي بشكل كبير.

لكن ألمانيا التي اتبعت آلية اختبار المرضى المصابين بأعراض خطيرة والمصابين بأعراض خفيفة منذ البداية، احتمال تغيير معدل الوفيات بها قليل جداً.

ويتم حساب معدل الوفيات في كل دولة بقسمة عدد الوفيات على عدد الإصابات، ولكن المشكلة أن هذه الأرقام قد تكون غير دقيقة في الوقت الحالي.

على سبيل المثال، عندما يبدأ تفشي مرض معين، ولا يبحث مسؤولو الصحة عن الفيروس بالشكل اللازم، قد يموت بعض الأشخاص بدون تشخيص، وبالتالي هذه الوفيات غير المحسوبة ستقلل معدل الوفيات.

والسيناريو الأكثر ترجيحاً هو أنه في بداية تفشي المرض، يقتصر التشخيص على المصابين داخل المؤسسات الصحية، وهذا يعني أن العدوى التي تحسب هي في الأشخاص الأكثر عرضة للوفاة وهو ما جعل الفيروس يبدو أكثر انتشاراً.

وهذا أحد الأسباب التي تجعل معدلات الوفيات في الصين تبدو عالية جداً في البداية.

ويقول جيراردو شويل، أستاذ علم الأوبئة والإحصاء الحيوي في قسم علوم صحة السكان في جامعة ولاية جورجيا الأمريكية، وهو أحد أعضاء الفريق الذي يعد إحصائية دراسة تفشي المرض في الصين وكوريا الجنوبية، إنه عندما بدأ ظهور الحالات في مدينة ووهان، تفاجأ المسؤولون الصحيون، وافتقروا للقدرة على اختبار العديد من المرضى، وكانت الفحوصات مقتصرة على المرضى في المؤسسات الصحية فقط، وساهم ذلك في الأدلة المبكرة على أن عدد الوفيات في ووهان كان 4% أو أكثر بسبب عدم إحصاء الإصابات بالشكل الصحيح.

وقدرت دراسة نشرت الأسبوع الماضي، أنه نسبة وفاة مريض كورونا كانت 1.4% فقط.

على عكس ما حدث بكوريا الجنوبية التي أجرت اختبارات ضخمة منذ اكتشاف الحالات الأولى، ونتيجة لذلك تمكنت من رصد المصابين باختلاف نسبة الأعراض، وهذا أحد أسباب انخفاض معدل الوفيات الذي كان أقل من 2%.

والاختبارات ليس السبب الوحيد لتفاوت معدلات الوفيات، إذ أن هناك سبباً آخر وهو أن بعض البلدان تعاني من نظام صحي هش وغير قادر على تشخيص وعلاج الحالات كما حصل في إيران.

وهذا السبب كان أحد أسباب ارتفاع معدل الوفيات في ووهان في البداية، إذ لم تقوَ المستشفيات المحلية على التعامل مع الكم الهائل من المرضى والمصابين بفيروس كورونا.

فنظام الرعاية الصحية يساهم بدرجة كبيرة في معدل الوفيات، ففي بعض الأنظمة لا يوجد ما يكفي المصابين من أسرة العناية المركزة وأجهزة التنفس لتغطي المصابين، وهذا ما حصل في إيطاليا.

ويرى لورانس أن الأمر يحتاج إلى نوع مختلف من الاختبارات لتقييم مدى الإصابة بالفيروس، حيث إن معظم التشخيصات الحالية تكشف فقط العدوى النشطة في الجسم.

وبحسب لورانس هناك نوع مختلف من الاختبارات يتم تطويره حالياً، يمكن من الكشف ما إذا كان الشخص أصيب بالعدوى أم لا.

وسيساعد هذا العلماء لتحديد المقام الحقيقي لفيروس كورونا، وتحديد معدلات الوفيات الحقيقية.

وأشار لورانس إلى أن الفيروس التاجي الجديد يقتل ما بين 12 و61 ألف شخص سنوياً.