الاثنين - 06 مايو 2024
الاثنين - 06 مايو 2024

ثوار بيروت لـ«الرؤية»: بدنا نعيش بكرامة وبلا طائفية وسنحاسب الفاسدين

في ليلة شتوية ممطرة، يلملم شباب ساحة الشهداء بوسط العاصمة اللبنانية بيروت ما تبقى من أعمدة الخيام التي هدمها بعض أنصار حركة أمل وحزب الله الرافضين للتظاهرات، ليصنعوا بها تمثالاً لطائر الفينيق الأسطوري الذي يخرج بعد حرق المدن من تحت الرماد ليعيد الحياة إلى المدن المحترقة مرة أخرى.



وتقول آية يونس (24 عاماً) المتظاهرة في ساحة الشهداء لـ"الرؤية" إن هذا التمثال لطائر الفينيق فكرة حياة ناظر إحدى الناشطات في الساحة التي وقفت ونظرت إلى الخيام المحطمة على يد البلطجية وبدأت تفكر ماذا نفعل بهذه الأعمدة المحطمة، كي توصل رسالة، فكان أحسن اختيار هو تصميم نموذج لهذا الطائر وما تحمله ذاكرة اللبنانين عنه ."



أمام التمثال يقف إيلي كيروز (39 عاماً) يحكي عن سبب خروجه للمظاهرات قائلاً: " أنا وضعي المادي أحسن من غيري ولكن ليس معنى ذلك أنني بمنأى عن تردي الوضع الاقتصادي، فالاقتصاد الجيد سينعكس على الجميع، ليست فقط قصة اقتصاد لكن أصبحت قصة كرامة، السياسيون أخدينا تحصيل حاصل، يفعلون ما يحلو لهم يضعون ما يريدون ويحذفون ما يريدون ونحن صامتون ."



ويضيف إيلي، الذي يعمل في مجال الإعلانات، "نزلنا قبل المطالبة بالحقوق كي نخبرهم فقط بأننا موجودون وأننا صرنا سلطة محاسبة.. ونحن بدنا كرامتنا وعندما نحصل على كرامتنا تأتي حقوقنا بصورة أتوماتيكية عقب الكرامة.. الموضوع أبعد من المي والكهرباء والطرق والصحة، هي الكرامة أنه حد يتعامل معنا على أننا موجودين".



ويعيش لبنان منذ 17 أكتوبر على وقع حراك شعبي لم يسبق له مثيل ضد الطبقة السياسية المتهمة بالفساد وبالمسؤولية عن تدهور الوضع الاقتصادي، أدى إلى استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري. وبعد أسابيع من التظاهرات والمباحثات بين الأحزاب المشاركة في الحكم، اختير الأستاذ الجامعي ووزير التربية الأسبق حسان دياب في 19 ديسمبر ليشكل حكومة جديدة.



ويتابع إيلي "الطبقة السياسية بينت أنها فشلت في إدارة بلد ضمن نظام معين، نحن نزلنا كي نقول لهم إننا يمكن أن نعمل نظام أحسن منكم وبدنا نحاسبكم وإننا موجودون ،الناس نازلة تقول ما بدنا حرب بدنا نعيش سوا مثل ما هم عايشين بسلام ."



ويقول الشاب اللبناني الذي يحمل هموم جيل ويعبر عن مطالب الكثير من الشباب اللبناني المحبط: "مطالبنا واحدة وهي أننا نريد الإجابة عن السؤال كيف الطبقة السياسية بطريقتها التي تمارس بيها السياسة يقولوا إنهم مش معبرين الشعب اللي على الأرض ".



أما غنوة (25 عاماً)، وهي طبيبة أسنان تشارك في الحراك من أول يوم، فتقول لـ "الرؤية": " كليتنا محتاجين وكليتنا عايشين بذل أنا والدي مسافر بدولة عربية حتى يقدر يدفع لي قسط الجامعة عائلتنا جميعها مفككة، أخي بأسكتلندا، وأختي وأبي بالخليج وأنا وأمي لحالنا هنا ببيروت، كل الشعب عم يتهجر كرما ليأمن لقمة العيش، لازم كل أسرة يكون فيها حد بالخارج يصرف عليها، ولكن إحنا بقينا عارفين أن هذا البلد عنده قدرة وطاقة.



ووعد رئيس الوزراء المكلف حسان دياب فور تسميته بتشكيل حكومة تضم اخصاصيين مستقلين خلال 6 أسابيع، آملاً بذلك في تلبية تطلعات الشارع، وإنقاذ البلاد من أسوأ أزمة اقتصادية اجتماعية تمر بها منذ نهاية الحرب الأهلية في الفترة من 1975 إلى 1990.



وترى غنوة أن "الطائفية الدينية هي التي أخرجت الناس للتظاهر فتقول " خلوا الشارع دايماً خايف من بعضه فالمواطن عنده حواجز نفسية ومعنوية، فأنا أعتقد أن الدرزي بده يغدرني والرومي ما يحب الماروني، والماروني ما يحب الشيعي، في حين ثروة البلد مع واحد% من الشعب اللبناني، جيلي كله تربى على "هل أنت مسلمة ولا مسيحية ولو مسلمة سنية ولا شيعية؟، كلنا مقسمين طوائف وليس أنا لبنانية وأعيش معهم بنفس البلد ".



وتضيف طبيبة الأسنان الشابة "كنا منذ 15 عاماً مسلم ومسيحي، الآن بتنا مسلم سني ومسلم شيعي، ومسيحي رومي ومسيحي ماروني ودرزي وغيره وغيره ، على ما بيقدروا قسمونا شقفة شقفة".



كان تكليف دياب بدعم من حزب الله أثار غضب فئة من المتظاهرين، وبالأخص مناصري رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري. ويواصل المحتجون التظاهر والمطالبة بتغييرات لكن التحركات السياسية تتسم بالبطء حيث مضي نحو 10 أيام على تكليف دياب دون ظهور بوادر لتشكيل الحكومة والأزمة مرشحة للاستمرار.



وخرجت تظاهرات، الأحد، وسط بيروت تلبية لدعوات أطلقها ناشطون أمس تحت اسم "أحد المحاسبة"، رغم رداءة الطقس. وتجمع عشرات الشبان أمام المبنى الذي يقطن فيه دياب، وسط انتشار لعناصر من قوى الأمن الداخلي في محيط المبنى، ورددوا هتافات رافضة لتكليفه.