الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

معركة إدلب.. نهاية لسفك الدماء السورية أم بداية لتمرد سري مسلح

معركة إدلب.. نهاية لسفك الدماء السورية أم بداية لتمرد سري مسلح

حذرت صحيفة «الغارديان» البريطانية من أن استعادة الجيش السوري لمحافظة إدلب لا يعني نهاية سفك الدماء في شمال البلاد، فقد يلجأ المسلحون المدعومون من الخارج إلى إعادة تجميع صفوفهم واستهداف الحكومة عبر العمل السري.

وقالت الصحيفة إنه بعد استمرار العنف لنحو عقد من الزمان في شمال سوريا، تخضع غالبية المنطقة في الوقت الحالي لسيطرة الجيش السوري أو القوات التركية أو القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة، لكن ذلك لن ينهي العنف.

ويرى الخبراء أن المسار الثابت للنزاع هو سيطرة الحكومة السورية على كافة المنطقة على الرغم من المشاكل المستمرة، ولم تتحقق تحذيرات الخبراء من تجدد التطرف حتى الآن.

وعلى الرغم من ذلك فإن تفكك الوضع في الشمال السوري الذي كان خاضعاً لسيطرة الفصائل المسلحة يستحق الاهتمام، ليس فقط بسبب الصراع المستمر الذي تسبب في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية، حيث نزح ما يقرب من مليون شخص حتى الآن، بل لأن هذا الصراع سيحدد مصير جيل كامل.

وحسب تقرير «الغارديان»، اليوم الأحد، تعد منطقة إدلب مميزة ومؤهلة لهذا الدور المستقبلي للمسلحين (العمل السري) لسببين أولهما أنها المكان الذي وفد إليه مسلحون وإرهابيون رفضوا الاستسلام في أماكن أخرى من البلاد، ويتجمع فيها الآن العديد من المعارضين ليس المقاتلين فقط.

أما السبب الثاني فيعود إلى أبعد من ذلك، فالمناطق المحيطة بإدلب كانت نقطة انطلاق التمرد ضد الرئيس السوري السابق حافظ الأسد في السبعينات والثمانينات ولذلك لعبت دوراً مماثلاً بعد عام 2011،كما أن لدى إدلب ما يكفي للحفاظ على التمرد السري ضد الحكومة السورية، ومن المحتمل أن ينتشر بسرعة إلى المناطق الهادئة في أماكن أخرى من البلاد، وفي الواقع من الممكن أن تقوم إدلب بتمرد سري على مستوى البلاد بأساليب أخطر من المعارك السابقة.

مناطق شمال غرب سوريا كانت تابعة لسيطرة الجماعات المتطرفة، دون أي مقاومة من أهلها الذين استمروا في محاربة الحكومة السورية بدلاً من التمرد على هذه الجماعات الإرهابية، مما مكنهم من بناء بنية تحتية ذات نفوذ محلي ساعدهم في الحفاظ على التمرد لوقت طويل. ويعيش في المنطقة أكبر عدد من الشباب الذين حملوا السلاح أثناء النزاع.

وقال التقرير إن روسيا استطاعت تحقيق الهدف الأكثر أهمية بتدخلها العسكري المباشر في عام 2015، وهو تهدئة مناطق المتمردين من خلال اتفاقات وقف التصعيد التي توصلت إليها مع تركيا، وقسمت روسيا المتمردين عن طريق تحويل المجهود الحربي إلى منطقة واحدة، مما سهّل للحكومة السورية استعادة مناطق المتمردين، لكن لم تتمكن هذه الاستراتيجية من حل المشاكل الأساسية للصراع في إدلب.

وأوضح التقرير أن التحول إلى التمرد يأتي عادة بعد انتهاء القتال على الأرض. لذلك، بمجرد أن يفقد المسلحون جيبهم الأخير في شمال غرب سوريا، فمن المرجح أن يشنوا تمرداً تحت الأرض ويتواصلوا مع الشبكات الحالية والكامنة في شرق ووسط وجنوب سوريا.

وقد لعبت هذه الأنماط من قبل بفعالية، وعلى سبيل المثال العراق حيث استغرق الأمر سنوات حتى تمكن المسلحون المهزومون في العراق من إعادة تجميع صفوفهم وإعادة بناء شبكتهم التي أصبحت أكثر تطرفاً وعنفاً وتمثلت في ظهور تنظيم داعش الإرهابي. وأشارت «الغارديان» إلى أن الجهاديين السوريين ناقشوا فترة طويلة هذه الاستراتيجية كسيناريو مستقبلي، لكن حتى الآن كان عليهم تحديد أولويات المعركة الحالية.

واختتم التقرير بالقول إن النهج الروسي، المتمثل في إعادة السيطرة على المناطق، لا يحل مشكلة طويلة الأمد للنظام السوري الذي مازال يعاني ضعف القوة البشرية للسيطرة الكاملة على مناطق واسعة وضبطها. وفي العديد من الحالات، فإن عودة دمشق إلى المناطق التي كان يسيطر عليها المسلحون في السابق لا تزيد عن رفع العلم السوري هناك، وهو ما يرجح احتمالات تحول المسلحين من القتال التقليدي إلى العمل المسلح السري.