الثلاثاء - 30 أبريل 2024
الثلاثاء - 30 أبريل 2024

سوريا على أبواب العام العاشر للحرب.. والمدنيون أكبر الضحايا

سوريا على أبواب العام العاشر للحرب.. والمدنيون أكبر الضحايا

دخل الصراع في سوريا، اليوم الأحد، عامه العاشر وسط تحقيق الجيش السوري بدعم روسي تقدماً كبيراً نحو استعادة كامل الأراضي التي تسيطر عليها الجماعات والفصائل المسلحة المدعومة من تركيا التي تصر على تأجيج الصراع في الدولة العربية بتدخل سافر وانتهاك واضح لسيادتها.

ويأتي ذلك في ظل استمرار المأساة التي بدأت بثورة شعبية، مطالبة بإصلاحات لتتحول البلاد إلى ساحة صراع وحرب بالوكالة يريد من ورائها كل طرف تحقيق مكاسب على حساب الشعب السوري، حيث يتعرض شمال البلاد هذه الأيام، لمأساة إنسانية هائلة ودمار واسع، تتحمل مسؤوليته جميع الأطراف.

وفي ختام العام التاسع للصراع مُنيت القوات التركية التي تواصل اعتداءها على الأراضي السورية بخسائر كبيرة، حيث قتل الجيش السوري أكثر من 30 جندياً تركياً بعد توغلهم في داخل شمال سوريا لتزداد الأمور سوءاً وتوشك الأمور على الاشتعال بين سوريا وروسيا من جهة والمحتل التركي من جهة ثانية.

حين اندلعت الاحتجاجات السلمية منتصف مارس 2011، لم يتخيل المتظاهرون أن مطالبهم بالديمقراطية والحريات ستكون مقدمة لأكبر حروب القرن الـ21، وأن حراكهم الذي سرعان ما واجهته قوات الأمن بالقوة والقمع سيتحول إلى حرب مدمرة تشارك فيها أطراف عدة، خصوصاً مع صعود نفوذ التنظيمات الإرهابية.

وبعد مرور 9 سنوات، ما زال الرئيس بشار الأسد على رأس السلطة، وباتت قواته التي تدخلت روسيا عسكرياً لصالحها عام 2015 وتتلقى دعماً إيرانياً، تسيطر على 70% من مساحة البلاد وتعمل على توسيع نطاق سيطرتها، وآخر ما حققته تقدم استراتيجي في محافظة إدلب (شمال غرب) حيث سُجلت أسوأ كارثة إنسانية منذ بدء النزاع.

ويتزامن دخول النزاع عامه العاشر مع بدء روسيا الداعمة لدمشق، وأنقرة الداعمة للفصائل المسلحة والتنظيمات الإرهابية، لدوريات مشتركة لأول مرة في إدلب، تطبيقاً لوقف إطلاق نار توصلتا إليه دخل حيز التنفيذ الأسبوع الماضي وأوقف هجوماً تسبب في فرار نحو مليون شخص، في أكبر موجة نزوح منذ اندلاع النزاع، وفقاً لأرقام المنظمات الدولية.

المدنيون أكبر الضحايا



وأودت الحرب بحياة 384 ألف شخص على الأقل بينهم أكثر من 116 ألف مدني، وفق حصيلة نشرها المرصد السوري لحقوق الإنسان السبت، وخلّفت عدداً كبيراً من الجرحى والمعوقين عدا عن عشرات آلاف المعتقلين والمفقودين.



وبحسب الأمم المتحدة، نزح أكثر من 6 ملايين سوري داخل البلاد، يقيم عدد كبير منهم في مخيمات عشوائية بينما بات أكثر من 5.6 مليون سوري لاجئين في دول أخرى، ولاسيما لبنان وتركيا والأردن.



وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: «يدفع المدنيون الثمن الأكبر في سوريا، ولم يجلب عقد من القتال إلا الدمار والفوضى».

دمار وتهجير



في مدينة الدانا بإدلب حيث تقيم مع عائلتها بعد محطات نزوح عدة أعقبت فرارها من مسقط رأسها في مدينة حلب، إثر النزاع في نهاية عام 2016، تقول حلا إبراهيم (35 عاماً): «9سنوات من الثورة كانت كافية لإيضاح عمق الألم الذي مرّ بنا من تهجير قسري ونزوح وقصف وشهداء».



وتضيف وهي أم لأربعة أطفال وتعمل في متابعة ملف مفقودي الحرب «فقدنا كل شيء في لحظة واحدة»، موضحة أن الحرب حرمتها الكثير «تركت جامعتي وعملي ومنزلي الذي قصف ولا أعلم حتى اللحظة شيئاً عنه».



وألحقت الحرب دماراً كبيراً بالمنازل والأبنية والبنى التحتية والمدارس والمستشفيات، واستنزفت الاقتصاد وقطاعاته على وقع انخفاض قيمة الليرة مقابل الدولار بشكل غير مسبوق وارتفاع قياسي في أسعار المواد الاستهلاكية.



وترزح الفئة الأكبر من السوريين تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة، في وقت يحتاج ملايين الأشخاص إلى «الدعم لإعادة بناء حياتهم وموارد رزقهم .. وخلق وظائف ومصادر دخل والحفاظ عليها».



وأوردت في تقرير قبل يومين أن «الناس بحاجة إلى المساعدة للتعامل مع التداعيات النفسية والعقلية التي نجمت عما مروا به خلال سنوات الحرب».



في مخيم للنازحين في ريف إدلب الشمالي، تقول سهام عبص (50 عاماً): «لم أرَ أصعب من هذه الأيام»، مضيفة بحسرة «لم أرَ ولديّ وهما في الغربة منذ 10 سنوات».



وتسأل «لماذا فعلوا بنا هذا؟ الثورة تعني أن نبقى في منازلنا لا أن نتشرّد»، مضيفة «الطيران فوقنا وروسيا وإيران والدول كلها علينا».

ساحة مبارزة



مع دخول الحرب عامها العاشر، تحوّلت سوريا ساحة تتبارز على جبهاتها جيوش دولية ضخمة.

وتنشط في سوريا اليوم 5 جيوش نظامية على الأقل، غير المجموعات المحلية أو الخارجية الصغيرة الموالية لهذه الجهة أو تلك، ولكل قوة دولية أهدافها ومصالحها الخاصة. ينتشر إيرانيون من قوات «الحرس الثوري» ومقاتلون لبنانيون وعراقيون وقوات روسية بطائراتها وعسكرييها في مناطق سيطرة قوات الجيش السوري.

وتنتشر شمال شرق البلاد قوات أمريكية في مناطق سيطرة الأكراد الذين أنشؤوا إدارة ذاتية باتت مهددة بشدة بعد شن تركيا ثالث هجوم عسكري على مناطقهم في أكتوبر.



ولا تكفّ الطائرات الحربية الإسرائيلية عن اختراق الأجواء واستهداف مواقع للجيش السوري أو للمقاتلين الإيرانيين وحزب الله، وهدفها المعلن منع الإيرانيين من ترسيخ وجودهم.



وتسيطر القوات التركية على منطقة حدودية واسعة في سوريا وتنشر قواتها في إدلب، حيث من المقرر أن تبدأ الأحد تسيير دوريات مشتركة مع موسكو على طول طريق دولي يعرف باسم «أم 4» يربط محافظة اللاذقية الساحلية بمدينة حلب.



ويأتي تسيير الدوريات تطبيقاً لوقف إطلاق نار بدأ سريانه في السادس من الشهر الجاري ووضع حداً لهجوم واسع بلغ ذروته مع مواجهات عسكرية بين الجيشين التركي والسوري.



ولطالما كررت دمشق عزمها استعادة السيطرة على كافة المناطق الخارجة عن سيطرتها بالقوة أو عن طريق المفاوضات، فيما فشلت جهود المجتمع الدولي في تسوية النزاع سياسياً.



وقال الأمين العام للأمم المتحدة الخميس «لا يوجد حل عسكري. حان الوقت الآن لإعطاء الدبلوماسية فرصة للعمل».